الحديث الرائج الآن هو حول عرقلة تشكيل حكومة بنكيران، وساهم في ذلك حزب العدالة والتنمية وزايد عليه حزب الاستقلال في ذلك حتى أصبح هو الناطق باسم رئيس الحكومة المكلف ولا حديث عن التقدم والاشتراكية الذي وضع كل بيضه في سلة الزعيم الإسلامي قبل الانتخابات، ولكن لا أحد يطرح السؤال: من يعرقل تشكيل الحكومة؟ وكيف يعمل على ذلك؟ وما هي الجهة التي تحركه؟
لم يعد مقبولا الاختباء وراء ألفاظ غامضة مثل التماسيح والعفاريت والتحكم والبلوكاج لتبرير أي سلوك سياسي، لأن الوقت يقتضي الوضوح مع الذات الحزبية ومع الناخبين ومع الذين لم يصوتوا، وبالتالي من حق المواطنين أن يكونوا على بينة من أمرهم ومن أمر الحكومة التي ستدبر شأنهم العام.
دعونا نعرف من يعرقل تشكيل الحكومة؟ نحن نعتقد أن بنكيران هو من يعرقل تشكيل الحكومة بسبب سلوكه السياسي وبسبب فهمه الذي يريد فرضه على الجميع.
يقول بنكيران وغير بنكيران من حزب العدالة والتنمية إن دخول حزب الاستقلال إلى الحكومة أصبح مسألة مبدإ. ونشير قبل التعليق إلى أنه لا يعنينا دخول أو خروج حزب الاستقلال من التحالف الحكومي لأن هذا الأمر يعني الأغلبية. لكن نريد أن نقول إن بنكيران، ومن خلال طبيعته النفسية السياسية يحتوي داخله دكتاتورا لم تتح له الفرصة لممارسة الإقصاء والاضطهاد ضد الآخرين.
إن رهن المفاوضات حول الحكومة بدخول حزب الاستقلال واعتبار ذلك مبدأ فيه مصادرات كثيرة، منها مصادرة منطق المفاوضات السياسية، التي لا يوجد فيها أبيض وأسود ولكن هناك ألوان أخرى، بما يعني أن المتفاوضين يتنازلون حتى يستقر رأيهم على شكل للأغلبية، وبالتالي فإن طلب دخول الحكومة بلا شروط فيه دكتاتورية مختفية.
وثاني تلك المصادرات هو اعتماد منطق حلال علينا حرام على غيرنا. بمعنى أن بنكيران الذي يتشبث بحزب الاستقلال كشريك في الحكومة مهما كانت طبيعة الأغلبية ليس منطقيا. لسبب بسيط هو أنه من حق رئيس الحكومة أن يختار حزب الاستقلال شريكا مبدئيا، لكن لماذا يستكثر على الأحزاب الأخرى التشبث ببعضها؟ أي لماذا يرفض أن يكون التجمع الوطني للأحرار متشبثا ببعض التشكيلات السياسية؟
إذن نحن أمام إشكال موضوعي يحتاج إلى الحل والحل لن يكون إلا عن طريق المفاوضات التي لم يبدأها بعد. فبنكيران معتكف في بيته ولا يهمه ما يقع، وشعاره إذا أردتم حكومة مقابل أن أسكت عنكم هؤلاء الموتورين من شباب الحزب فامنحوني أغلبية بلا شروط.
ألا يعتبر تشبث بنكيران بحزب الاستقلال عرقلة لتشكيل الحكومة المقبلة؟ كيف؟ لقد تأكد أن البيجيدي والاستقلال والتقدم والاشتراكية يمثلون تحالفا من 184 مقعدا، وهذا غير كافٍ لتشكيل أغلبية. لكن في حال خروج حزب الاستقلال يمكن لبنكيران أن يكون أغلبية مريحة دون عناء. إذن بنكيران هو من يعرقل تشكيل الأغلبية وليس غيره.