كتبت صحيفة " لاَكروا " الفرنسية، في صفحتها الرئيسية وصفحتين داخليتين، ضمن ملف حمل عنوان: « أي مستقبل من أجل الجزائريين »؟ أن الانهيار المستدام لأثمان المحروقات في الجزائر دفع البلد للدخول في حقبة من التقشف، وهو ما يهدد بانفجار حالة من الغضب في الشارع الجزائري
وتحدثت الصحيفة عن خسارة البلد، في العام الماضي، لنصف العائدات الخارجية، وهو ما دفع مصرف الجزائر إلى التخفيض من قيمة الدينار، واضطُرت معه حكومة عبد المالك السلال إلى الحد من استيراد العديد من البضائع، وبسبب تراكم إجراءات التقشف وازدياد الأسعار التي قدّرتها الحكومة سنة 2016 بـ (6.2) في المائة، فإن الحياة اليومية للمواطنين ازدادت سوءا.
ولم يقتصر استياء المواطنين على القطاع الخاص، بل امتد إلى القطاع العمومي في نهاية سنة 2016، وشهد حركات اجتماعية تحتج على إلغاء الحق في التقاعد النسبي دون اشتراط سنّ معينة، وتتحدث الصحيفة عن تواصل هذه التظاهرات والاحتجاجات، منذ الأحد الماضي، في عدة ولايات، بعد تصويت البرلمان على هذا الإصلاح.
كما أن قانون المالية لسنة 2017 (الذي تحدث عن تأزم لا مفر منه في مستوى عيش الجزائريين) ساهم بدوره، في تفجير حركات اجتماعية غاضبة، تحولت في مدينة بجاية بمنطقة القبائل، إلى أعمال شغب. وقد هاجم شباب غاضبون قوات الأمن وقاموا بنهب محلات تجارية ومنشآت عمومية، وانتقلت عدوى الاضطرابات إلى عدة مدن ووصلت إلى تخوم مدينة الجزائر العاصمة.
وتذكّر الصحيفة الفرنسية بأن السلطات تخشى حدوث سيناريو شبيه بما حدث سنة 2011، حين جرت أعمال شغب، تواكبت مع الانتفاضة في الدولة المجاورة تونس، بعدة مدن جزائرية، مما تسبب بوقوع قتلى وجرحى.
وإزاء هذه الوضعية المقلقة، لا تملك السلطات الجزائرية سوى المزاوجة بين العصا والجزرة، بحسب الصحيفة؛ فوزير الداخلية لم يُخف أن الرد سيكون بالقمع الشديد، مع التأكيد في وسائل الإعلام الرسمية على أن الحكومة لن ترفع الدعم، هذه السنة 2017، عن المواد التي يتم استهلاكها بشكل واسع، ولكن الحكومة الجزائرية التي اشترت السلم الأهلي في الماضي تعرف أن الظروف ليست مُناسِبةً لها الآن، لإعادة التجربة؛ إذ تنقل الصحيفة عن نائب في المعارضة قوله: « سنة 2011 صبت الحكومة أموالا عمومية طائلة، ووزعت قروضا كثيرة على الشباب من أجل ضمان هدنة خلال بضع سنوات، ولكنها لا تستطيع فعل ذلك، اليوم، بل العكس هو ما تهيئه للجزائريين ».
ويتسم النصف الثاني من الولاية الرئاسية الرابعة لعبد العزيز بوتفليقة، بخطورة بالغة، كما تقول الصحيفة، وذلك بسبب الأزمة الاقتصادية التي سببها انخفاض أسعار الخام، ومن هنا فالهامش المتبقي للرئيس ولأغلبيته، هو بتنفيذ سياسة تقشف، ولن يحقق ذلك المعجزات، وهنا لا يخفي أحد المقربين من رئيس الجمهورية أن « مخاطر زعزعة نظام الرئيس بوتفليقة، الذي يعاني، في آن واحد، من ضعف جسدي وسياسي بسبب قضايا الفساد، هي مخاطر جدية، ويمكن أن تظهر في هذه السنة »، وهو ما يتطلب، كما يقول اقتصاديون جزائريون عديدون « الخروج من نموذج التبذير في توزيع الريع النفطي، لأن الريع النفطي أصبح، الآن، خارج الجزائر ».