في كل يوم تقريبا تبتعد الجزائر خطوة اضافية مبتعدة عن الديمقراطية ودولة المؤسسات والقانون، فالسلطة القائمة حاليا غير جاهزة وغير مستعدة لتسديد كلفة انشاء دولة قانون ومؤسسات، وفي كل يوم تقريبا تبتعد الجزائر أكثر عن القانون وعن المؤسسات وتنحدر إلى عمق الحفرة، هذا الكلام القاسي ، هو في راينا تعبير صادق عن الوضع الحالي، فالسلطة تضطر لتوظيف آلاف الانتهازيين والاستعانة بهم من أجل ممارسة الوصاية السياسية على الشعب وكل هذا العدد الضخم من الانتهازيين يمارسون أسوا أنواع الابتزاز والاستغلال مع السلطة القائمة، كل واحد منهم لديه قصة فساد صغيرة، وهو يجد نفسه محميا بحاجة السلطة اليه ، وبهذه الطريقة يتكاثر الفساد و يتوالد تماما مثل الخلايا السرطانية، ويتحول من مسألة وجود مجموعة من الاشخاص الفاسدين في كل الدولة إلى وجود عشرات بل مئات الفاسدين في كل مدينة، ولهذا السبب فإن الجزائر تبتعد رويدا رويدا عن الديمقراطية والقانون والمؤسسات وتنحدر إلى مستوى خطير من غياب القانون.
و بينما تسير الجزائر باتجاه التحول إلى بلد لا قانون لا يجد بعض المسؤولين الجزائريين أي حرج في الحديث عن وجود قانون و وجود مؤسسات، في بلد يعامل فيه صاحب الراي المستقل والمعارض معاملة العدو ،عندما يتمكن المواطن العادي من مقاضاة وزير أو رئيس جمهورية ، ومن انتزاع حقوقه بحكم قضائي في هذه الحالة يمكننا الحديث عن وجود دولة مؤسسات ودولة قانون، و عندما يتمكن قاضي محكمة من محاكمة وزير أو والي دون أن يخاف على منصبه ، يمكننا في تلك المرحلة أن نتحدث عن دولة قانون ومؤسسات، وعندما يرفض برلمان اقتراحا لتعديل الدستور يتقدم به رئيس جمهورية ، وعندما يتمكن عضو برلمان من مسائلة رئيس جمهورية ، عندها فقط يمكننا أن نتحدث عن دولة قانون ومؤسسات، أما اليوم فيجب علينا الاعتراف بأننا نعيش تحت نظام سياسي يمارس الوصاية على الشعب باستعمال واجهة ديمقراطية، ومؤسسات وضعت خصيصا لخدمة سلطة تنفيذية مركزية السلطة القائمة حاليا غير جاهزة لتحمل كلفة انشاء نظام ديمقراطي حقيقي بعيدا عن الوصاية على الشعب، كما أنها غير قادرة على تحمل تبعات انشاء دولة قانون ودولة مؤسسات.
قبل ايام كنت مع صديق فرنسي قال لي متحديا " نحن في فرنسا لدينا دولة قانون " ، ورغم حسرتي الشديدة، فإنني قلت له الجزائر ايضا تسير في اتجاه خلق ديمقراطية .
سفيان حنين