لماذا قرر القضاء الإسباني اعتقال رئيس البوليساريو؟ لأنه متهم بارتكاب جرائم ضد الإنسانية.
ما هي الجرائم التي وصلت إلى درجة الاعتداء الفضيع على الإنسانية؟
إنها شريط من مأساة طويلة عاشه الأسرى المغاربة الذين اعتقلوا في معتقلات الرابوني بتندوف على الأراضي الجزائرية، كله معاناة قاسية بدءا بالأعمال الشاقة والحرمان من الماء والأكل والتعذيب لسنوات … أي القتل البطيء على نحو ما رواه أسرى مغاربة للقضاء الإسباني في مناسبات مختلفة.
تقول شهادة أحد الأسرى المغاربة: «التعذيب فصول، منه الأشغال الشاقة التي تمتد إلى ساعات متأخرة من الليل، حيث نشيد بنايات بفؤوس ومعاول لا تصلح للاستعمال وعلى أر صلبة يصعب تكسيرها، ولذلك يكون مصيرنا الضرب بالسياط أو المطارق أو القضبان الحديدية».
كل الذين اعتقلوا تم استنطاقهم من قبل المخابرات الجزائرية، منهم من قضى في ضيافتهم عشرة أيام، بدون أكل ولا ماء، وبنفس الأسئلة التي تتكرر منذ اليوم الأول، خاصة تلك التي تتعلق بنوعية الأسلحة التي يستعملها الجيش المغربي، وجنسيتها، وعدد الجنود المغاربة، وعدد الثكنات وأسماء القيادات من الضباط …
كثيرون من الأسرى المغاربة وضعوا في ذلك القفص الحديدي الذي لا يتجاوز ارتفاعه نصف متر، ولا يفتح إلا خمسة دقائق في اليوم لتناول الطعام، والذي ليس إلا طبقا صغيرا من العدس أو الفاصوليا مخلوط بالحصى والتراب.
الضرب والتعذيب بدون سبب أو بسبب وتحت أشعة الشمس الحارقة في عز الصيف وبدون ماء … قاعدة يومية في معتقلات الرابوني، أما الذين يخرجون من هذه المعتقلات مصابين وما أكثرهم فمصيرهم نفس الصندوق الحديدي أو حفر يسكنونها ويتألمون فيها في صمت، بدون دواء ولا إسعافات، إلى أن سقط العشرات من الأسرى!
وعلى ذكر الحفر التي كانت «مسكنا» للأسرى مثل الحيوانات، فقد تكون السبب في سقوط العشرات منهم، حينمها غمرتها المياه في إحدى المناسبات بسبب التهاطل الكثيف للأمطار.
ولأن الأجواء بهذا المستوى من الفضاعة، فلا بد أن تتكاثر الأمراض والعفن، ما يعني سقوط ضحايا، مما دفع بعضهم إلى التفكير في الهروب من هذا الجحيم، قليل جدا من تمكن، أما الذين حاولوا وفشلوا فقد عاشوا الويلات، لدرجة أنهم اضطروا لشرب بولهم بعدما حرموا من بعض ماء!
كل هاته الماسي حدثت حينما كان إبراهيم غالي الرئيس الحالي للبوليساريو مسؤولا بارزا في مخيمات تندوف، وهي جزء من التهم التي ستوجه إليه من قبل القضاء الإسباني.