وضعت الزيادات الجديدة في الضرائب التي فرضتها الحكومة الجزائرية في قانون مالية 2017 على التجار والمهنيين الجزائر أمام خيار واحد هو ثورة الشعب ضد النظام الجزائري إسوة بثورة 5 أكتوبر 1988 التي اندلعت مباشرة بعد إقدام الحكومة الجزائرية آنذاك على الزيادة في أسعار الدقيق والمعجنات واشتهرت بثورة الخبز التي أدخلت البلاد في حمام من دم.
وتذهب كل المؤشرات إلى أن الأوضاع بالجزائر تنبئ بانهيار السلم الاجتماعي نتيجة الاحتجاجات التي اندلعت منذ الإثنين الماضي في مدينة بجاية بمنطقة القبايل بعدما دعا ناشطون وحقوقيون وتجار ومهنيون إلى إضرابات عامة تستمر إلى السبت المقبل نتيجة الزيادة في قيمة الضرائب المفروضة على المهنيين والتجار في قانون مالية 2017.
وتجددت الاحتجاجات والمسيرات الشعبية الغاضبة في مناطق جديدة بالجارة الجزائر، منها بومرداس، حيث هاجم المحتجون مركزا للشرطة بقارورات المولوتوف، للتعبير عن احتجاجهم على توقيف عدد من المحتجين. بدورها شهدت العاصمة، أحداثا محدودة تخللها نهب محلات تجارية ليلا. أما بالبليدة، فقد سجلت محاولات لغلق الطرقات. فيما واصلت بجاية انتفاضتها ضد الزيادة المهولة في الضرائب وغلاء المعيشة.
وأكدت وسائل إعلام جزائرية، أن الأمن والجيش أعلنا حالة الطوارئ في بعض المدن، من بينها العاصمة الجزائر وبجاية وبومرداس والقبائل، بعدما تجددت المواجهات مع المحتجين الغاضبين من سياسة نظام عبد العزيز بوتفليقة.
وحاول رجال الأمن مساء أمس الثلاثاء فتح طرق وطنية تم قطعها من طرف محتجين، فيما تدخلت قوات لمكافحة الشغب في مدن عديدة لتفادي فوضى جديدة.
من جهة أخرى، استمر إضراب التجار لليوم الثاني على التوالي في محافظات كثيرة، مطالبين بإلغاء نظام الضرائب للسنة الجديدة.
ورغم تصريحات مسؤولين حكوميين، قالوا إن الوضع تحت السيطرة وأنه سيقدم المشاغبون للعدالة، تجددت الاحتجاجات في عدة مدن جزائرية.
وكتبت الباحثة والإعلامية الجزائرية فتيحة زماموش في هذا الصدد أن: "هذه الاحتجاجات تعكس الهشاشة الاجتماعية في الجزائر وهو ما يعني أن السياسات التي اتبعتها الحكومة لم تفكك المشكلات الاجتماعية المتراكمة في المجتمع الجزائري والمتصلة بالشغل والسكن والصحة والتعليم والبنية التحتية.
وأضافت ذات الباحثة أن الجزائر سجلت أزيد من أحد عشر ألف احتجاج في السنة الماضية مما يعطي صورة عن ضعف بنية الأطر المدنية والفاعلين وغياب قوى المجتمع المدني وبالتالي فهي لا تعبر عن انشغالات المواطن ويضطر المواطن للاحتجاج والإضراب.
ومنذ الإثنين الأخير تحولت بجاية، المدينة الساحلية في منطقة القبايل الجزائرية إلى مسرح للاحتجاجات القوية ضد النظام الجزائري قادها شبان وتحولت إلى مواجهات قوية بين المحتجين وقوات النظام الجزائري بعدما تم تخريب العديد من المنشآت السكنية والتجارية والإدارية.
