ما معنى أن يقوم عبد الإله بنكيران، رئيس الحكومة المعين والأمين العام للعدالة والتنمية، ببث شريط فيديو مسجل منذ 11 يوما؟ وما الغرض من اقتسام كلام موجه للجنة الوطنية للحزب مع زوار المواقع الإلكترونية؟ هل هو شعور بالضغط أم محاولة للضغط على جهة معينة؟ وكيف يحدد بنكيران ثوابت في مفاوضات تقبل التنازل من كافة الأطراف؟
لقد تمت الدعاية للفيديو بشكل كبير قبيل بثه على طريقة القنوات التلفزية، وتم نشر الخبر على نطاق واسع، وتسمر الناس أمام شاشات الحواسيب والهواتف لسماع كلمة بنكيران المسجلة، التي أفرج عنها. وعند الاستماع إليه كرر ما تقوله الكتائب وانتقد التجمع الوطني للأحرار لأنه جاء بشروط وهاجم الاتحاد الاشتراكي لأنه يريد ما لا يستحق، ودعا أتباعه للعض بالنواجذ على النتيجة التي بوأهم إياها الشعب المغربي.
أولا الشعب المغربي أو الذين صوتوا من الشعب المغربي لم يمنحوا كل أصواتهم للحزب الإسلامي، وإنما وزعوا أصواتهم على كافة الأحزاب. والاستهانة بأي رقم هو ضرب للأعراف الديمقراطية. وإذا كان عدد مقاعد أي حزب لا يساوي شيئا أمام 125 برلمانيا للعدالة والتنمية فلماذا يكلف بنكيران نفسه عناء التفاوض معه؟
المعركة ليست معركة أرقام، وبما أن الكلمة لم يتم تسريبها فما كان ينبغي له بعد الخطاب الملكي بمناسبة المسيرة الخضراء، الذي دعا إلى عدم اعتبار الحكومة غنيمة، ومنطق الأرقام الذي تحدث به الزعيم الإسلامي لا يخرج عن هذا النطاق. نطاق الغنيمة.
بث فيديو مسجل يدخل ضمن لعبة حدد لها صاحبها عنوان الضغط. وبدل أن تخرج الكتائب للقتال وقد أتعبتها المعارك خرج القائد العام بنفسه. يريد بنكيران من وراء ذلك القول إنه مستعد للعب كل الأوراق بما في ذلك بعض الأوراق التي يمكن أن تحترق وتحرق معها الجميع، وحينها ينتهي خطاب التغيير في ظل الاستقرار.
اقتسام كلام موجه للجنة الوطنية للحزب في لقاء داخلي لا تحضره الصحافة مع جمهور زوار الأنترنيت هو محاولة لإشراك هذا الجمهور في معركة مقبلة يتقنها الإخوان مشرقا ومغربا، وتبليغ الرسائل إلى كل من يهمه الأمر، ولا يهم بعدها نتائج ذلك.
بنكيران يزعم أن أخنوش جاءه بشروط وأن كل حزب يأتي بشروط. وبنكيران يقول إنه يرفض كل شروطهم. أليس هذا بحد ذاته شرطا؟ لقد قلنا سابقا إن بنكيران يفهم الديمقراطية بشكل ميكانيكي، فهو يعتقد أن رقم 125 شبيه بدار أبي سفيان من دخلها فهو آمن. يعني أن من يريد أن يدخل الحكومة هو من سيدخل دار بنكيران، وطبعا الضيف "ما يتشرط ومول الدار ما يفرط".
هذا هو المنطق الذي أتعب بنكيران وتسبب في الحالة التي وصل إليها، فالمفاوضات، نقولها ونكررها، تحتاج إلى توافقات من أجل تشكيل الأغلبية، والرجل لم يدخل بعد للمفاوضات حتى يكتشف البلوكاج من أي طرف من الأطراف.