مقدمات لابد منها :
* الفِجُّ من كلِّ شيء : ما لمْ يَنضُجْ
* طَعَامٌ فِجٌّ وفَجٌّ غَيْرُ نَاضِجٍ ، فَاكِهَةٌ فِجَّةٌ غَيْرُ نَاضِجة
* وعمَلٌ مُبْتَسَرٌ : عَمَلٌ غَيْرُ نَاضِجٍ
* وابتسر الحاجةَ ونحوَها طلبها في غير أوانها
* لايمكن للشعب المغربي أن ينسى لحزب الاستقلال بعض الأخطاء على المستوى السياسي الداخلي كانت آخرها الحركة النزقة التي سلكها حميد شباط أمينه العام الجديد إذاك حينما أعلن في 11 ماي 2013 عن انسحاب حزب الاستقلال من حكومة عبد الإلاه بن كيران الأولى ، ودخل المغرب بهذه الحركة النزقة لحميد شباط أزمة سياسية داخلية دامت حوالي أربعة أشهر إلى أن عوضه حزب التجمع الوطني للأحرار في المناصب الوزارية التي غادرها حزب الاستقلال ...
أولا : ماذا حصل مؤخرا بين موريتانيا والمغرب بسبب حميد شباط ؟
كثير من الملاحظين يعتبرون ما صدر عن حميد شباط مؤخرا نحو موريتانيا ما هو إلا أزمة مفتعلة سميت " زوبعة شباط ".... ومن الواضح أن التقارب الموريتاني المغربي المفاجئ لم تنضج عوامله و مبرراته ، كما أن التحول من النقيض إلى النقيض يحتاج لوقت طويل ربما قد يستغرق نفس المدة التي استغرقتها عمليات حفر الهوة بين موريتانيا والمغرب ، إذن هو تقارب مفتعل سطحي كأسبابه المفتعلة ... ورغم ما قيل وما سيقال فإن البوليساريو سيفتح سفارة له في نواكشوط وهي مسألة وقت فقط ، ورغم أن الظاهر للعيان أن العلاقة بين موريتانيا والمغرب بعد زوبعة شباط – ربما – قد تعود إلى وضعها الطبيعي لكن تعيين سفير جديد لموريتانيا في الرباط سيبقى من اختصاص مخابرات الجزائر التي لم ولن تستطيع موريتانيا فعل أي شيء أمامها لأن موريتانيا قد غرقت في المستنقع الجزائري من رأسها إلى أخمص قدميها ..
ثانيا : التقارب الجزائري الموريتاني كحل بديل لتندوف :
بدأت الهوة تتسع بين موريتانيا والمغرب شيئا فشيئا منذ انقلاب ولد عبد العزيز في غشت 2008 على أول رئيس موريتاني شرعي منتخب وهو الرئيس سيدي محمد ولد الشيخ عبد الله ، وفضل هذا العسكري الحاكم في موريتانيا استنساخ نظام العسكر الحاكم في الجزائر للجثوم على صدر الشعب الموريتاني... وبعد أن طردت الجزائر كل الأفارقة جنوب الصحراء بطرق لا إنسانية وأعلنت العداء للأفارقة الذين يناصرون المغرب لم يبق لها سوى موريتانيا الجار الفقيرالهزيل الذي لانفع فيه سوى أن أرضه الشاسعة قد تكون في يوم من الأيام بديلا لتندوف الملوثة بِمُخَلَّفَاتِ 42 سنة من قاذورات البوليساريو الذين تآكلت واهترأت أطروحتهم الانفصالية ، ولما زادت الهوة بين موريتانيا والمغرب وزاد التقارب بين موريتانيا والجزائر لتشابه النظامين الفاشستيين وجدت جبهة البوليساريو الحضن الدافئ تحت ظل الحكم الموريتاني العسكري الجديد الذي أطلق لهم العنان ليسرحوا ويمرحوا في شريط عازل من المفروض أنه منزوع السلاح وتحت وصاية الأمم المتحدة ...وجاءت حوادث الكركرات في غشت 2016 لتستغل الجزائر الفرصة وتدفع بموريتانيا للتصعيد مع المغرب ، فنزلت قوات الجزائر وبعض سيارات الدفع الرباعي للبوليساريو إلى أقصى جنوب إقليم وادي الذهب قريبا من الكركرات تتحرك في الأراضي الموريتانية المغربية التي اندمج بعضها في بعض ... وهذه بوادر قد تدخل في إطار عملية تفكيك مخيمات تندوف وتفتيتها وتنقيلها إلى أقصى جنوب إقليم وادي الذهب شيئا فشيئا ، خاصة وأن أطروحة البوليساريو الانفصالية قد انتهت ويبحث قادة البوليساريو – اليوم - عن بديل يقتلون به الوقت لا غير أمام ضغوط الشباب الذي انتظر طويلا قيام جمهورية الوهم التي لن تقوم لها قائمة أبدا .
