نتكلم كثيراً و نغلب العاطفة في أغلب الأحيان، و نمر في عديد المناسبات لندافع على ما لا يمكن الدفاع عنه و عليه فقط إرضاء للحشود.يغيب الفيلم المغربي عن المسابقة الرسمية لمراكش،و هو الأمر الذي لا و لن يسر كل غيور على الفيلم المحلي.قبل التنديد و الاستنكار،يجب أن نطرح أول سؤال قد يحرج القائمين على سينمانا:ما الذي فعله المركز السينمائي و كثير من أشباه المنتجين طيلة عام كامل لتيسير عبور شريط مغربي لمسابقة مهرجان نريده أن يبقى دولياً؟
لست من هواة اختصار المسافات، و لست من الذين يبلغون النهاية قبل الاطلاع على البداية،بالتالي عيب كبير أن نتغاضى عن المعضلة الحقيقية،و نكتفي بالتنديد بالتفصيل.نحلم جميعا بأن تشارك أفلامنا في مسابقات رسمية لمهرجانات سينمائية دولية،لكن ما الذي نقدمه للمخرجين الأكفاء عندنا ليكونوا في الموعد؟هل نراهن أصلا على الأكفاء منهم،أم أننا نضع الجميع في نفس السلة و ننتظر في الأخير مشاركة أحدهم بالصدفة أو عطفا على منتوجنا المحلي في المهرجانات الدولية؟الأمور لا تسير بهذا الشكل عند من يحترمون السينما و يحترمون المواعيد السينمائية الدولية التي ينظمونها،و المشكلة الحقيقية هي أننا لا نرافق المخرج الموهوب خلال مراحل إعداده لعمله،و ننتظر النتيجة و الحضور الشكلي في كل مرة.بالنسبة لغياب الفيلم المغربي عن مسابقة مراكش،هل يعرف الجمهور المُستنكر الأفلام المغربية التي قدمت للجنة الاختيار؟و هل فعلا تعرض شريط منها للحيف خلال عملية الانتقاء؟ما هي المعايير المعتمدة في الاختيار؟هل قبل كل المخرجين المغاربة الذين اقترحت عليهم الفكرة أن يقدموا شريطهم لمهرجان مراكش،أم هناك منهم من اختار التأخر حتى يمنح شريطه لمهرجان أجنبي؟هل اللجنة تختار أصلا الأفلام الجيدة لوحدها في المسابقة؟أسئلة كثيرة،و لدي فقط جواب أو شطر من الجواب على السؤال الأخير و هو أن اللجنة بمسؤولها “برينو بارد” سبق و اختارت من ذي قبل أفلاماً لا تليق بمستوى مهرجان دولي و تساءلت مثل كثيرين عن المعايير المعتمدة.عديد من أفلام باهتة من بقاع مختلفة،أشاهد من بعضها نحو عشرين دقيقة في أحسن الأحوال عندما يحضر النفس الطويل،لأغادر متأففاً و بالخصوص متحسراً على ما يرتكب في حق مهرجاننا الأول.
نعبر لأنسنة الحالة،و أعطي المثال بمخرج مغربي اسمه عادل الفاضلي الذي أثبت كفاءته في الفيلم القصير،و منحته لجنة الدعم تسبيقاً على المداخيل لإنجاز شريطه الطويل الأول.منذ أزيد من عام و هو يبحث عن من يسانده ليصور شريطه،و الكل ظل يتابعه و يتلذذ بعذابه و لحد الآن لم يصور الفاضلي لقطة واحدة من فيلمه الطويل رغم أن شريطه القصير “حياة قصيرة”،خطت بعد عرضه و نيله الجوائز داخل المغرب و خارجه سطور طويلة كلها تفاؤل.لو تمت مساندة عادل الفاضلي و لو تمت مساندة و مخرجين آخرين من الأكفاء،لتيسر اختيار شريط مغربي محترم في مراكش.لم يتم القيام بأي شيء،و كما قلت في البدء يأتي المهرجان لنطرح نفس الأسئلة مع إضافة سؤال جديد هذه المرة يخص غياب الفيلم المغربي عن المسابقة.
منذ شروع المغرب في تنظيم مهرجان مراكش و إلى يومنا هذا،كان بالإمكان التفكير في آلية معمول بها في بلدان أخرى و تقضي بالمراهنة سنويا على مخرجين موهوبين من أبناء البلد المنظم و مرافقة اشتغالهم على مشاريعهم،و قبل شهرين من التنظيم لن يطرح مشكل اختيار العمل المغربي في مهرجان مراكش و في غيره من مواعيد أخرى.الفيلم الجيد،سيفرض نفسه على أي لجنة انتقاء كيفما كانت مكوناتها.هي الطريقة المثلى لاختيار فيلم محلي،يشارك في مهرجان دولي انتقدنا جميعاً في العام الماضي منح رئيس لجنة تحكيمه “فرانسيس فورد كوپولا” جائزة جماعية لكل الأعمال و هو ما يبخس للأسف قيمة الموعد.
يجب أن ندافع عن مخرجينا الأكفاء الذين لا تتم مساعدتهم و لا نوفر فرصة إشراكهم بطريقة مهنية في موعدنا الدولي،و يجب أيضا أن نحمي مهرجاننا الدولي و أن لا نطالب بحشر كل الأفلام فيه فقط إرضاء لشوفينية تقتل المخرج و تنهك المهرجان المُستقبل.تعبنا حقا من المشاركات الشكلية،و المطلوب توفير أرضية مقبولة للمخرج الموهوب ليقدم الفيلم الذي يؤمن به و الذي نؤمن به بعده لندافع فيما بعد على حضوره في المسابقة الرسمية.باسثناء ما قلته،هل ينفع الصراخ و العويل في شيء بعد فوات الآوان؟ركن أسئلته أكثر بكثير من أجوبته،و مصيبة سينمانا أننا نخاف من طرح الأسئلة و نبحث عن أجوبة ترضي غرورنا المرضي و يصير حضور الفيلم المغربي في مهرجان مراكش أهم من الفيلم المغربي و ظروف إعداده و الإمكانات التي تتاح لمخرجه.الصراخ و العويل لا يجديان نفعاً،فنحن للأسف أيها الإخوة لا نحصد إلا ما زرعناه..
عن إذاعة البحر الأبيض المتوسط “ميدي 1”