عام 1975 أي لم يمر سوى 13 سنة على ما يسمى استقلال الجزائر يدخل بعدها حكام الجزائر محرقة أكلت الأخضر واليابس ، وأحرقت معها مئات الآلاف من ملايير الدولارات ، بعد 13 سنة أي عام 1975 لم يكن الشعب الجزائري قد خرج من الاقتتال فيما بينه حول منازل تركها الفرنسيس، وكم مات من أجلها في اقتتال همجي هو أشبه باقتتال الوحوش الضارية فيما بينها ، هذه هي الجزائر التي أرادت إعادة إنتاج ميلاد دويلة جمهورية الصحراء الغربية باعتبار الجزائر نموذجا يمكن أن يتمخض عنه منتوج جديد لأن عقلية عسكر بوخروبة هي هي ، أما الشعب الجاهل فهو يعيش بين الرعب والجهل المُطْبِق بما يجري حوله.
أولا : القذافي والحركي الحاكم في الجزائر ضيعوا المال كأنهم صبوا الماء في الرمال :
مع بداية عام 1975 ظهرت أوراق مجهولة الأصل كتبها مجهولون تتضمن بعض الأدبيات التاريخية عن الجمهورية العربية الصحراوية قبل أن يستعمرها الاسبان وهو كذب صراح !!!! وكانت هذه الكتابات تفتقر لأي سند أكاديمي مُحَكَّم ( مثلا نقول مجلة مُحَكَّمَة أي تلك التي لاتنشر إلا البحوث التي حققها ودققت أفكارَها لجنةُ من العلماء المتخصصون في الميدان حيث تكتسب تلك المجلة العلمية قيمتها ومكانتها العلمية من أسماء أعضاء لجنة التحكيم التي حققت ما جاء فيها ) قلت ُ وكانت تلك الكتابات تدَّعي باطلا أنها مرجعا في تاريخ الجمهورية العربية الصحراوية الديمقراطية ، وقد كان فطاحل التاريخ واللغة العربية – على قلتهم - وشيوخ العلوم الدينية والدنيوية في الجزائر لا يعرفون ما يجري حولهم ، وكانوا يبررون تلك الأباطيل التي يطلعون عليها بقولهم " ما دخلت السياسة شيئا إلا أفسدته ، وكأنهم بذلك يسكتون عن نشر الأباطيل الذي زادها الجبن والطمع تغولا في دواخلهم ...ولا يزال..
قبل أن تنتهي سنة 1975 استيقظ بوخروبة ويقال له بومدين ، استيقظ على خبر جاءه من أخيه وحبيبه حاكم ليبيا الوقح المدعو القذافي بأن مواد للبناء قادمة إلى الجزائر ، فاستعد بومدين لاستقبال دفعات هائلة من مواد البناء ،منها الخفيفة ومنها الثقيلة استعدادا لفكرة بناء منزل صغير على أرض عارية ظهرت جنوب غرب الجزائر لها حدود قصيرة الطول جدا من الجانب الغربي للجزائر ، تأكد لهما ( القذافي وبومدين ) وحسب قناعاتهما التي تقلب الحقائق وتزور التاريخ بل تصنع بعضا منه ، تأكد لهما أن لا مالك لهذه الأرض ويمكن الترامي عليها والعبث فيها وصنع شيء قد يسمى دويلة أو كيان أو أي شيء ( مثلما فعل القذافي عبثا بفترة من تاريخ ليبيا لا وجود لها اليوم البثة ، فترة كالجذام ينفر الشعب الليبي كله من تذكرها لأنها بترت أعز ما يملك الشعب الليبي وهو إحساسهم بالوجود ، فهم اليوم يبحثون عن شيء يربطهم بما قبل 1969 ) تبين للقذافي وبومدين أنها أرض خلاء لا مالك لها ويمكنها أن تكون فكرة لبناء دويلة صغيرة يستفيذ منها الدولتان العظيمتان ، تبين فيما بعد أن الذي وسوس لهما بالفكرة هو ديكتاتور إسبانيا المقبور الجنرال فرانكو ، استحوذت الفكرة على الجماهيرية العربية الليبية العظمى ، وقارة الجمهورية الجزائرية الديقراطية الشعبية ، فكرة بناء منزل صغير قد تكون مدخلا ودعما جديدا لوحدة مغاربية مهلهلة ( كما يفهمانها ) ... ولتعميق الفكرة وبعد أيام قليلة من وصول مواد البناء من القذافي التقى هذا الأخير بحبيبه وأخيه بومدين فاجتمعا ومعهما كبار الجنرالات المُكَرَّشين وغير المكرشين ، كان جوهر