ليست المرة التي تقول فيها جماعة العدل والإحسان إنها تتبنى دولة الإنسان، فقد سبق لفتح الله أرسلان، نائب الأمين العام الناطق الرسمي للجماعة، ان قال عقب موجة الربيع العربي إن دولة الخلافة هي نفسها الدولة المدنية، وذلك في محاولة للركوب على حراك الشارع والسطو على حركة 20 فبراير، ولم تكن الجماعة مجتهدة في ذلك حيث سبقتها جماعة الإخوان المسلمين بمصر، التي أسسها حسن البنا عقب سقوط الخلافة العثمانية وكان هدفها عودة هذه الأخيرة، حيث ظلت تتفرج على المتظاهرين في الشارع ولما أوحي إليها أن مبارك سيسقط قالت إنها تتبنى الدولة الديمقراطية المدنية كي تسطو على حراك الشارع.
ودولة الإنسان أو الدولة المدنية ليست من مبتنيات الحركات الإسلامية، التي أقامت كل كيانها على دولة الشريعة كما تفهمها هي، ومن قبل منها بالديمقراطية فكان ذلك كرها، فحتى بنكيران كان يتبنى دولة الخلافة ولكن لأن الأفق انسد أمام أصحابه ففتح لهم ثغرة القبول بالديمقراطية، وذلك بدليل أن دخولهم للبرلمان كلفهم دراسة فقهية أنجزها سعد الدين العثماني تحت عنوان "فقه المشاركة السياسية عند شيخ الإسلام بن تيمية"، فما بالك بجماعة بنت كل إيديولوجيتها على حديث الخلافة على منهاج النبوة المنسوب لرسول الله (ص)؟
الجماعة بنت مشروعها الدعوي والسياسي على مفهوم "الخلافة على منهاج النبوة" وبالتالي فإن استعمال دولة الإنسان مجرد تدليس كي تركب على ظهر اليسار، الذي تاه عن الطريق، كي تصل إلى مبتغاها حتى تنقلب عليه فيما بعد. فعبد السلام رفض وجود الأحزاب السياسية عقب "القومة الإسلامية"، ولما نبهه بعض الشباب إلى ان ذلك صعب هضمه والترويج له داخل الجماعة عاد في الطبعة الثانية، من كتابه العمدة "المنهاج النبوي تربية وتنظيما وزحفا" الذي مجرد نقل عن جند الله للإخواني السوري سعيد حوا، ليقول بالسماح للأحزاب بالوجود وتركها تموت موتتها الطبيعية.
متى قامت الجماعة بالمراجعات اللازمة لكل هذا الإرث من الإقصاء الذي بثه ياسين في كتبه؟ لا توجد مراجعات ولكن هروب من خلال استعمال مفاهيم لا وجود لها في أدبيات الجماعة، وذلك كي تتمكن من استقطاب اليسار لتحالف معين كي تسحقه فيما بعد.
يقول عبادي " الدولة الإسلامية هي الدولة الإنسانية التي تتلاءم أحكامها مع فطرة الإنسان". نعم إنها كلمة حق أريد بها باطل. فعلا الدولة الإسلامية هي دولة الإنسان بغض النظر عن دينه وعرقه ومعتقداته. لكن الجماعة تتبنى فهما خاصا للإسلام، لثد حاول ياسين وهو يتبع سعيد حوا بالجمع بين التصوف والوهابية، فخلقوا توجهات خطيرة، وياسين وهابي بدليل أن استدلاله على التصوف تم من خلال شيخ التكفيريين بن تيمية.