مغربنا وطننا روحي فداه ومن يدس حقوقه يذق رداه.
…كان للنشيد معنى.
كل صعب على الشباب يهون، هكذا همة الرجال تكون.
كان للقصيدة مغزى…
وكانت الأيام غير الأيام. وكان الرجال والنساء قابضين على جمر تلك اللحظة الحالمة بحرية الناس.
كان المغرب الاستقلال، وكان الاستقلال المغرب، ولم تكن هناك فوارق بين الأشياء.
كان الحزب العتيد عتيدا، وكان المغرب لايعني إلا التئام الناس حول الملك والشعب وهذا الحزب بالتحديد.
مرت تحت جسور سياسة البلد سيول بل فيضانات وأمطار وتسوناميات من نوع خاص حتى قال القائل “ماتت السياسة أو كادت”، لكن بقي الاستقلال.
للإسم رنة خاصة، وحتى الأغبياء الذين قالوا “لنغير الإسم فقد نلنا استقلالنا ولم تعد للتسمية معنى” رد عليهم الناس “الإسم لاعلاقة له بلحظة عابرة إنه التاريخ كله”.
من هذا الحزب خرج الجميع، وإليه حين ضيق الأشياء كان يعود الجميع. في ثنايا عراقته كان الكل – حتى ألد المبتعدين خصومة – يجد بعضا من الإجابة عن حرقة أسئلة الوقت والزمن السياسيين المغربيين، ولم يكن أحد ينتظر هاته الانعطافة، ولم يكن أحد يتوقع هذا المآل.
اليوم، حتى القصف في حق الحزب العتيد حرام. حتى إطلاق النار على سيارة إسعافه وهي تحمل ماتبقى من الأشلاء غير مقبول، وحتى التطفل على أمور “الحزب” أمر غير متاح لأي منا.
هو ملك للتاريخ فقط. هي مسألة مسموح بها لضمير الأمة الجمعي وحسب.
المغرب هو الذي يجب أن ينهض من سباته لكي يقول لنفسه، لذاكرته، لما تبقى فيه من قدرة على استرجاع كل شيء : “إلا الاستقلال”.
لنصنع ما أردنا بكل الأحزاب الأخرى. لنلعب بها ألعابنا المتنوعة. لنعد خلقها من جديد، ولنعد نشأتها والتكوين. لنصنع لها كل يوم إسما وعلما ورمزا وأسماء وأشياء كاريكاتورية كثيرة.
لكن لندع الاستقلال للتاريخ، للكبار، لمن استطاعوا يوما أن يفهموا معنى المرور من باب الحد، لمن فهموا يوما معنى العبور قرب باب بوجلود بفاس.
لمن يعرفون أن النقد الذاتي لم يكن كتابا فقط لعلال الفاسي، بل كان منهاج حياة.
لمن لازال رنين الشعار يضرب وجدانهم وإن لم يعيشوا اللحظة بل سمعوها على لسان الأجداد والآباء “زعيمنا السياسي هو علال الفاسي”.
أعترف بها: لساني طويل ولاذع مع الأحزاب كلها، لكنه يصل الاستقلال ويسكت. أتذكر أن أول مؤتمر عام حضرته في حياتي كان هو مؤتمر الاستقلال والعمر مني لا يتجاوز الثالثة.
لعل لوثة السياسة والصحافة والاهتمام بالشأن العام أصابتني يومها. لعله سر تعلقي بصور الأسود والأبيض التي تملأ المكان مني، وبملامح الكبار العابرين من ذلك الحزب يوم لم يكن فيه أي مكان للصغار، لعلها بداية التكوين لدي لذلك لا أملك إلا هذا الكلام.
دعوا الاستقلال كبيرا أيها السادة، أو عفوا أريد تصحيحها و”اللي ليها ليها”: أعيدوا للاستقلال هيبته، فقد أعيته كل هاته الصغائر.
بقلم: المختار لغزيوي