النقاش يدور حول فكرة ظهور أرض خلاء لامالك لها جنوب غرب الجزائر وبقيتها تمتد على طول الجمهورية الإسلامية الموريتانية ( التي لا وجود لها في نظرهما فهي لا شيء بالنسبة للقائدين العظيمين القذافي وبومدين ) سلبت الفكرة عقول القذافي وبومدين والجنرالات المكرشين واستسهلوا تنفيذها وشرعوا فورا في عملية البناء ، ومرت السنون والأعوام ومواد البناء تنزل في المنطقة ولكن مع الأسف وكأنها مياه تصب في الرمال حيث لم تظهر على سطح هذه الأرض أي معالم لهذه الفكرة لحد الآن ونحن في عام 2017 ، ولما سبق لوسائل إعلام الجزائر الاستحماراتية وقنوات التخلف الجماهيرية الليبية ، ولما سبق لوسائل الإعلام هذه أن طبلت وزمرت وملأت الدنيا وشغلت الناس بأنها وجدت أرضا خلاء ستبني عليها بيتا بل دويلة لتدعيم الاتحاد المغاربي ، وبعد فشل هذه الضجة حول فكرة بناء دويلة أو بيت في أرض خلاء ، بعد ذلك لم يبق للجزائر أو ليبيا سوى سد أفواه الأبواق التي ذاقت أموال النفط الليبي والجزائري لإعطاء الفكرة قدرا من المصداقية ، وهكذا فُتِحَتْ خزائن الدولتين لكل انتهازي ومبتز وعديم الضمير لِيَغْرُفوا من خيرات الشعبين الليبي والجزائري لدعم الفكرة والترويج لها ، ورغم مرور عشر سنوات سوداء على الشعب الجزائري في التسعينات ( 1991- 2000) مع ذلك ظلت الجزائر تنفق من أموالها على فكرة بناء بيت الدويلة ولم ترحم الشعب الجزائري المحتاج لأموال التنمية الاجتماعية ...
ثانيا : مقومات فكرة تاريخ الجمهوررية العربية الصحراوية :
يمكن اعتبار مقومات فكرة تاريخ الجمهورية العربية الصحراوية هي :
* استحواذ الشك على قائدين ديكتاتوريين هما القذافي وبومدين في وجود أرض خلاء لا مالك لها يمكن الانقضاض عليها واستغلالها .
* تحول هذا الشك إلى فكرة حاولا أن يضربا بها عصافير كثيرة تخلط الحق بالباطل لتأبيد التخلف العربي والإفريقي .
* محاولة الظهور للعالم كبطلين يحاربان الاستعمار ويدافعان عن فكرة بناء دويلة جديدة في المنطقة ، لكنهم حينما بحثوا جديا عن جذور هذه الأرض وجدوها ضاربة في عمق الإمبراطورية المغربية فعقدوا العزم على استمرار محاولات قطع هذه الجذور التي اعتقدوا – لجهلهم – أنها جذور هشة .... ففشلوا في ذلك فشلا ذريعا وضاعوا وضاعت أموالهم كان الشعبان الجزائري والليبي أولى بها .
* استغلال ليبيا والجزائر الطمع الذي ران على قلوب جماعة من الصحراويين المغاربة الذين درسوا في جامعات فاس والرباط والدارالبيضاء المغربية ، الذي كان تفكيرهم في بداية الأمر كغيرهم من اليساريين الراديكاليين المغاربة لا يعدوا أن يكون فكرة تغيير النظام الملكي المغربي وإقامة جمهورية ، ويبدأ تنفيذ فكرة الثورة على النظام الملكي – في نظرهم - من الجنوب المغربي لتحرير كامل المملكة المغربية من الحكم الملكي ، لكن طمع ونذالة القذافي وبومدين استبدلوا فكرة تغيير النظام إلى فكرة بناء دويلة مستغلين تغذية أوهام هؤلاء الطلبة المغاربة الصحراويين المندفعين والطامعين في السلطة الوهمية وفي المال السائب ( لدرجة أنه قيل لهم إنكم تملكون 300 ألف جندي صحراوي مسلحون إلى أنيابهم بأحدث الأسلحة السوفياتية القادمة إذاك من ليبيا ، في حين أن الإحصاء الذي قدمته إسبانيا للأمم المتحدة عام 1974 وهو الإحصاء الرسمي إلى اليوم ،يؤكد أن عدد كل الصحراويين لايتجاوز 74 ألف فقط لاغير فمن أين جاء 300 ألف عسكري صحراوي ؟ طبعا إنه الكذب الصراح )...
