سكينة بنزين
ساعات قليلة بعد إعلان وفاة شيخ الطريقة القادرية البودشيشية حمزة بن العباس، (الأربعاء) عن سن يناهز 95 سنة، فضحت مواقع التواصل من جديد كمية اللاتسامح والفكر “الداعشي” المستحكم في عقول جزء من المغاربة الراغبين في فرض تصور واحد لما يجب أن يكون عليه تمثل الدين.
لم يشفع سن الرجل الذي قارب المائة، ولا حرمة الموت من تناسل تدوينات يعبر أصحابها بشماتة عن فرحتهم برحيل من وصفوه حينا ب”فرعون الزوايا”، و “شيخ المشركين أبا لهب هذا الزمان” و “شيخ البدع” … في حين فضل بعض من يدعي انتصاره “للإسلام الحق” القفز طوعا فوق عبارة “اذكروا أمواتكم بخير” ليطلق العنان للتنذر في غير مقامه ، «كاينة السنة ديال رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكاينة الطريقة البودشيشية ولا البوعصيدية خخخخخ … عمري شفت شي صوفي مغربي بلا كرش .. وهذا إذا دل فإنما يدل على الإيمان والعرفان الصوفي باللحم والبرقوق».
المتنذرون من حرمة الموت لم يفتهم التساؤل حول مرحلة ما بعد وفاة شيخ الطريقة « في انتظار اشعال النار لانتخاب خليفة بابا الفاتيكان البودشيشي» في إشارة واضحة إلى إخراج الطائفة من دائرة “الفرقة الناجية” التي يمثلها الشامتون برحيل الرجل، بينما طالب البعض بالترحم على الدواعش كشرط للترحم على المتصوفة.
أحد المعلقين على تدوينات تترحم على الشيخ الراحل، لم يستسغ الأمر فعلق على الأمر قائلا « يجب أن تقرأو عقيدتكم الإسلامية يا إخوان، وللإشارة فالترحم على الملحد الكافر ليس من ديننا الإسلامي، وقولكم الدواعش في حق إخوانكم في الدين فهذا إسراف كبير هداني الله وإياكم»
الباحث في الشأن الديني منتصر حمادة، عبر عن استيائه من موجة الشماتة من خلال تدوينة على صفحته،« أي “أخلاق” هذه التي تخول لك التعبير عن الشماتة في وفاة رجل، فقط لأن هذا الميت [رحمه الله]، يختلف معك في خيار الإصلاح .. من يعبر عن الشماتة على هامش وفاة إنسان ما، معناه أنه يفصل بين الأخلاق والدين وهذه معضلة .. ومن كان ملحدا فهو يفصل الأخلاق عن الإنسان وهذه أيضا معضلة»
عدد من رواد مواقع التواصل عبر عن استهجانه للنبرة الشامتة للبعض، وللتجاهل الذي أبداه الكثير من المحسوبين على الحقل الديني اتجاه رحيل شيخ الطائفة البودشيشية، « هذا ليس من شيم الدين في شي، هؤلاء للأسف لا خلاق لهم، الإحترام واجب و حبل الود لا يجب أن ينقطع» يكتب رضوان الذي اعتبر أن اتخاذ مثل هذه المواقف يدل على الإيمان بالأحادية الفكرية وتكفير الآخر.
آخرون اعتبروا أن الشماتة تستدعي من صاحبها التوقف ومراجعة نفسه « من يشمت في الموت عليه أن يعيد النظر في إسلامه وكل شيء في حياته، لأن الموت له وضع خاص، وللأسف اطلع على بعض التعليقات التي يندى لها الجبين»، « كما أن التشفي بالموت قمة الخسة والدناءة» يكتب أحد المعلقين، بينما علق آخر على الأمر بقوله « الذي لا يمتلك إنسانية العقل ولا يمتلك إنسانية العاطفة لن يستطيع أن يحرك خطابا إنسانيا».
أحد المعلقين الذي اختار لقب “أمازيغ” اختار التفاعل مع حملة الشماتة بقوله «كان الشيخ رحمه الله امتدادا للتصوف السني المغربي العقلاني..وكان شوكة في حلق السلفيين بكل أطيافهم من السلفي لايت ( الإخوان) إلى السلفي هارد (داعش)».