ثالثا : مخاض ميلاد حكومة جديدة في المغرب والعلاقة المغربية الموريتانية :
يعلم الجميع أن المغرب يعيش هذه الأيام مخاض مفاوضات لميلاد حكومة جديدة برئاسة حزب العدالة والتنمية الذي تصدر انتخابات07 أكتوبر 2016 بعدد 125 مقعد ، لكن ظهور رئيس جديد لحزب التجمع الوطني للأحرار وهو الميلياردير عزيز أخنوش وزير الفلاحة قد عقَّد المفاوضات من أجل تشكيل الحكومة الجديدة ، وكان أول لقاء لأخنوش مع رئيس الحكومة المعين السيد عبد الإلاه بن كيران قد فاحت منه رائحة الكِبْرِ والغرور المنبعثة من نظرات الرئيس الجديد لحزب الأحرار ، كما أنه كان يتحدث في مجالسه عن انعدام أي قيمة للأرقام التي تحصل عليها الأحزاب السياسية في الانتخابات ، ويبرر ذلك بقوله إن الملك قد أشار في خطابه من دكار يوم 6 نوفمبر 2016 إلى تكوين حكومة مغربية جادة ومسؤولة [....] ولاينبغي أن تكون مسألة حسابية ، ففي نظره : لا قيمة لأرقام الانتخابات فرقم 37 مقعد الذي حصل عليه حزب التجمع الوطني قيمته في سوق سياسة أخنوش المالية تساوي عشرة أضعاف ما حصل عليه حزب العدالة والتنمية !!!!!
لكن ما علاقة أخنوش بالأزمة مع موريتانيا ؟
قبل أكثر من شهر كان من ضمن ما اشترطه أخنوش على ابن كيران إبعاد حزب حميد شباط من أي حكومة سيشارك فيها حزبه العتيد ...وفجأة جاءت زوبعة شباط ضد موريتانيا يوم السبت 24 ديسمبر 2016 حينما صرح أمام اجتماع لنقابة الاتحاد العام للشغالين بالمغرب " بأن موريتانيا تاريخيا كانت أراضا مغربية ومن العيب أن يصدر من حكامهما ما صدر من معاداة للمملكة " وهو ما أثار غضب الحزب الحاكم في موريتانيا الذي وصف كلام شباط بأنه صفاقة وانحطاط ... ونفخ المُغْرضُون في تصريح شباط هذا وجعلوا منه جريمة تستحق الشنق ، في حين اعتبره آخرون مجرد قراءة لأدبيات حزب الاستقلال من تراث قائدهم الفذ المرحوم علال الفاسي... وظهر جليا للعالم أن النفخ في كلام شباط مفتعل .
رابعا : حملة اعتذارات الدولة المغربية لموريتانيا أكبر بكثير من خطإ حميد شباط :
كما هو معروف يجب أن يكون رد الفعل في مستوى الفعل ، أو ما يعرف بنظرية التناسب فمثلا أن يكون العقاب على قدر الجريمة وأن تكون المكافأة على قدر الاجتهاد ، لقد تم تضخيم كلام شباط فقط لتبرير كسر جدار الصمت المريب بين موريتانيا والمغرب بعد انهيار العلاقة بينمهما ، ولابد من استحضار تاريخ 20 ديسمبر 2016 يوم انعقاد الدورة ال 18 للجنة العليا المشتركة الموريتانية الجزائرية للتعاون ، التي سوف لن تحصل موريتانيا من الاتفاقيات المبرمة فيها مع الجزائر سيكون مصيرها كمصير مثيلاتها من الاتفاقيات الجزائرية مع عموم دول إفريقيا خاصة مع انهيار أسعار النفط ....أي إن ذلك مجرد خرطي في خرطي ..
