أصبح عبد الإله بنكيران، الأمين العام للعدالة والتنمية ورئيس الحكومة المعين، معروفا بأنه لا يكتم سرا، ويسرب كل ما يدور بين اثنين، ولا يهمه أي شيء، ومنذ بدء المشاورات حول تشكيل الأغلبية الحكومية، أو ما يسميه أتباعه بالمفاوضات وهو يقوم بتسريب كل المعلومات التي يتم تداولها حول تشكيل الحكومة، وهو أول من تحدث عن اشتراطات عزيز أخنوش، رئيس التجمع الوطني للأحرار، وهي تبقى من أسرار المفاوضات، لكن لدى بنكيران ورهطه رؤية أخرى.
حاول بنكيران تبرير هذه العملية مرارا. فهو يقول ويوحي لأصحابه أن يقولوا وكذلك إعلامه الرقمي والمكتوب والطبالجية والكتائب، إن المفاوضات شأن عام وبالتالي من حق المواطنين أن يكونوا على اطلاع بما يجري ويدور، ولهذا يرى بنكيران أنه من حقه أن يكشف كل الأسرار وكل ما استؤمن عليه بل يقول إن محاوره فرض عليه ألا يخرج ذلك للعلن.
هذه مغالطات منطقية يحاول بنكيران أن يقنع بها الآخرين وخصوصا جمهور الناخبين، لأن الناس الذين صوتوا على بنكيران لا يهمهم مع من يتحالف، خصوصا وأنه تحالف مع ألذ خصومه مثل صلاح الدين مزوار في حكومة المعدلة ويتحالف اليوم أو يوهم الناس بالتحالف مع حزب الاستقلال ونعرف ما قال هو في شباط وما قاله هذا الأخير فيه، وهي أشياء لا يمكن أن تمر مرور الكرام.
ما يهم الناخب ليس هذا الحزب أو ذاك، ونقصد الناخب الواعي هنا وليس الذي يصوت لاعتبارات محددة في الزمان والمكان، ولكن يهمه تنفيذ البرنامج الحكومي وليس حتى البرنامج الحزبي، يهم الناخب عدم ضرب قدرته الشرائية وعدم ضرب مجانية التعليم باعتباره أهم حقوق من حقوق الإنسان ويهمه الأمن ويهمه الصحة والسكن.
لم يصوت الناخبون على بنكيران ليقول إن تحالفه مع حزب الاستقلال مبدئي. ولا يعنيهم أن يكون الحزب في الأغلبية أو المعارضة، فهذا شأن يعني بنكيران وحده، لأنهم فوضوه مبدئيا بالتحالف مع من يراه قادرا على التوافق معه على برنامج حكومي.
لما منح الناخبون أصواتهم لبنكيران وحزبه لم يكونوا متأكدين بأنه سيفوز بالرتبة الأولى، وبالتالي كان بالإمكان أن يكون في المعارضة، فهل حينها كان سيهم الناخبين هذا الموقع؟ الموقع الأول يعني تشكيل الحكومة وليس تصويتا على أغلبية من البداية. لكل ذلك فإن الناخب لا يعنيه ما يدور بين بنكيران وبين محاوريه ولا يهمهم هل شربوا الشاي أم القهوة وهل أكلوا كعب الغزال أم صاموا حتى عن الكلام؟
بنكيران، الذي يكشف كل شيء من حياته السياسية، ليس رجل ساذجا ولكنه يعرف لماذا يفصح عن ذلك. إنه يستغل أسرار الناس في تحقيق مكاسب سياسية. فلما يقوم بنكيران بتسريب معطيات عن الفرقاء السياسيين فإن ذلك يعني اللعب بأوراق ضد المفاوضين قصد ربح مواقع على حساب أخلاق السياسة، ولهذا لا نستغرب لما نجد أن الفاعل السياسي في المغرب لا يثق في بنكيران.