المختار لغزيوي
ليست أول مرة تطرد فيها الجزائر أفارقة من أرضها بطريقة مهينة ولا إنسانية. ليست أول مرة ولن تكون الأخيرة، ونحن هنا في المغرب نتذكر لها هذا الأمر بالتحديد، ونتذكر أن مغاربة كانوا يعيشون على أرضها، وكانوا يعتقدون أنفسهم أبنائها أو في حكم أبنائها قد تعرضوا لنفس المصير في سبعينيات القرن الماضي.
كم كان عددهم حينها؟ آلاف من المغاربة باتوا في الجزائر ليلا ولم يصبحوا فيها نهارا.
أسمى المؤرخون تلك المأساة يومها “المسيرة الكحلاء”، وكان يوم الشروع فيها هو يوم عيد الأضحى الذي وافق 18 دجنبر من سنة 1975، تماما مثلما اختارت الجزائر شهر دجنبر من هاته السنة لكي تطرد أشقاءنا الأفارقة من أرضها.
حينها كان الراحل الهواري بومدين يحلم بأن يصبح “فيديل كاسترو” المغرب الكبير، وكان يتصور أن حلمه لن يمر إلا على أنقاض البلد الجار مما تخيله سهلا، فكان اختراع كل الأسباب لخلق المشاكل للمغرب مما لازال متواصلا إلى يوم الناس هذا سواء عبر معاداة وحدتنا الترابية ومواصلة رعاية الوهم المسمى البوليساريو أو عبر اصطناع الخلافات أو عبر تصيد أي فرصة للإساءة للمغرب ودعم كل من يعاديه أو يعادي مصالحه.
وماذا بعد؟
لاشيء. للجزائر اليوم رئيس يحملونه فوق كرسيه المتحرك لكي يدشن مشاريع البلد الوهمية، وهو بالكاد يستطيع الحياة. وللمغرب هاته القدرة على دخول القارة مجددا الدخول اليليق به عنوان استعادة مكان طبيعي لنا فيها، ودلالة أننا لم نخرج منها يوما عن طيب خاطر، بل تم دفعنا دفعا لاتخاذ ذلك الموقف، وهاقد قررنا أنه لا يصلح ولايمكنه أن يستمر، وهانحن اليوم فيها ومعها نبني مسار المستقبل كله وفق شراكة “رابح/رابح” من الجانبين ولهما معا.
في نهاية المطاف، تعامل الجزائر مع أشقائنا الأفارقة الذين تم طردهم بتلك الطريقة المهينة، يذكرنا بأهلنا الذين طردوا منها يوما، لكن يذكرنا أيضا بأهلنا المحتجزين لدى عصابة البوليساريو في تندوف، ويذكرنا بالصغار الذين كان يتم تهجيرهم قسرا إلى كوبا ومعسكرات فيديل كاسترو، ويذكرنا بعديد الكوارث الإنسانية التي برع البلد الجار في اقترافها بسبب حكامه الذين تكالبوا عليه كل هاته السنوات، والذين لا يرون من وسيلة للبقاء في الحكم ممسكين بتلابيب الشعب الجزائري إلا أن يواصلوا سياسة العداء للمغرب، وسياسة خلق المشاكل من العدم لأنهم يعرفون أن كل خطوة تخطوها المملكة في الاتجاه السليم هي خطوة معاكسة لديهم تخطوها الجمهورية نحو مزيد من الدمار.
لن نقول مرة أخرى إن الأمر يفرحنا. هو بالعكس يؤلمنا لأنه دليل غباء فعلي من طرف من يحكمون الجزائر: أن لم يستطيعوا استيعاب مسلمة وبديهية صغيرة للغاية تبدو لأي عابر سبيل عن بعد: مصلحتهم توجد في التعاون مع المغرب لا في مواصلة معاداته، لكنهم لا يفهمون.
أصلا من يعادي شعبه ومن يفرض عليه الحياة القاسيةرغم البترول ورغم الغاز ورغم الغنى الفاحش، لايمكنك أن تطالبه بأن يكون صديقا للشعوب الأخرى. عادي جدا وبديهي.