فجاءت هفوة شباط كخيط أمل استغله بعض ساسة المغرب واعتقدوا أنه خيط قد يزحزح التقارب الموريتاني الجزائري رغم كونه في الحقيقة خيطا هو أرفع من خيط العنكبوت وأن هفوة شباط مجرد زوبعة في فنجان لا تحتاج لكل تلك التحركات المغربية الضخمة غير المتناسبة بتاتا مع حجم ما تفوه به حميد شباط وسبقه غيره لمثله عشرات المرات دون أن يتحرك أحد، فلماذ كان كلام شباط هذه المرة له تأثير أكثر من المعتاد و ماذا حدث حتى كانت القيامة المغربية المتمثلة في :
(1) بلاغ شديد اللهجة لصلاح الدين مزوار وزير الخارجية المغربي وهو الرئيس السابق لحزب التجمع الوطني للأحرار أي العدو اللدود لحزب الاستقلال ، وكأنه بلاغ أفرغ فيه أخنوش ما في جوفه من حقد دفين على حميد شباط .
(2) مبادرة الملك بمكالمة رئيس موريتانيا ولد عبد العزيز ، وقد لاحظ البعض أن الملك كان متسرعا بمبادرته تلك لأن عسكر موريتانيا الحاكم سوف لن يكون في مستوى الالتفاتة الملكية .
(3) إرسال رئيس الحكومة بصفة استعجالية لموريتانيا للقاء ولد عبد العزيز والاعتذار له .
(4) حملة إعلامية تَجلد شباط وكأنه هو المسؤول الوحيد عن أكثر من خمس سنوات من القطيعة والجفاء مع موريتانيا وتقاربها مع الجزائر والبوليساريو ، رغم أن ما قاله شباط جاء في سياق تاريخي قديم ، وتحت وطأة تأثير الغدر الموريتاني وتماديها في معاداة المغرب .
(5) الترويج المتهافت والمجاني بأن الخير العميم سينتج عن هذا التقارب المفاجئ بين المغرب وموريتانيا سيستفيد منه البلدان معا وسينسف في رمشة عين ما بنته الجزائر والبوليساريو مع موريتانيا طيلة 8 سنوات ، وهذا غباء سياسي ونظرة سطحية مسطحة بعيدة جدا عن الواقع الذي وصل إليه امتزاج الوشائج العلائقية العسكرية الجزائرية الموريتانية خصوصا ، وهو ما نبه إليه الرئيس الموريتاني الأسبق العقيد اعل ولد محمد فال حيث قال إن الجيش الموريتاني مُخْتَرَقٌ من طرف الجيش الجزائري وميلشيات البواليساريو ...
إن الحملة الاعتذارية الكثيفة التي قادتها الدولة المغربية من أعلى سلطة في البلاد إلى وزارة الخارجية وعبر رئاسة الحكومة ، هي حملة غير متناسبة تماما مع هفوة حميد شباط ، لدرجة أن بعض الملاحظين أطلقوا وابلا من السخرية على الصورة الكاريكاتورية للخلل في التناسب بين الفعل ورد الفعل وشبهوا الأمر كمن يقتل بعوضة بصاروخ ، ولو أحصينا خلال سنة واحدة ما يصرح به قادة حزب الاستقلال سواء كان شباط أوغيره من زعماء حزب الاستقلال الذين كثيرا ما يخطبون في تجمعاتهم بمناسبة وبغير مناسبة ويصرحون بأن الصحراء الشرقية الجزائرية هي أراضِ مغربية وأن حدود المملكة المغربية الجنوبية هي نهر السنغال ، دون أن ننسى تصريحات حكام الجزائر المستفزة للمغرب وفي عشرات المناسبات وأحيانا بدون مناسبة تذكر ... ولو كانت هذه التصريحات التي تعد بالمئات سنويا ذات فعالية ونجاعة في حد ذاتها لكانت سببا لعشرات الأزمات السياسية بين المغرب وموريتانيا وبينه وبين الجزائر .....فماذا وراء هذه الأكمة ؟
خامسا : هل سيكون حكام موريتانيا في مستوى تطلعات المغرب ؟
إن المغرب يتطلع لموريتانيا محايدة إيجابيا ، تتدخل بين الفرقاء في المنطقة بالاجتهاد في إبداع حلول تعود بالنفع على المنطقة المغاربية برمتها لا أن تجعل من أراضيها معبرا للبوليساريو يتحركون فيها كما لو أنها أراضيهم ، وكل إنكار من حكام موريتانيا على أن البوليساريو قد نزل إلى شاطئ المحيط الأطلسي من السماء فهذا ضحك على عقول العالمين ، فالشريط ضيق جدا بين الأراضي الموريتانية وبين الجدار الأمني المغربي لن يترك الجيش المغربي أن تمر منه ولو ذبابة ، يبقى العمل المستفز والمفضوح هو مرور بضعة مرتزقة من البوليساريو إلى شاطئ المحيط الأطلسي عبر طريق نواديبو الموريتانية وفي ذلك أبشع استفزاز للمغرب لن تكون له عواقب سليمة للموريتانيين لا مع المغرب ولا مع الجزائر ولا مع البوليساريو لأن هذين الأخيرين سيعتبران أن العبور إلى المحيط عن طريق موريتانيا أصبح حقا مكتسبا لن تستطيع موريتانيا بما تملك من جيش وهو أهزل من أن يذكر حتى يعتبر جيشا في المنطقة ... لقد أخطأ العسكري ولد عبد العزيز حينما انبطح لجنرالات الجزائر حتى جعلوا من موريتانيا جزءا من المعضلة الصحراوية بعد أن كان بإمكانها أن تكون جزءا من الحل ...
