في خضم الحديث الرائج حول تشكيل الأغلبية الحكومية، تدور نقاشات كثيرة حول طبيعة الحكومة وشكلها وأصلها وفصلها ومكوناتها، كما يدور نقاش حول التحكم والبلوكاج، وحول المناصب التي يمكن أن تحصل عليها الأحزاب السياسية، كما يدور الحديث عن الأزمة التي يعيشها عبد الإله بنكيران، رئيس الحكومة المعين، من خلال الشروط التي وضعتها الأحزاب السياسية لدخول الحكومة، والحديث عن صمود بنكيران بل اعتكافه في منزله في انتظار من يدخل داره كي يصبح آمنا.
لكن نسي المتحدثون عن أن الحل ليس في البحث عن الحكومة ولكن في التداول حول المعارضة. لقد تحدث جلالة الملك محمد السادس في خطاب المسيرة الخضراء، الذي ألقاه من دكار عاصمة السينغال الشقيقة، عن مواصفات الحكومة المقبلة وطبيعة برنامجها انسجاما مع الاستراتيجية التي دخلها المغرب وخصوصا التوجهات الملكية الإفريقية.
لم يتحدث جلالة الملك عن المعارضة لأن الدستور لما تحدث عن الحكومة لم يحدد مواصفاتها وإنما تحدث عن مهامها، لكن المعارضة أولى لها أهمية خاصة وعناية فائقة، وخصها بالفصول الأولى وبين أهميتها وبالتالي هو كان يضع مواصفاتها وآليات اشتغالها.
هذه المعارضة أصبحت "خضرة فوق طعام" وليست أساسية في المشهد السياسي، مع العلم أنه لا توجد حكومة قوية دون معارضة قوية.
نرى أنه بقدر ما سعى خصم بنكيران إلى عزله يسعى هذا الأخير أيضا إلى عزله. وهنا مكمن الخطورة من الطرفين.
ما معنى حكومة تضم حزب العدالة والتنمية وحزب الاستقلال والتجمع الوطني للأحرار والاتحاد الاشتراكي والتقدم والاشتراكية؟
هذه حكومة تعني عزل الخصم اللدود لبنكيران ولا تعني حكومة منسجمة. بنكيران يقول إن التحالف مع حزب الاستقلال مبدئي ولا مندوحة له من ذلك. ويرى أن وجود التجمع الوطني للأحرار ضرورة أيضا لأنه رافعة للباطرونا، وتوجهات المغرب اقتصادية في أولوياتها بما في ذلك توجهه نحو إفريقيا، التي جعل لها مدخلا هو الاقتصاد وتأتي السياسة تالية له.
نعرف أن الحركة الشعبية لا يمكن أن يمارس معارضة قوية ليس لأنه حزب ضعيف ولكن نظرا لطبيعة تكوينه وتركيبته، وكذلك الشأن بالنسبة للاتحاد الدستوري. وبالتالي سيكون بنكيران قد عزل خصمه بشكل نهائي. خطأ بنكيران هو أنه ينظر فقط للنصف الفارغة من الكأس ولا ينظر للممتلئة وبما هي امتلأت. عزل الخصم يعني أنه سيكون المعارضة الوحيدة في البرلمان وفي هذا تقوية له وليس إضعافا. نعرف أن بنكيران براغماتي لهذا وجهنا له هذا الكلام، كي يترك حزب الاستقلال يدخل للمعارضة، لأن وجود التجمع ضرورة مرحلية لحكومة بنكيران المقبلة للاعتبارات التي ذكرنا.
معارضة تتشكل من البام والاستقلال والاتحاد والتقدم والاشتراكية أفضل بكثير لبنكيران من معارضة فيها حزب واحد. ومعارضة قوية تعني مراقبة قوية لعمل الحكومة وبالتالي سيضمن بنكيران فعالية وزرائه الذين سيكونون تحت أعين قوية ومراقبة دقيقة.
إذن لو تم التفكير في المعارضة لتم حل مشكل البلوكاج بسرعة.