دعوا عنكم كل الأخبار الرائجة والمعارك الدائرة، فهي مضرة وزائلة ولا فائدة منها، وهي مجرد مضيعة للوقت والطاقة بلا طائل.
هي أخبار ومعارك للاستهلاك، لا أقل ولا أكثر، فلا يغرنكم شكلها المثير، ولا إخراجها المتقن، لأن العبرة بالخواتم، وأفضل الخواتم لا يكون بمتابعة الفتات.
انسوا قليلا هذا الحاضر المتسارع، وفكروا في المستقبل أفضل. وجربوا أن تنضموا إلينا، فنحن نقدم لكم الفرصة التي لا تعوض.
هذا عرض مغر، لا يقاوم، ولن تجدوه في مكان ولا في زمان آخر، واحذروا التقليد، ولا تثقوا إلا في وكلائنا المعتمدين، وهم كثر.
نحن، وحدنا، نمنحكم فرصة العمر لتصيروا مستثمرين، وعرضنا لا يحتاج إلى درهم في رأس المال، لأن الشطارة تكفي.
استثمروا في “الدفاع عن الديمقراطية”، فهي أصل تجاري مربح، وتجارة مضمونة الرواج، فسارعوا إلى حجز مكانكم قبل أن تحتد المنافسة ويكثر المضاربون فيها.
“الدفاع عن الديمقراطية” أكثر مردودية من مقالع “المال”، ومن رخص الصيد في أعالي البحار و”البشار”، ومن “كريمات” استغلال سيارات الأجرة والأجور وحافلات نقل “المشافرين”.
هو نشاط تجاري يمكنكم من دخول البورصة من أوسع الأبواب، ولا من يسألكم من أين لكم هذا، فأنتم، بفضل خطتنا، ستصيرون مؤهلين ديمقراطيا، وحاصلين على “إيزو 7 أكتوبر 2016″، ومن كان منكم حاصلا على اعترافنا، حاملا لطابعنا، فلا حرج عليه، إذ سيكون “ديمقراطيا معتمدا” و”فوق العادة”، وصاحب حصانة لا يأتيه السؤال من فوق ولا من تحت، وحتى إن سئل فليجب بالتحدي: إنكم تنتقمون مني لأنني ديمقراطي أدافع عن الديمقراطية.
معنا، بإمكانكم أن تصيروا خبراء في هذا المفهوم السحري في أقل من خمسة أيام، وبلا معلم طبعا. الطريقة سهلة للغاية، اضغطوا على الزر رقم واحد، واتبعوا الإرشادات، ولا تنسوا أن الاتصال بنا بالمجان.
ضربو الحديد ما حدو سخون، واستغلوا فرصة ما يحدث حاليا، وأحسنوا الركوب عليه، فبه تضمنون مكانا آمنا مريحا بين باعة الديمقراطية المتجولين.
ولأن المناسبة شرط، فأول ما عليكم أن تفعلوه هو أن تقولوا إن حميد شباط يؤدي ثمن تحالفه مع حزب العدالة والتنمية، وأنه رجل في زمن قل فيه الرجال، وأنه لطيف وساذج وطيب جدا. وكلما زاد الرواج ارفعوا الإيقاع، كأن تقولوا مثلا إنه ذهب ضحية المتآمرين، بعدما لعب لاعب برأسه فغرر به وأخرجه من الحكومة، وفي صلاة فجر ناجى السماء فردت عليه بصحوة ضمير مفاجئة، فقصد الزاوية البيجيدية يطلب الحكمة ويقرأ الورد تلو الورد، ويعبر عن الندم عما فات، فيقبلون ندمه ويطوون الصفحة بما أنه صار معهم.
بعد شباط، اتجهوا نحو عزيز أخنوش. ابدؤوا بالقول إن صاحب محطات المحروقات يحاول إحراق فرحة وأعصاب المنتصرين في الانتخابات. أضيفوا أنه ينفذ مخططا للانقلاب على شرعية الصناديق، وأن كفة 37 أريد لها أن تكون أثقل من كفة 125، وأن من يعترض أو يشترط أو يفاوض فإنما يعرقل ويتآمر وينفذ مخططات تصاغ في مكان مظلم. ستجدون الكثيرين يصفقون لكم، ولن يسألكم أحد عن “اللوجيك”.
تعاطفوا مع شباط والعنوا أخنوش وبهذا تعبرون إلى المستوى الثاني بميزة حسن جدا مع توصية بالنشر.
في المستوى الثاني اسخروا من وزارة الداخلية، وقولوا إن اعتقال بعض “الصكوعة” غير قانوني، وأن الإشادة بمقتل السفير الروسي لدى تركيا حق من حقوق الإنسان ومجرد رأي وحرية تعبير مقدسة، وأن تحريك المتابعات في حق هؤلاء إنما انتقام من الحزب القوي. لا تبالوا بأن وزير العدل مسؤول هو الآخر، ركزوا على وزير الداخلية فقط.
في المستوى الثالث، قولوا إن البيجيدي هو حصن الديمقراطية على هذه الأرض، وأن الآخرين مجرد كومبارصات في فيلم طويل، وأن البطل ابن كيران يحارب الطواحين، وأنه مغلوب على أمره، وأنه الوحيد الذي يعرف مصلحة البلد.
لا تأبهوا بالتناقضات أبدا. دافعوا عمن يكون إلى جانبكم، وشنوا الحملات ضد من يناقشكم، ومن حاول أن ينبهكم إلى أنكم لا تملكون الحقيقة الكاملة هاجموه ليعود إلى جحره، وستحتكرون الساحة حيث لا سلطة للسان غير لسانكم.
جربوا هذه الخطة، فهي سهلة للغاية، ولا تحتاج إلى مجهود كبير. تكفيكم افتتاحية في اليوم، وبضع تدوينات، مع قليل من صور بالفوطوشوب، وها أنتم حاصلون على دبلوم “ضابط إيقاع ديمقراطي”، والغرامة مضمونة طبعا… مع سكون جميل على الغين!
رضوان الرمضاني
#مجرد_تدوينة