ذات يوم من أيام الله الخوالي أراد جلالة المغفور له الملك الراحل الحسن الثاني تشكيل حكومة تقودها المعارضة، وكان مقترحا لرئاستها امحمد بوستة، الأمين العام حينها لحزب الاستقلال، وأثناء الحوار اشترطت الكتلة أن يخرج البصري من الحكومة وأن تحظى بوزارتي الخارجية والعدل والداخلية.
جاء الملك الراحل ليلقي خطابا نقلته التلفزة والإذاعة، وبعد أن أوضح أن الداخلية إذا ترأسها حزب فستكون كارثة مذكرا بتاريخ بداية الاستقلال لما كان حزب الاستقلال على رأس هذه الوزارة، وجاء للديبلوماسية فقال: طلبت الجماعة وزارة الخارجية. سكت قبل أن يعقب. تم قال هل نسي هؤلاء أنهم بالأمس كانوا في الشارع العام يتضامنون مع العراق تم أحرقوا أعلام أمريكا وفرنسا وبريطانيا وروسيا والصين.
كيف لمن يريد أن يصبح وزيرا للخارجية أن يكون قد أحرق أعلام دول تربطها علاقات مختلفة مع المغرب، منها العلاقة الاستراتيجية والعلاقة التقليدية وغيرها؟ رحم الله الملك الحسن الثاني كان مصرا على أن تبقى الديبلوماسية خارج هيمنة الأحزاب، لأنها ستكون حينها رهينة لتقلبات المواقف وللارتباطات الخارجية للأحزاب.
مناسبة هذا الكلام هو تصريحات عبد الإله بنكيران، الأمين العام للعدالة والتنمية ورئيس الحكومة المعين ورئيس حكومة تصريف الأعمال، التي اتهم فيها جمهورية روسيا الاتحادية بتخريب سوريا. ويعرف بنكيران أن جلالة الملك محمد السادس فتح خطا قويا مع موسكو، وفتح الباب أمام علاقات نوعية مع قوة دولية كبيرة.
المواقف من الدول يتم تحديدها بدقة ووفق منطق الموازنات، ووفق منطق الربح والخسارة. لكن العدالة والتنمية فضل الانخراط في دعم إخوانه المتحالفين مع الجماعات الإرهابية، وهم يلتقون دائما بعدنان الشقفة، المراقب العام للإخوان المسلمين بسوريا المقيم بأفخم الفنادق على حساب أردوغان السلطان العثماني الجديد، ولديهم جناح مسلح منذ السبعينات يسمى اليوم أحرار الشام.
إن حزب العدالة والتنمية قام بممارسات خطيرة تضر الديبلوماسية المغربية وتوجهات المغرب الإستراتيجية، نذكر جيدا أن رئيس الحكومة رفع شعار رابعة ضدا في مصالح المغرب وتحالفاته الدولية والإقليمية، وذلك تضامنا مع الرئيس الإخواني مرسي المعزول. يعني مصلحة التنظيم الدولي للإخوان المسلمين أولى من مصلحة الوطن.
وكان سعد الدين العثماني في زيارة رسمية للكويت، وعوض أن يلتقي المسؤولين في هذه الدولة ذهب للقاء جمعية الإصلاح، فرع الإخوان المسلمين بالكويت، والتي كانت على خلاف واضح مع مؤسسات الدولة، وكادت هذه الخطيئة أن تعصف بعلاقات البلدين.
نعرف أن روسيا الاتحادية دولة كبيرة وتعرف أن علاقاتها الديبلوماسية مع المغرب فوق مثل هاته الترهات، وتعرف أن رائد الديبلوماسية المغربية هو جلالة الملك محمد السادس، لكن الاحتجاج جاء لرفض التشويش على علاقات في طور البناء وبشكل جيد وستكون نافعة للبلدين.