البيان الذي صدر مشتركا بين وزير العدل والحريات، رئيس النيابة العامة، ووزير الداخلية بخصوص فتح تحقيق حول صفحات في الفيسبوك قامت بالإشادة بمقتل السفير الروسي بأنقرة، ومعتبرة القاتل بطلا، وشدد البيان على أن هذا الفعل يدخل في إطار الجريمة الإرهابية، وكانت التعديلات التي تم إدخالها على قانون مكافحة الإرهاب حددت عقوبات حول الإشادة بالإرهاب.
البيان جاء ليضع حدا للتسيب الذي يعيشه عالم الأنترنيت، الذي تم توظيفه بشكل سيئ، إلى درجة أنه أصبح نوعا من المنابر التحريضية على القتل والتطرف والعنف، ففرسان العدالة والتنمية، الذين يتم تمويلهم من الحزب وبدعم منه، كان مفروضا فيهم أن يكونوا فاعل خير ويرشدوا الشباب للسلم والسلام والأمن والأمان، لكنهم اختاروا أن يقفوا في صف القاتل.
فالإشادة بقتل السفير الروسي ومدح القاتل واعتباره بطلا، هو أخطر من ممارسة الإرهاب في حد ذاته، فكم من شاب سيحلم ببطولة الشرطي التركي ويدخل التاريخ من باب الجريمة والغدر؟ وكم من شاب دفعه هذا الخطاب للجوء إلى بؤر التوتر؟
نعرف أن حزب العدالة والتنمية، وبأمر من زعيمه بنكيران، وظف العشرات من شباب الحزب وفق تعاقدات معينة، وهدفهم هو إنشاء صفحات في إطار ما يصطلح عليه الكتائب الرقمية. وتبين اليوم أن هذه الكتائب خارجة عن القانون. لأن دور الحزب الذي يحصل على المال العام هو تأطير الشباب وإخراجهم من حالة الفوضى والتطرف إلى حالة الاستقامة السياسية.
لكن اليوم اتضح أن الكتائب هي العامل الرئيسي في نشر الفوضى والدعوة للإرهاب والتطرف.
بعد البيان شرعت السلطات المعنية، أي المكتب المركزي للأبحاث القضائية، الذي تعتبر الجريمة الإرهابية من أهم اختصاصاته، في التحقيق مع الشباب الذين فتحوا صفحات على فيسبوك يشيدون فيها بمقتل السفير الروسي، مما يعتبر إشادة بالإرهاب، ووصل اليوم التحقيق إلى وضع اليد على خمسة من فرسان الإشادة بالإرهاب كلهم ينتمون لشبيبة العدالة والتنمية.
ما زال التحقيق في مراحله الأولى أي لم يتم عرض الموقوفين على المحكمة. ومع ذلك ارتفعت أصوات من العدالة والتنمية، فرئيس جمعية محامي الحزب شرع في نقاش قانوني حول مدة الحراسة النظرية، ناسيا أن المحققين حائزين على الصفة الضبطية، وبرلمانية الحزب ماء العينين قالت ينبغي متابعتهم بقانون الصحافة والنشر، أما حامي الدين فقد قال إن الأمر يتعلق بتفاعل نفسي مع ما يجري في حلب.
لكن أكثر من ذلك خرج خالد بوقرعي من قيادات الشبيبة ليقول إن الحزب لن يتخلى عن شبيبته وما وقع هو مجرد تصفية حسابات.
نريد أن نسأل: من يصفي الحساب؟ وهل مصطفى الرميد متورط في تصفية الحسابات مع الشبيبة الحزبية؟
يبدو أن الحزب لا يعرف أن التحقيق في بدايته وأي تصريح هو محاولة للتأثير على المحققين وعلى القضاء.
غير أن ما لا يعرفه المداويخ والصكوعة يعرفه بنكيران. قد يكون على علم بأن سكرتير مجلس الأمن القومي الروسي تبادل مع نظرائه في المغرب ملفات خطيرة عن شباب البيجيدي وعن الشبكات الدولية للإرهاب وعن تنسيقات خارج المغرب بما يعني أن موضوع الإرهاب والإشادة أكبر من الكتائب نفسها.3 ومن هنا نفهم سكوت بنكيران عن الموضوع حتى وهو يطلق بعض القياديين "باش يديرو الصواب".