* عملت بروباغاندا القذافي وبومدين على نشر الأكاذيب في المناطق العالمية التي تجهل حتى أين توجد إفريقيا فما بالك بموقع الجزائر وليبيا ، كانت كثير من دول العالم تجهل كل شيء عن شمال إفريقيا فاستغل القذافي وبومدين هذا الجهل الخارق المنتشر في العالم الخارج توا من صدمة الحرب العالمية الثانية والحائر بين معسكرين شيوعي تحاول روسيا إذاك أن تبنيه بالقوة والبروباغاندا والأكاذيب ، وعالم ليبيرالي يغري دولا أخرى بالثروة والخروج من الجوع والفقر بسرعة ونجاعة مقدمين للعالم الصورة الوردية الزاهية التي يجب أن يختاروها لمستقبلهم .... في هذا المحيط الزاخر بخليط من الأحداث والأكاذيب استغل القذافي وبومدين فكرة بناء البيت الصحراوي الثانوي لقضاء العطل الليبية الجزائرية...
* استغلال ليبيا والجزائر هذا الجهل الدولي الذي لا يعرف شيئا عن مكان قصي عنهم اسمه الصحراء الغربية ، وكان الدولار يقرب المسافة بين الحقيقة والكذب ويقلب الأكاذيب إلى حقائق والعكس بالعكس ، بل كان البترودولار يصنع التاريخ على أي مقاس يريده دافع الثمن ، ألم يقلب الروس تاريخ المنطقة السوفياتية التي أقبرها منطق التاريخ بسرعة لتعود دول آسيا وأوروبا كما كانت ؟ ... للطغاة منطق وللتاريخ منطق آخر !!!!
* لايمكن أن نغمط القذافي حقه الذي استيقظ – بدوره – ذات يوم بأنه كان على خطإ خاصة وأن الأمر يتعلق بالمغرب العنيد الذي حسم بناء ذلك البيت على أرضه حيث لم يترك المغرب الأمر مجرد ( فكرة ) بل فرض واقعا على الأرض ...اختار القذافي ذات يوم أن يعقد مع المغرب ما سمي إذاك ( بالاتحاد العربي الإفريقي عام 1984 ) لكنه كان في الحقيقة اتحادا صوريا الهدف الأول منه هو تحييد القذافي حيث ألقمه المرحوم الحسن الثاني عظما يقضمه ويتلهى به ( عقدة الوحدة والاتحاد وغيرها من المرادفات ) والهدف الثاني موجها للنظام الجزائري المتعنت كما كان رسالة من القذافي مفادها أن فكرة قيام دويلة صحراوية هي أقرب للحمق منها إلى الخيال ..
ثالثا : الروافد التي كانت تغذي الفكرة الهلامية للجمهورية العربية الصحراوية :
هما رافدان : مالي وإعلامي
1) الرافد المالي : معروف مصدره وهو خيرات الشعب الجزائري وحده بعد أن توقفت خيرات الشعب الليبي عن التدفق لإبقاء الفكرة المعلومة على قيد الحياة ، فحتى الدول المانحة لإبقاء فكرة بناء البيت الوهمي شرعت في عقلنة المنح المقدمة لمجموعة بشرية بعضها يعيش في إسبانيا وآخرون في موريتانيا وبعضهم في مدن جزائرية مختلفة ، وتبقى القلة القليلة التي تظهر في المناسبات للزائرين الدوليين لتندوف هي دائمة الاستعداد للترحال نحو مخيمات تندوف لأداء واجب الحضور مما جعل الدول المانحة تتفطن للعبة الجزائر التي افتضح أمرها بفعل الأقمار الاصطناعية التي تراقب النمل وهو يدب فوق الأرض وليس جماعة بشرية وهمية تظل وسائل البروباغاندا الجزائرية تنفخ فيها باطلا .