سادسا : التقارب الفَجُّ بين المغرب وموريتانيا :
لا شك أن ملك المغرب وهو يحقق ما حققه من انتصارات سياسية واقتصادية في شرق إفريقيا بربط الاتصال المغربي المتين مع رواندا وإثيوبيا وتانزانيا ومدغشقر ونيجيريا ، لا شك أنه قد حقق ذلك بالإعداد الجيد وتهييئه على نار هادئة ومنذ سنوات حتى استوت الطبخات ، ثم شد الرحال إلى تلك الدول الإفريقية لتنفيذ ما نضج منها ، شد الرحال إلى دول إفريقية كانت تعتبر معاقل منيعة للجزائر ، وقد شاهد العالم كيف استطاع ملك المغرب أن يكتسب المصداقية من خلال ما يعقده من صفقات تجارية واقتصادية ذات النفع الأكيد على المغرب وعلى جميع البلدان المذكورة وغير المذكورة من الدول الصديقة القديمة جدا مع المغرب مثل السنيغال والغابون والكوت دي فوار وغيرها كثير من دول غرب إفريقيا ، لأن كل ذلك كان على مهل وبسياسة رابح رابح لإقناع شركائه ، لكن السؤال المحير اليوم هو : هل دخلت موريتانيا لهذا النادي المغربي ؟ ثم كيف يدور المغرب في علاقته مع موريتانيا بـ 180 درجة وهي التي لا ولن تستطيع الإفلات من تحت حداء جنرالات الجزائر الذين أحكموا الخناق على الشعب الموريتاني من خلال عساكر موريتانيا ...
فلو نضجت العلاقة المغربية الموريتانية على نار هادئة مثلما نضجت عوامل التقارب المغربي مع دول شرق إفريقيا لكان الأمر مفهوما ومبررا ، لكن كيف وبين عشية وضحاها نسمع عن تقارب فج ومبتسر بين المغرب وموريتانيا ؟ لا يستسيغ عاقل أن يكون تصريح شباط هو السبب !!!! نعرف موريتانيا التي ركبت شاحنة عسكرية جزائرية شديدة السرعة نحو هاوية الاستبداد والفاشستية على مقاس النظام الجزائري بالميلليمتر حتى أصبحت صحافة موريتانيا والشعب الموريتاني يستعملون قاموس المفردات الجزائري نفسه ضد المملكة المغربية ، لقد كان الشعب الموريتاني – قبل حكم العسكر - لا يفهم غير لغة الود والمحبة نحو الجميع وخاصة نحو كل ما هو مغربي لأنه قريب جدا جدا من الشعب المغربي ، لكن عساكر موريتانيا سقطوا في أحضان المُكَرَّشِينَ من جنرالات الجزائر المجرمين ، لن يقبل عقل في كامل قواه أن يكون هذا التقارب الموريتاني المغربي حقيقيا وبسبب هفوة حميد شباط ..
