بعد أن اقتضت العملية السياسية انتخاب الحبيب المالكي، رئيس اللجنة الإدارية للاتحاد الاشتراكي، رئيسا لمجلس النواب، وبعد أن لم يتمكن عبد الإله بنكيران، رئيس الحكومة المعين، من جمع وتجميع الأغلبية قبيل هيكلة المجلس نظرا للضرورة التاريخية التي يعيشها المغرب وخصوصية عودته إلى الاتحاد الإفريقي، وبعد أن انحنى بنكيران حتى لا يتم اتهامه باللا وطنية، وهو كذلك، أطلق العنان للطبالجية والكتائب الإلكترونية وقادة الحزب ليهاجموا كل شيء ويلعنوا الديمقراطية التي تتم بهذه الطريقة.
أجمعت كتابات الكتبة والخدمة على شيء واحد هو أن ما جرى خطر على الديمقراطية. أما غير الخطر والصواب في نظرهم هو أن حزب العدالة والتنمية حصل على الرتبة الأولى، وبالتالي ينبغي أن نسلمه المفاتيح كاملة وعلى رأسها اختيار الحكومة والوزراء كيفما شاء ووفق ما أراد وأن نسلمه رئاسة البرلمان ليسلمها لمن شاء وبالتالي تكون الديمقراطية في الطريق الصحيح، أما اليوم فينبغي أن نقرأ عليها الفاتحة ونصلي عليها صلاة الجنازة.
دعونا من التسطيح وتحول المحللين السياسيين والخبراء إلى مجرد أدوات لتبرير ما يطمحون إليه وهو ما يسمى في المدرسة الأمريكية بـ"التحليل بالتمني"، الذي أسقط خبراء كبارًا في تمني نجاح مدام كلينتون فخيبتهم معطيات الواقع التي لم ينظروا إليها، دعونا من التسطيح الفيسبوكي ولنطرح السؤال الحقيقي: من هو الحزب الأخطر على الديمقراطية والأخطر على المغرب؟
ما زلنا مصرين على أن الحركة الإسلامية ليست حركة إسلامية مغربية ولكن حركة إسلامية بالمغرب، حتى لو كان أعضاؤها مغاربة بل يحكمون اليوم ويتولون السلطة التدبيرية للشأن العام.
كل الأحزاب السياسية، ونتحدث عن الأحزاب بالجملة لا بالمفرد، عندما تتاح لها فرصة في الخارج إلا واستغلتها للدفاع عن الوطن ومصالحه، بل إن أحزابا تختلف مع الدولة في استراتيجيتها وتعارض كل شيء ولكن في الخارج تنبري للدفاع عن المغرب، الذي يهمنا جميعا، وليس ذلك جديدا، فكان الزعماء يخرجون من السجن للقيام بجولات في العالم للدفاع عن مصالح المغرب وقضيته الوطنية.
وحدهم أبناء حزب العدالة والتنمية عندما تتاح لهم أدنى فرصة في الخارج يستغلونها أبشع استغلال لضرب مصالح المغرب، وتحقيق مكاسب حزبية، بل هم مصرون على نهج بوحمارة في الاستعانة بالأجنبي ضد بلدهم.
وحتى لا نكون ممن يتجنى على حزب بوأه الناخبون المرتبة الأولى فنضرب مثالا بأحمد الريسوني في القريب وليس في البعيد. الجمعة الماضي منحته قناة الجزيرة، المنظومة الفضائية للربيع العربي برسم التخريب، منبر الإفتاء واستغله أبشع استغلال ضد المغرب. قال في الديمقراطية المغربية ما لم يقله مالك في الخمر.
الريسوني لم يكن في ندوة إنما في منبر الإفتاء ومن هذا المنبر انطلقت فتاوى القرضاوي لتخريب الدول العربية من سوريا إلى ليبيا إلى العراق ومصر وغيرها. ومن هذا المنبر وجه الريسوني رسائل في غاية الخطورة.
فالديمقراطية تقتضي حمايتها ممن يتربص بها الدوائر.