يشرع الملك محمد السادس في جولة إفريقية جديدة، هي الرابعة في أقل من ستة أشهر، تقوده إلى كل من غانا وزامبيا ودولة جنوب السودان و تختتم بإثيوبيا حيث سيحضر الملك قمة الاتحاد الإفريقي، معلنا عودة المغرب إلى هذه المنظمة، بعد أن حظي طلبه بالانضمام إلى الاتحاد بدعم وتأييد أغلب الدول الإفريقية.
وتدخل هذه الجولة في إطار استمرار منهجية الدبلوماسية المغربية القائمة على تمثين العلاقات مع الدول الناطقة بالإنجليزية، والتي لم تكن تربط المغرب بها علاقات قوية.
الجولة الملكية الجديدة، وهي الرابعة في أقل من ستة أشهر، تشكل صفعة و صدمة لـ "البوليساريو" الذي التمست خلال الدورة الأخيرة للاتحاد الإفريقي 28 دولة تجميد عضويته تمهيدا لطرده، و هو الأمر الذي لم يكن تتوقعه لا قيادة المكلومة بموت الرئيس محمد عبد العزيز ولا الحليفة الجزائر المشغولة بمرض الرئيس بوتفليقة المشلول.
و بين موت رئيس و مرض آخر عرف المغرب كيف يستغل الظرفية، اذ ان برجوعه الى مؤسسة الإتحاد الإفريقي قد أربك مجموعة من الحسابات، ذلك أن الخطوات المفاجئة و الجريئة التي قام بها الملك محمد السادس جعلت دبلوماسية المغربية تتوغل في دول إفريقيا لحصد المزيد من التأييد لطلبه الذي دعمته دول الإتحاد، التي ضربت بعصى من حديد في وجه الجزائر على إعتبار أن وجود " البوليساريو" داخل الاتحاد الافريقي لم يعد مناسبا، و خير دليل على ذلك هو توالي مسلسل سحب الاعترافات به.
وتندرج هذه الجولة الملكية في إطار تقوية الروابط التي تجمع المغرب بمحيطه، ذلك أن المغرب، عكس بعض الدول الأوروبية، لا يتعامل مع إفريقيا بعقلية المستعمر، لذا، فإنه يعتبر شريكا حقيقيا، لأنه يستحضر المصير المشترك، والعلاقات الإنسانية في أسمى معانيها، وقد يدفع ذلك إلى تقوية العلاقات بين دول الجنوب، التي تقوم على التكامل وليس على عدم التكافؤ، وهو ما نمى شعورا قويا اليوم لدى الدول الإفريقية بأن عودة المغرب إلى إفريقيا ستكون بمثابة عودة إلى الوضع الطبيعي.
ولقد أكد الملك محمد السادس، خلال زياراته لعدد من بلدان القارة، أن النهوض بالقارة الأفريقية وتنميتها ومعالجة مكامن الضعف فيها لا يمكن أن يكون إلا بسواعد أبنائها، وليس من خلال انتظار الدعم الخارجي، وبيانات المنظمات الدولية ذات الأجندات.
وصاحب مختلف هذه الزيارات الملكية زخم حقيقي على مستوى تعزيز العلاقات، جسدته الاتفاقيات المبرمة في مجالات التنمية الاقتصادية والتقنية والاجتماعية والثقافية والبشرية. وكان لها عميق الأثر على نمو الاستثمارات وزيادة حجم المبادلات التجارية، وتنوعها، وهو ما يؤكد نجاح رهان الملك محمد السادس على التعاون جنوب-جنوب، وخير دليل على ذلك، هو الطفرة النوعية التي يحققها المغرب في غرب أفريقيا وحضوره الوازن في العديد من القطاعات الاقتصادية.