ستفتح البوليساريو سفارتها في نواكشوط ، ورحم الله سفير المغرب في نواكشوط السيد عبد الرحمان بن عمر الذي نجَّاهُ الله من رؤية هذه المهزلة المُمْعِنة في إيذاء مشاعر الشعب المغربي ، والتعبير عن درجة الخنوع والطاعة والولاء من طرف الموريتانيين لحكام الجزائر ، وقد روجت وسائل إعلامية مجهولة أن موريتانيا ستبعث سفيرا لها إلى الرباط بعد خمس سنوات بدون سفير موريتاني في الرباط !!!! هذا كلام للاستهلاك ومناسب تماما لفجاجة التقارب الموريتاني المغربي المبتسر ، فسفير موريتانيا لن يرى سماء الرباط لأن ذلك لن يمر إلا من تحت " كرش " أحد جنرالات الجزائر ... ولأن الوضع هكذا بدون سفير موريتاني في الرباط يخدم العمى السياسي الذي يعشق حكام الجزائر تعميمه في المنطقة المغاربية ، خاصة وأن مكاتب المخابرات الجزائرية المنتشرة في المغرب تحت أسماء القنصليات بالإضافة لسفارتها بالرباط تقوم كلها بالواجب وزيادة وتبعث للخارجية الموريتانية ما تحب وترضى سماعه عن المغرب العدو اللدود للجزائر وموريتانيا ...
بعد كل هذا أليس التقارب المغربي الموريتاني الأخير والمفاجئ ، أليس تقاربا فَجّاً ومبتسرا وغير ناضج وغامض ومُلْتَبِس وينطوي على خِداع بصري فقط لاغير؟؟؟؟
عود على بدء
أصبحت الإيديولوجيا كالثلوت ، والجزائر من الدول التي كانت تقتات من نشر إيديولوجيتها في إفريقيا التي أصبحت اليوم تعيش الاحتباس الايديولوجي كما تعيش الاحتباس الحراري ، السؤال هو : ألا يزال في إفريقيا حاكم مغفل مثل حاكم موريتانيا لتبيعه الجزائر سلعتها البائرة ؟ تلك السلعة التي صنعت بها البوليساريو أيام المد الشيوعي والحرب الباردة ..لقد اختنق حكام الجزائر في إفريقيا ومما زاد في اختناقهم - هم وغيرهم - ممن كانوا يبيعون أوهام الإيديولوجيات لشعوب إفريقيا المُعْدَمَة هو اجتهادهم في نشر القحط الفكري مما نتج عنه انتشار الجفاف السياسي ، فلن تجد في الجزائر مثلا أو جنوب إفريقيا أو زيمبابوي جامعة أو حزبا أو منظمة ثقافية تنتج فكرا خصبا يبتكر أفكارا سياسية واقتصادية متطورة لحل المعضلات الاجتماعية الملحة فهل سقطت موريتانيا في بركة القحط الفكري الجزائري ؟
بعد كل هذا ، ها هي الجزائر تعيش أواخر ساعات التخاريف الإيديولوجية التي لم تنفعها حتى لضمان شكارة حليب وحبة بطاطا ، والمأساة هي أن تأتي موريتانيا لتعيش في الوقت بدل الضائع مع الجزائر في وحلها الاقتصادي ، لقد استيقظ الأفارقة من كوابيس الإيديولوجيات التي كان رؤساؤهم يبيعون الإيمان بها لحكام الجزائر بعشرات ملايين الدولارات إلا الشعب الموريتاني الذي تأخر به الزمان ليسقط في فخ جنرالات الجزائر ...
على سبيل الختم :
(1) لقد لعب المغرب ورقة الاتحاد الإفريقي في الوقت المناسب ، فماذا يختزن في جعبته ليضرب به حكام الجزائر الشيوخ العجزة ؟
(2) تعيش كثير من مدن الجزائر غليانا هو أقرب للعصيان المدني منه إلى الثورة بسبب سياسة التقشف التي دخلت حيز التنفيذ في الجزائر مع بداية عام 2017 ( الهجوم على المجمع التجاري كوندورونهبه في بجاية – حوادث في غرداية والجزائر العاصمة ) .
(3) هل بدأ العد العكسي للتخلص من أعباء البوليساريو وطرده من تندوف نحو موريتانيا لتنفيذ خطة دخول الصحراويين المحتجزين في تندوف عن طريق رسمي وهو بوابة المركز الحدودي الكركرات المغربية كما جاء في مقال منشور في الجزائر تايمز بتاريخ 17 دجنبر 2016 تحت عنوان " لقد بدأ العد العكسي لإطلاق سراح الصحراويين المحتجزين بمخيمات تندوف " ؟ إنه الجواب المنطقي للسؤال عن التقارب الفج والمبتسر بين موريتانيا والمغرب ...
سمير كرم