لا بمكن للمرء الا ان يستغرب أمام مشهد عنيف غريب، حرق علم اسرائيل امام البرلمان والإحساس بالنصر والنشوة النفسية، مشهد غريب حقا عندما تنظر لمكوناته، مكون ينظر للقضية بمنظور يساري وآخر إسلامي وآخر لا يزال يحلم بعودة الناصرية والقومية العربية، واخرون ساذجون لا يعلمون شيئا عن كل هذه التيارات، يجتمعون فقط على فلسطين وينقسمون على سوريا وقضايا اخرى ومنها قضية الصحراء المغربية، حيث لازال هناك يساريون يتضامنون مع فلسطين امام البرلمان ولايزالون يحلمون بتقرير المصير في المناطق الجنوبية، يجتمعون فقط على حرق علم اسرائيل، فما السر يا ترى؟ هل هؤلاء اصابهم الجنون ام ماذا؟ فماذا سيقدم حرق علم اسرائيل في الرباط وفي نفس الوقت يرفرف عاليا بمراكش؟، الشيء الوحيد الذي افهمه، والذي سيربحه هؤلاء من عملية الحرق ذات دلالات سيكولوجية خطيرة، دلالات وجود عداىية في نفس هؤلاء فقط يحتاجون لعدو، اختاروا اسرائيل عدوا يتنفسون به ويظهرون به في الاعلام بعدما فشلوا في السياسة والاجتماع “فشلوا في ان يكونوا رموزا للمجتمع” وها هم يبحثون عن مظلة فلسطين للوصول للنجومية، لإعطاء تصريحات للإعلام، لارسال رسالة لحكومة فلسطين وحماس الجهاد : نحن هنا نقاوم من اجلكم! في الحقيقة يقاومون من اجلهم ” هم أنفسم، لمصالحهم لا لمصالح شعب محتل”.
قصة حرق علم فلسطين عادت بي لإحدى الوقفات المنظمة من طرف مجموعة العمل من اجل فلسطين، شاركت بدوري لاستنكر الهجوم الاسرائيلي على مداشر غزة وما خلفه الهجوم من قتلى ومصابين، في ذات السنة كانت الحرب على أشدها في سوريا، اذ كان بشار يقصف المظاهرات السلمية، ولاننا كنّا ثلة من شباب لا يقزمون الانسانية في فلسطين دون غيرها من الشعوب، كما اننا كنّا دائما نتضامن مع كل الشعوب وننسى غالبا نحن “الشعب المغربي” الذي يعاني الويلات، كنّا نرفع شعارات موازية تضامنا مع شعب سوريا، ورفضنا ان يتم فصل الشعبين في ذات الوقفة، الا ان المسمى عزيز هناوي، وهو عضو في مجموعة العمل الفلسطينية، والمعروف بمواقفه العدوانية تجاه المخالفين اولا، حيث لم يفلت الفرصة ليبصق على وجهنا، لأَنِّ صديقه القومي السفياني كان عضوا في حزب البعث، ثانيا ضعف فهم عميق لتاريخ الصراع وتحولاته بالمنطقة، وهو جهل بقوانين التاريخ. للاسف نجن امام أزمة فهم ما يقع حولنا، نحن لازلنا متقوقعين في سجن الاديولوجية، الاخيرة التي لا تعد سوى وسيلة للتضليل، فتكون الوسيلة مبررة للغاية كما هو شأن حرق علم دولة استعمارية استوطنت ارض فلسطين بالقوى، كما استوطنت اغلب الدول دول اخرى.
هشام اعناجي