تبين لعناصر المراقبة بالبحرية الإسبانية، على مشارف مدينة سبتة المحتلة «شيئا غريبا» يطفو على سطح البحر. على بعد حوالي ميلين من المياه الإقليمية للمدينة السليبة، كان هناك «جسم معدني» غير معروف قد سقط للتو، بين الفنيدق ومدينة سبتة المحتلة، تقاذفت الأمواج ذلك الشيء المتوسط الحجم، لكن الرادارات لا تستثنيه من بين كثير من الأشياء الموجودة هناك.
تحرك مركب تابع للحرس المدني البحري، في اتجاه الجسم المعدني، الذي أقلق الحراسة هناك أكثر من اللازم، حيث لم يستطع أحد تحديد هويته، حتى إن البعض اعتقد أنه «قنبلة موقوتة» قد تنفجر في أية لحظة، فشكلها يوحي بذلك لحد كبير. اقترب المركب المجهز بكل آليات وعتاد المراقبة والترصد، شيئا فشيئا من هذا الجسم الغريب، ليتبين أن الأمر يتعلق بطائرة من الحجم المتوسط، نصفها مغمور بالمياه وجزء منها فوق المياه، تتقاذفها الأمواج.
طائرة من الحجم المتوسط، لا يبدو عليها أنها كانت تحمل طيارا، لكن ما الذي جاء بها لهذا المكان، وما الذي تخفيه؟ لم يتسرع العسكريون في حملها مباشرة، بل استعملوا آلة ترصد لمعرفة فيما إذا كانت تحمل متفجرات أو أي شيء خطر قد يضربهم. رفعت الطائرة للمركب بهدوء وبحيطة كبيرة، ليتم تفحصها بدقة لاحقا من طرف تقنيين متخصصين، قبل أن يتبين أنها طائرة لنقل المخدرات بين الضفتين.
استغرب المحققون وهم يجدون الطائرة المتوسطة الحجم بدون طيار، لها محرك ومستقبل للتحكم عن بعد، وهي محملة بقرابة ثلاثة كيلوغرامات من مخدر الشيرة، ملفوفة على هيكلها بشكل دقيق حتى لا يؤثر على طيرانها. وسيلة أخرى من الوسائل المبتكرة لتهريب المخدرات بفعل المراقبة الصارمة المفروضة في نقط التفتيش المختلفة. التهريب عبر طائرات صغيرة بدون طيار، شبيهة بتلك المسماة «طائرات التجسس» لدى الجيش الأمريكي.
الطائرة التي لم تكمل رحلتها، انطلقت من شاطئ على مشارف مدينة الفنيدق بعد تحميلها بتلك الكمية من الشيرة الجيدة، المعدة للاستهلاك والتصدير. وغالبا ما كان التحكم بها يتم من أحد المراكب غير البعيدة، لتوجيهها للمكان الذي كانت تقصده. الطائرة التي لم تكتمل رحلتها صباح أول أمس الأربعاء، لم تكن الأولى من نوعها على ما يبدو من شكل الطائرة، التي كشف تقرير أولي عن كونها استعملت سابقا في رحلات أخرى مشابهة ربما، وهو ما يوفر لأصحابها مدخولا مهما في حال نجاح تلك الرحلات، التي لا تكلف شيئا.
المحاولة التالية جاءت بعد محاولات سابقة، لطائرات من أحجام مختلفة كانت تتجول بالمجال المغربي كما الإسباني بحرية، كانت متخصصة في تهريب المخدرات بمختلف انواعها، وكذلك باستعمال بعض الطائرات المروحية، أمر لم ينته تماما لكنه قل مقارنة مع السنوات السابقة، ولعل كشف السلطات الإسبانية مؤخرا عن تورط دركيين مغاربة في المساهمة في عمليات تهريب مماثلة، سيزيد من صعوبة الوضع بالنسبة لمستعملي تلك الطائرات الخفيفة، ويقلل من نشاطهم بشكل أكبر.
المصالح الأمنية بالثغر المحتل فتحت تحقيقا واسعا، لمعرفة مصدر الطائرة وكذلك الجهة التي توجهها عن بعد، حيث قامت بحملة تمشيطية واسعة بعين المكان بحثا عن مشتبه فيهم، وهو ما لم يتسن لها. لينضاف ملف جديد لملفات تهريب المخدرات والابتكارات الجديدة التي ينتهجها المهربون، فبعد الطائرات بربان، والطائرات المفككة وغيرها، وصل وقت طائرات بدون طيار وبتوجيه عن بعد…
مصطفى العباسي