يجب خوصصة التظاهر والوقفات.
يجب فرض رسوم على كل من يرغب في الخروج والاحتجاج في الشارع العام.
يجب وضع محطات أداء تحول دون مرور المتظاهرين الذين يرفضون الدفع.
لا للاحتجاج المجاني.
لا للتظاهر العمومي.
فقد تراجع مستوى المسيرات والوقفات والاحتجاجات في السنوات الأخيرة، وصار هذا المستوى المتدني مخجلا لنا كشعب أمام أنظار الناس في كل أنحاء العالم.
ومن يرغب في الدفاع عن قضية
ومن يرغب في رفع الشعارات
ومن يرغب في الصراخ والعويل والبكاء ولطم الخدود وشق الجيوب
ومن يطالب بإطلاق سعد المجرد
ومن يحذر من أخونة الدولة
ومن يحتج أمام سفارات البلدان وقنصلياتها
فعليه أن يدفع
لأنه لم يعد مقبولا أن يفضحنا المتظاهرون
لم يعد مقبولا أن يكشفوا غباءنا وجهلنا وأميتنا ولا إنسانيتنا
لم يعد من المسموح أبدا أن يكشفوا في كل مرة حقيقتنا
وكل هذا لأن التظاهر سهل ودون مقابل، إذ يكفي أن تسمع بالخبر فتخرج، والأدهى أن نوعا من المتظاهرين يحصلون على تعويض من أجل أن يتظاهروا.
و من أجل الإساءة إلى سمعة بلاد يتقاضون تعويضا، وتوضع الساندويشات والحافلات وقناني المياه المعدنية رهن إشارتهم.
وهناك من سبق له أن أخرجهم مع الحمير
فلا للاحتجاج دون اجتياز مباراة
لا للتظاهر في الشارع إلا لأصحاب الكفاءة
لا للصراخ المباشر في الساحات
فاليوم خرج لنا فنانون وبنات يدافعون عن الحق في الاغتصاب
ولا نعلم من سيخرج غدا
وقد يتظاهر أنصار القتل أمام البرلمان
وقد يتظاهر أنصار التغوط تحت إشارات الوقوف
وقد ينظم المدافعون عن حمل السيوف ورياضة الشرملة وقطع الطريق وقفة في ساحة الحمام
ولا أحد يعلم من سيتظاهر غدا
وقبل
وفي الأيام الخوالي
كنا نسخر من السفياني وشلته
ومن الذين يتظاهرون من أجل العراق ومن أجل بشار الأسد
وممن يحمل راية حزب الله وراية حماس ويحرق علم إسرائيل
وممن يحمل صور صدام ويطالب بفك الحصار
وممن يرغب في تحرير فلسطين
وممن مهنتهم هي الاحتجاج والتظاهر والخروج إلى الشارع
لكننا لم نتوقع أبدا أن يتراجع مستوى المظاهرات والوقفات إلى حد لم يعد ينفع معه إلا خوصصة هذا المجال وإلغاء مجانيته، وفتح باب الاستثمار فيه، وذلك حفاظا على سلامة الشعب المغربي العقلية، ودعما لميزانية الدولة التي تصر على أن تبقى دولة-رعاية، تدعم هذا النوع من الاحتجاج، وتشجعه، وتستنزف خزينتها وسمعتها وجديتها، رغم أننا نعيش عصر اقتصاد السوق والمبادرة الفردية.
والدولة التي تفكر وتغامر بإلغاء المدرسة العمومية، فإنها لن تعجز عن خوصصة التظاهر، وخوصصة المواطن، الذي لم يعد مقبولا أن يعبر عن مواقفه وآرائه دون أن يدفع.
ودور الدولة هو أن ترفع الثمن
وتصنع مواطنا صالحا مقابل الأداء
وتفتح المجال أمام القطاع الخاص
وأمام المستثمرين الأجانب
قبل فوات الأوان
وقبل خروج مظاهرة تطالب بالتخلص من النساء
كي لا يعترضن
طريق النجوم المتهمين بالاغتصاب.
حميد زيد كود /////