وإذا كان النظام الجزائري يحاول طمس معالم هذه الثورة في محاولة لتلميع ما تبقى له من استقرار اجتماعي و سياسي نسبي فإن مؤشرات قوية تنبئ بتنامي وثيرة هذه الثورة المرتبطة بتداعيات انخفاض السعر الدولي للبترول الذي يضع الجزائر التي تبني اقتصادها على صادرات المحروقات فقط في مهب الريح و يهدد بشكل كبير السلم الاجتماعي الذي ظلت تشتريه بعائدات هذه الصادرات، كما كتبت الزميلة " لوموند"
واندلعت، صباح الاثنين 2 يناير أعمال عنف في ولاية بجاية الجزائية الواقعة في الشمال الغربي للبلاد، احتجاجا على السياسات العامة للحكومة الجزائرية،حيث أقدم المحتجون الغاضبون على إضرام النار في حافلة وقطع الطرق الرئيسية المؤدية إلى عدد من المدن والبلديات التابعة للولاية المذكورة.
وبحسب نشطاء جزائريين، فقد سبقت الاحتجاجات دعوات، في مواقع التواصل الاجتماعي، للتجار والمهنيين، من أجل الدخول في إضراب عام من الاثنين إلى السبت المقبل.
ويحتج الجزائريون على الضرائب الجديدة، التي ضمنتها حكومتهم في قانونها المالي للعام الجاري، بالإضافة إلى غلاء المعيشة وتدهور الأوضاع والخدمات العامة.
وحمل المحتجون مسؤولية هذه الأحداث وما سيتلوها لحكومة بلادهم، التي يقولون إنها تسعى إلى إفقارهم وتأزيم أوضاعهم أكثر مما هي عليه، إذ لجأت إلى سد الثغرات المالية بمزيد من الضرائب على صغار التجار وأصحاب المهن البسيطة.
ويتوقع العديد من المحتجين أن تتطور الاحتجاجات إلى أحداث كتلك التي وقعت في عدد من ولايات البلاد في 5 أكتوبر 1988.
وبحسب المصادر ذاتها، فإن المدينة شهدت عملية كر وفر بين المحتجين وعناصر الأمن.
إلى ذلك، أفاد موقع إعلامي جزالئري استمرار أعمال الشغب والتخريب التي تشهدها شوارع ولاية بجاية منذ منتصف الاثنين، متزامنة مع أعمال نهب وسطو على عدة محلات وسط المدينة.
وتداولت مواقع التواصل الاجتماعي، في ساعة متأخرة من مساء اليوم، فيديو لمجموعة من الشباب المتظاهرين وهم يقتحمون مقر محل شركة "كوندور" بوسط بجاية ويستحوذون على كل ما بداخل المحل، كما تعرضت مقرات شركات أخرى للتخريب والسرقة.
إلى ذلك، قام بعض المحتجين من البلديات الواقعة بالجهة الشرقية لولاية البويرة، بغلق الطرقات ببلدية رافور بدائرة مشدالة وبلدية العجيبة وأضرموا النيران في العجلات وأغصان الأشجار، قبل أن تتدخل وحدات الدرك من أجل إعادة فتح الطريق في ساعة متأخرة من مساء الإثنين.من جهتها، طالبت الرابطة الجزائرية للدفاع عن حقوق الإنسان سكان مدينة بجاية بتوخي الحذر ودعتهم إلى الهدوء.
وقالت، في بيان، إن المطالب الاجتماعية المشروعة لا يمكن تحقيقها إلا في إطار سلمي.
واستنكرت الرابطة احتقان الوضع الذي قد يؤدي بالبلاد إلى الخراب ونادت إلى الهدوء لتفادي الانزلاق إلى مربع العنف.
كما أفادت الرابطة بأن نجاح الإضراب العام بالولاية يظهر إصرار الجماهير للدفاع على حقوقهم الاجتماعية والاقتصادية المهددة من قبل قانون المالية للعام 2017 الذي تم التصويت عليه في خضم الأزمة الاقتصادية التي تمر بها البلاد.