لم تر جماعة الشيخ عبد السلام ياسين في العيد إلا مناسبة للتحريض على العنف والمجابهة، غاضة الطرف عن كل المعاني الأخرى لكلمة "التضحية".
ولا يختلف اثنان أن العيد، هذا العام، في العالم العربي، ليس كسابقيه من الأعياد، لأنه يحل في ظروف لا تتشابه مع الماضي. ففي المغرب، مثلا، عرفت فترة ما بين العيدين الكثير من التغيرات النوعية، التي رافقت "صحوة" الضمير المغربي، بكل تجلياته، وهي الصحوة التي توجها ميلاد دستور جديد، اختارت الجماعة أن تقاطعه ظلما، لأنها أصلا لا تؤمن بالدساتير بل بالأحلام والرؤيات، وتريد أن تمارس نوعا من الحجر على شعب قرر أن يخط مستقبله من خلال صناديق الاقتراع، لا أن يضع رقبته بين أيادي الذين يطمحون إلى التضحية به بغية تطهير الشوارع بالدماء.
لقد ضحى الشعب المغربي، عبر تاريخه الطويل، من أجل بناء دولة الحق والقانون، وبناء المجتمع الحداثي الديمقراطي، وذلك وفق قناعات الغالبية العظمى من الشعب، ولا يمكنه أن "يغامر" بمستقبله من أجل "القومة" أو دولة "الخلافة" التي تدغدغ أحلام رجل يحلم...
لذلك، فإن المغاربة يستعدون للتوجه إلى صناديق الاقتراع في 25 نونبر من أجل اختيار ممثليهم في مجلس النواب، ولن تحول دونهم وذلك كل دعوات المقاطعة التي تطلقها العدل والإحسان أو غيرها:
أولا: لأن المغاربة، لا يمكن أن يهربوا من المستقبل الذي اختاروه بأنفسهم، وأن يرتموا بين أحضان الذين يريدون أن يقدموهم قربانا على مذبح "قومة" كاذبة، تتاجر بجثث الموتى من أجل استرجاع بعض البريق الزائل.
ثانيا: لأن السياق المغربي يختلف عن السياقات التي تستنجد بها الجماعة من أجل "اصطياد" أصحاب النفوس الضعيفة.
من ثمة فإن فهم هاتين النقطتين هو الذي يرسم المعالم الأساسية لغذ لن تجد فيه جماعة الشيخ ياسين وأتباعه نفسها، بعد أن طال سكينها، الذي ضلت تهددنا به، الصدأ، ولم تعد تجد "ضحايا" تدفع بهم إلى المغامرة ، فأصبحت تعزي نفسها بنماذج مستوردة من تونس ومصر وليبيا، لتستر بها عورتها، التي تنفضح يوما بعد يوم، فلم تعد لا أيادي 20 فبراير ولا أيادي اليسار الجدري ممدودة لها بعدما صدر من "نشطائها" من تعنيف لفظي وجسدي في حق هؤلاء، الذين أدركوا أن العدل والإحسان لا تريد أكثر من قطع أصابعهم بسكين حافية.