بقلم: الحسين يزي
“وهل أفسد الدين الا الملوك وأحبار سوءٍ و رهبانها”. كانت هذه “لاشيت”/خلاصة/ تدوينة شحرور “جماعة العدل والإحسان”، رشيد غلام على حائط مبكاه بالفيسبوك . والتدوينة من أولها إلى آخرها كلام “غليظ في غليظ”..”زعما الوعورية والصنطيحة” التي لا حدود لها إلا حين تستدير إلى حيث يجلس ايكليروس الجماعة، فتتحول “الصنطيحة” إلى حمل وديع .
على أي سنناقش فيما هو آت صديقي الشحرور . .وسنوضح إن كانت صنطيحته تبني أفكارها ومواقفها من الدين ، أم من مظلة العدل والإحسان أم من مظلة حقوق الإنسان وحرية التعبير ام من نظرية “التسلكيط الفكري”..على أي سنناقش الشحرور من منطلق أنه ابن جماعة العدل والإحسان، لعلنا نلمس فيه بعضا من ورع فضلاء “الجماعة”، وإن كان الأمل في ذلك شبه منعدم، فالرجل تتحكم في أفكاره “قفزات المغنواتي”.
كتب “الشحرور ” في مطلع تدوينته: “عندما ترعى المساجد وزارة الإسفاف و الإيقاف و الاسلام الملكي فلا يرجى من خطب الجمعة إلا أن تكون هذيانا لا يمت للواقع بصلة وأحيانا كثيرة لا يمت لدين الله بصلة”.
كلام “غلام” هذا ، خليط بين كثير الشيطنة في الكلام وقليل من لسان الدين. لهذا أجيب الشحرور بالقول إن الأصل في صلاة الجمعة ألا تخرج عن إطار “قال الله قال رسول الله”، فلا يجوز فيها القول: قال الشاعر فلان وقال الإمام العلامة فلان، ومن واجب الحاكم ولي الأمر أن يوصي بتوجيه معين، ويداع عبر خطب الجمعة كلما تطلب أمر الأمة ذلك، هذا هو الدين رغم أنف “الغلام” واسياد الغلام واسياد أسياد الغلام.
فالدين دين، ولا وجود لشيء اسمه “الإسلام الملكي”، والرسول صلى الله عليه وسلم أباح للحاكم ورخص له أن يجتهد في تسيير شؤون أمته. قال رسول الله: «إذا حكم الحاكم فاجتهد ثم أصاب فله أجران، وإذا حكم فاجتهد ثم أخطأ فله أجر».
فالأصل في الإجتهاد انه موكول للحاكم ولي الأمر وللقاضي، غير أن بعض المدلسين من من يسمون علماء حولوا الحديث من باب القضاء إلى باب العلم، ليفتحوا المجال لهواهم ورايهم وتطاولهم على الدين.
ثم كتب “الشحرور “: هي مساجد لله عندما يمنعون خطيباً تحدث عن هموم الأمة و نصرة قضياها او عن الفساد في الحكم و السياسة و المجتمع . وهي مساجد للملك خليفة الله في الارض عندما تدعونا الخطب لطاعته و بيعته وانه أماننا و نعمة الله علينا ، لا يعصيه الا خارجي مرتد “.
جوابا على كلام “غلام” هذا، نقول إنه ليس من حق أي خطيب وإمام المسجد الخوض في أمور تخرج عن سياق قال الله قال رسول الله، فالمساجد لله يذكر فيها اسمه، وأن خليفة الله في أرضه هو النبي داوود عليه السلام، وأنه لم يسبق لخطيب جمعة أن قال إن ملك المغرب هو خليفة الله في الأرض. والمؤكد أن طاعة ولي الأمر، أمر من الله: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا”..
الله أمرنا بطاعته وطاعة رسوله وطاعة أولي الأمر منا، وفي النزاع يرد الأمر إلى الله ورسوله، أي إلى قال الله قال رسوله، لا أن يرد رأي العلامة فلان والشيخ علان، أو يرد إلى البيت الأبيض. والرسول نفسه أمرنا ألا نناوش الحاكم أو نسبه وأن نطيعه إن أمرنا بفعل ما هو خير وألا نستجيب له ان أمرنا بفعل ما هو شر، دون أن نناوشه أو نسبه أو نخرج عنه. والمؤكد أيضا أن الرسول صلى الله عليه وسلم ربط الخروج عن الحاكم بعدم السماح بإقامة الصلاة، أو أن ترى منه الأمة كاملة كفرا بواحا لها من الله عليه برهان، لا أن يراه الغلام نفسه أو جماعته أو غيرهم.
ثم واصل الغلام قوله في تدوينته فكتب: “وهي مساجد للشؤون الحكومية عندما تدعونا للانتخابات و السلامة الطرقية و الحث على الرضاعة و استعمال الملح الغني بالليود ، و إذكاء الحمية الوطنية في مناسبات الأعياد الوطنية . وما الى ذلك .
لائكية مساجدنا عندما يريد الحاكم ، وغير ذلك عندما يريد الحاكم أيضا”.
جوابا على حقد الشحرور هذا نقول: المساجد لله كما أمر الله أولا وأخيرا، واستثتاء للحاكم حسب اجتهاده، ما لم يمنع إقامة الصلاة، وهي ليست قطعا لما يسمى الحركات الإسلامية الخارجة عن الأمة بقول النبي، وليس بقول المضلين المدلسين المساندين من طرف البيت الأبيض وببعض رهبان الخميني.
ثم كتب “الموتشو غلام” في نفس تدوينته: “تاريخ المسلمين حافل بما افسده الملوك في دين الله من تطويع علماء السوء للدين حسب رغائبهم وأهوائهم . و ما تعيشه الأمة الان هو نتاج لهذا الوصال الأنكد بين ملوك الجبر و علماء السوء” .
لا أدري كيف ربط “الشحرور” ما أسماه إفساد الملوك للدين بتطويعهم لمن نعتهم بعلماء السوء، إلى أن ما تعيشه الأمة حاليا هو نتاج هذا الوصال بين ملوك الجبر و علماء السوء، بتعبير الشحرور. السؤال هو ألا يعلم “الغلام” أن علماء السوء عند رسول الله هم العلماء المضلون والمدلسون في الدين أصحاب الرأي والفتن والدعوة إلى مناوشة الحكام والخروج عنهم، رغم أن الرسول نهى عن ذلك، ليس حبا فيهم وإنما ذرءا لدماء المسلمين؟
ثم انهى “الشحرور” نفت سنه وحقذه المجاني فكتب: “لا زالت الأمة لم تتعرف بعد على دينها في نقاوته وعدله و سماحته و شموليته و سمو مقاصده . لا تعرف الا دين الاستبداد و تراث علماء الاستبداد . ولم ترضع الا ملة الانقياد و حليب الخنوع و زبد الإمعية والرعوية .
وهل أفسد الدين الا الملوك
و أحبار سوءٍ و رهبانها”.
دين الله ورسوله واضح، وكامل ومكتمل، والأمة واحدة بصالحيها وعصاتها منذ أن كان محمد فيها وهي كذلك إلى أن تقوم الساعة.
دين الله ورسوله، ليس في حاجة إلى رأي المتنطعين أصحاب الرأي والهوى، أو إلى شطحات الأحبار أحفاد الخوارج واحفاد ابن الخويصرة لا رحمه الله.