2) الرافد الإعلامي : ويرتكز على :
* ما تُرَوِّجُ له بعض البلديات الفقيرة في العالم وبعض الجمعيات النكرة في أزقة وحواري بعض دول إفريقيا وأمريكا الوسطى أو الجنوبية ، وكل هذه الجمعيات والمنظمات النكرة كانت تجد في الجزائر خير بليد يدفع لها بسخاء من أجل أخذ صورة مع صحراوي يرتدي دراعة أو تصريح لرئيس بلدية أو جمعية نكرة يؤكد فيه بكل صرامة تقرير مصير الشعب الصحراوي والدفاع من أجل ذلك في كل المحافل الدولية ، أكاذيب تنشرها وسائل الإعلام الجزائرية والبوليساريو لتهدئة الجبهة الداخلية ...بالله عليكم ماذا تفيد بلديات فقيرة هنا وهناك في العالم وجمعيات نكرة مقراتها عبارة عن دكاكين في أزقة مدن بعض الدول نذكر منها مثلا : بنما – فينزويلا – كمبوديا – لاووس – الفيتنام – الدومينيك – جمايكا – نيكاراغوا – المكسيك – لوسوتو – كوبا – سيراليون – سوريا – بوتسوانا – زيمبابوي – بوليفيا – الإكوادور- موريتانيا – بيرو .... بل وحتى بعض الانتهازيين الذين يزايدون على قضية فلسطين المفروض أن تبقى للعرب آخر ملاذ يجمع كلمتهم ، مثل ما جاء على لسان المدعو محمد صلاح ممثل الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين في الجزائر بأنه سيدفع آخر قطرة من دمه لتحرير الصحراء الغربية توأم فلسطين المغتصبة ، بالله عليكم هل سمعتم أكثر بهتانا من هذه الهلوسات ... وكلما دفعت الجزائر بضعة دولارات لهذه الجمعيات النكرة المنتشرة في حواري وأزقة الدول المذكورة تزيد هذه الجمعيات في نفخ صور الوهم للفكرة المعلومة ، فماذا تخسر هذه الجمعيات وهي مجرد دكاكين وأوكار للانتهازيين الذين يبيعون الكلام الوهمي ، يبيعونهم كلاما مقابل مئات الآلاف من الدولارات من خزينة الدولة الجزائرية على حساب تنمية الشعب الجزائري المُخَدَّرُ... بالله عليكم بماذا ستفيد مثل هذه الشطحات الموجهة فقط لزيادة جرعة المخدر لرفع درجة تخدير الشعب الجزائري وحده دون غيره لأنه هو الخاسر الأكبر أما الأجانب فهم يتقاضون أجورا عن بضعة كلمات يتعاطفون بها مؤقتا مع مشروع فكرة ولدت ميتة ...
رابعا : تاريخ الجمهورية العربية الصحراوية الديمقراطية:
إذا جردنا تاريخ الجمهورية العربية الصحراوية الديمقراطية نجده مجرد فكرة فقط لا غير أصبح الذين تحمسوا لها ذات يوم – من الصحراويين - يعضون اليوم ( ونحن في بداية 2017 ) على أصابعهم ندما لأن الوحدويين الذين لم ينساقوا وراء تخاريف حكام الجزائر والقذافي وبقوا في الساقية الحمراء ووادي الذهب أي في الأرض التي طمع فيها القذافي وبومدين ، هؤلاء الوحدويون بنوا ثروة حقيقية لن يتخلوا عنها ولو بقطع الرؤوس ، بل وحتى إذا ظهر – ولو بعد ألف ألف سنة – للبوليساريو أن يلتحقوا بالوحدويين في المغرب من طنجة إلى لكويرة فإنهم لن يظفروا بشيء مما اجتهد من أجله هؤلاء الوطنيين المغاربة أبا عن جد وراكموا ثروة طيلة 41 سنة من الكد والجد والمثابرة حتى أصبحوا وجوها إفريقية ذات سمعة عالمية لن تستطيع لا دولامي زوما ولا روبرت موغابي أن ينتزعها منهم ...هذا هو تاريخ الجمهورية العربية الصحراوية ، إنه مجرد فكرة بعيدة عن الأرض المتنازع عليها ، فكرة استغلها الانتهازيون وعديمي الضمائر ، وإلا أي أثر لها على الأرض ... لا شيء ....مات الجنرال فرانكو ومات القذافي ومات بومدين ومات الشاذلي بن جديد ومات فيديل كاسترو ومات غيرهم من الذين توهموا أنه يمكن بعث الروح في فكرة ولدت ميتة ...
