أصرت القناة الثانية على إزعاج المتتبعين من المشاهدين باستضافة عبد العالي حامي الدين، نائب رئيس المجلس الوطني لحزب العدالة والتنمية، الذي قام بإسقاط الطائرة لمحاولة تمرير مواقف خطيرة والدفاع عن إخوانه المتهمين بتمجيد الإرهاب في قضية مقتل السفير الروسي بأنقرة، معتبرا أن اعتقال مجموعة من "فرسان الإشادة بالإرهاب" شكل من أشكال التراجع في مجال حقوق الإنسان، وقال إنه تمت المبالغة في التعامل معهم حيث كان ينبغي متابعتهم بقانون الصحافة والنشر بدل قانون مكافحة الإرهاب.
حامي الدين استغل النقاش عن الإنصاف والمصالحة ليمرر خطابا مكشوفا لحزب العدالة والتنمية. نعرف أن هذه الهيئة أنجزت الكثير لكنها أخطأت أحيانا في إنصاف من لا يجوز إنصافه، ومن بينهم المتحدث نفسه، الذي ما زالت عائلة الطالب اليساري أيت الجيد بنعيسى، المقتول على يد الجماعات الإسلامية بداية تسعينيات القرن الماضي، تطالب بمحاكمة القيادي في البيجيدي بعد أن ظهر أنه خدع العدالة بتصريحه أنه ينتمي للطلبة القاعديين أي الفصيل نفسه الذي ينتمي إليه الطالب المقتول.
أما فيما يتعلق ب"فرسان الإشادة بالإرهاب" فإن الأمر ليس بريئا. فحامي الدين يعتبر عراب الحركات الجهادية، فهو الذي تولى الدفاع عن معتقلي قضايا الإرهاب مطالبا بتسوية ملفهم، وكان يتعاون في ذلك مع أنس الحلوي، الناطق الرسمي سابقا باسم لجنة الدفاع عن المعتقلين الإسلاميين، الذي تم قتله بسوريا بعد أن انخرط في حركات الجهاديين.
نعم الفيسبوك هو وسيلة للنشر. لكن حتى الوسائل التقليدية للنشر إذا قامت بمثل ما قام به "فرسان الإشادة بالإرهاب" فسيتم محاكمتها بقانون مكافحة الإرهاب وليس قانون الصحافة والنشر.
إن قضية تمجيد قتل السفير الروسي بأنقرة ليست مجرد لعب لأطفال بمواقع التواصل الاجتماعي. ولكن فيها إشادة بالإرهابي القاتل واعتباره بطلا. أليس في ذلك تشجيع على صناعة أبطال من خلال ارتكاب حماقات القتل والإجرام؟
نعرف أن حزب العدالة والتنمية، وبأمر من زعيمه بنكيران، وظف العشرات من شباب الحزب وفق تعاقدات معينة، وهدفهم هو إنشاء صفحات في إطار ما يصطلح عليه الكتائب الرقمية. وتبين اليوم أن هذه الكتائب خارجة عن القانون. لأن دور الحزب الذي يحصل على المال العام هو تأطير الشباب وإخراجهم من حالة الفوضى والتطرف إلى حالة الاستقامة السياسية.
فالإشادة بقتل السفير الروسي ومدح القاتل واعتباره بطلا، هو أخطر من ممارسة الإرهاب في حد ذاته، فكم من شاب سيحلم ببطولة الشرطي التركي ويدخل التاريخ من باب الجريمة والغدر؟ وكم من شاب دفعه هذا الخطاب للجوء إلى بؤر التوتر؟
لماذا لا يريد حامي الدين أن يفهم أن ما قام به إخوانه هو دعوة للإرهاب من خلال الإشادة به؟
واقع الحال أن هؤلاء يفهمون جيدا ولكنهم منخرطون في المشروع الإخواني التدميري وما قاموا به هو جزء من ممارساتهم كلما استطاعوا إلى ذلك سبيلا.