خامسا : مصير الفكرة بعد عودة المغرب للاتحاد الإفريقي :
تأكدنا الآن أن تاريخ جمهورية الصحراء هو مجرد سراب فكرة ، وما يؤكد أنها مجرد فكرة فقط لا غير : " أنها لم ولن تدخل لأي منتظم دولي يديره العقلاء ، فلم تعترف الأمم المتحدة بهذه الفكرة وكذلك جامعة الدول العربية ولامنظمة التعاون الإسلامي ولا تجمع دول الساحل والصحراء ( س ص ) لأن كل هذه المنظمات أخذت الموضوع بجدية وعلمت أنه نزاع أشخاص حول أرض وانقسموا حول ذلك ، بعضهم بقي في تلك الأرض والبعض الآخر غسل المغرضون أدمغتهم وحشوها بفكرة هي في الأصل لا أساس لها في الواقع وعلى الأرض لأن المغرب هو الذي فرض وجوده على الأرض... فقط منظمة الوحدة الإفريقية التي كانت قبلت هذه الفكرة لأن هذه المنظمة كانت مجرد نقابة يتلاعب بمصالح شعوبها بعض القادة الأفارقة سيلعنهم التاريخ إلى يوم القيامة ، فقد تحايلوا لإدخال الفكرة للمنظمة وقبضوا الثمن ، هو في الحقيقة ثمن مقابل استدامة التخلف جاثما على شعوب إفريقيا على جميع الأصعدة ، والدليل أن على فشل الهدف من إدخال الفكرة إلى الاتحاد الإفريقي هو أن ذلك الفعل لم يجعل الفكرة في حد ذاتها تتقدم إلى الأمام ولو مقدار حبة رمل ، حيث بقي الملف بيد مجلس الأمن وبقي الاتحاد الإفريقي ( كالأطرش في الزفة ) ... فمنذ احتضان تلك الفكرة من طرف الاتحاد الإفريقي ومآرب الأفارقة متفرقة شذر مذر طيلة 34 سنة ....إنها فكرة سرطانية أو ( إيبولية ) نسبة لوباء إيبولا أو ( إيدزية ) نسبة للإيدز الوباء الفتاك المنتشر بكثرة في جنوب إفريقيا والذي يدمر جهاز المناعة تدميرا ؟ وما دمنا في المناعة فقد يعود المغرب إلى منظمة الاتحاد الإفريقي ليحاول مع حلفائه أن يعالجوا من الداخل كل أمراض هذه المنظمة المنخورة بعديد من الأوبئة ، لكن أي علاج لن يكون ناجعا إلا إذا كانت هناك مناعة تساعده على القضاء على الأمراض قضاء مبرما ، وما أشد خيبة الشعوب الإفريقية إذا وجد المغرب وحلفاؤه في الاتحاد الإفريقي مناعته منهارة تماما ، إذاك سيفشل الجميع في علاج هذه المنظمة من الداخل لأن الدول المصابة بفقدان المناعة ستبقى عرضة للإصابة بأنواع شتى من الأوبئة الانتهازية وسيكون مصير إفريقيا هو الدمار الذاتي ، وأول وباء سيعمل النظام الجزائري على نشره هو وباء الانفصال وستكون الجزائر هي أول المصابين بهذا الوباء ( القبايل – الطوارق – غرداية وغيرها ) ، ولن يبقى للدول الإفريقية السليمة سوى أن تبني منظمة أخرى من دول إفريقية سليمة تكون مهمتها الأساسية الأولى هي علاج الدول الإفريقية الموبوءة لكن هذه المرة من الخارج لأن العلاج من الداخل سيكون خطرا على الجميع والدليل ما وصلت إليه منظمة الاتحاد الإفريقي في نهاية 2016 من ضعف وهزال وبهدلة ولكم في تقرير دولامي زوما خير مثال على بؤس النتائج التي حصدتها في ولايتها المشؤومة ....
عود على بدء :
لايدري المرء من خلال الرعب والخوف والرهبة الذي تَمَلَّكَتْ الجزائر وجنوب إفريقيا من عودة المغرب للاتحاد الإفريقي ، هل هو نابع عن قوة أم عن ضعف وهزال ومذلة تبعث كلها على الشفقة ؟ إن تمسك هذين الدولتين برفض عودة المغرب للاتحاد الإفريقي لدليل قاطع على أن الطعنة المغربية كانت غائرة ، ويرى حكام هذين البلدين خطورتها ليس على المدى القريب بل في مداها الاستراتيجي البعيد حيث سينقلب كل شيء داخل إفريقيا ، ستعود الواقعية وتحليل المشاكل الإفريقية تحليلا سَيُعَرِّي قادة الجزائر وجنوب إفريقيا قبل غيرهم ، ستعرف الشعوب الإفريقية أنها كانت تبتلع الأكاذيب تلو الأكاذيب لأن ما يجمع الجزائر وجنوب إفريقيا هو بيع أواهم الثورة التي تآكلت مبادؤها ولم تعد الشعوب الإفريقية تأبه لشعاراتها التي تبددت وانتهت مدة صلاحيتها منذ زمان ، فورثة مانديلا قد حققوا أهدفهم من نصيبهم الذي تقاضوه من الثروة ، وهم قلة قليلة من السود تقاضوا نصيبهم من خيرات جنوب إفريقيا لأن البيض لا يزالون يحتكرون النسبة الكبرى من خيرات جنوب إفريقيا قد تتعدى نسبتهم 98 % يبقى طبعا لعامة الجنوب إفريقيين من السود مع بعض البيض على قلتهم ، يبقى لهم الإيدز والعيش فوق عتبة الفقر لمجرد البقاء أحياءا ومن يريد التأكد من ذلك ما عليه إلا الزيادة في بحث الموضوع وسيجد أن منزلة السود في جنوب إفريقيا هي نسخة طبق الأصل من منزلة السود في الولايات المتحدة الأمريكية ، فكفانا كذبا على الأفارقة !!!
وبالنسبة للجزائر فكما جاء في مقال : " حكام الجزائر يبيعون رصيد الثورة الجزائرية في سوق النخاسة الإفريقي " فقد تآكلت أطروحة جزائر الثورة عند الإفارقة وأصبحنا أضحوكة في نظرهم لأننا لم نستثمر تاريخ الثورة ومبادئها لصالح الشعب الجزائري نفسه أولا فكيف سننفع الأفارقة ؟ وكنا نُـسَـوِّق الأكاذيب للأفارقة باسم الثورة الجزائرية ومبادئها ، وبعد نصف قرن من الأكاذيب على الأفارقة أصبحوا يشاهدون بأعينهم أن الذي بين يدينا قد تآكل ونحن نعتقد أنه لا يزال موجودا ويحمل مفعولا ، كان حكام الجزائر يخدعون الأفارقة ويحتقرونهم ويستحمرونهم كما يستحمرون الشعب الجزائري ، لكن أفارقة الأمس الذين ضحك عليهم حكامنا قد تغيروا وهَبَّتْ على إفريقيا نسائم الديمقراطية وجاء جيل إفريقي جديد براغماتي يكره التسول والصدقات والهبات ويناصر من يُعَلِّمُهُ كيف يصطاد السمك لا من يعطيه كل يوم سمكة تحت نظرات الشفقة والإهانات ، في حين لا يزال يحكم الجزائر شيوخ يتاجرون ببقايا ثورة جزائرية تآكلت مبادئها في سوق النخاسة الإفريقية ، وثروة جزائرية تآكلت وتبخرت في المراهنة على قضايا داخلية وخارجية خاسرة مائة بالمائة ... لقد أصبحنا أضحوكة الأفارقة !!!!
فمن سيثق بنا بعد اليوم وقد أصبحت أكثر من 41 دولة إفريقية مع المغرب ، لأنه كان يعمل بجد وبصمت على الأرض وكنا مجرد أبواق تنشر أكاذيب الأفكار، فمن أين سنرد 1800 مليار دولار التي ضاعت في عهدات بوتفليقة الأربع فقط دون احتساب ما ضاع أيام كان وزيرا للخارجية وكم سرق قبيل هروبه من الجزائر بعد موت رفيقه بومدين ...
سمير كرم