أعزائي، لنتفق على بعض الأبجديات: الشخص الذي يتعرض للسرقة ليس مسؤولا عن سرقته لأنه “هو اللي خرج معاه البزطام أو التيليفون”. على نفس المنوال، فإن الفتاة التي تتعرض للاغتصاب ليست مسؤولة عنه مهما كانت ملابسها، مهما كانت الساعة ومهما كان المكان الذين تعرضت فيهما للاغتصاب… في جميع الأحوال، يكون المسؤول الوحيد والمذنب الحقيقي هو الفاعل.
لذلك يصعب علي وعلى أي شخص مؤمن بالحقوق، أن يفهم حملة التضامن الواسعة مع سعد المجرد قبل أن يصدر القضاء قراره. سعد يوجد الآن رهن التحقيق. القضاء الفرنسي سيصدر حكمه. إذا كان سعد بريئا، فهو حينها سيستحق كل تضامننا ليس لأنه مغربي أو لأن فنه يعجبنا، بل لأنه سيكون حينها مظلوما وضحية تهمة ملفقة. أما إذا كان سعد مذنبا، فالشخص الوحيد الذي سيستحق تضامننا هو الفتاة الضحية.
ما دون ذلك، فمهما بلغ إعجابنا بنجاحه، وحتى حين تربطنا به نفس الجنسية، لا يمكن أن نتضامن معه وهو متابع بجريمة اغتصاب وعنف جسدي، إلا إذا تبثت براءته. كل أولئك الذين يصرخون في وجهنا اليوم: “أنا سعد المجرد”، أو “كل التضامن مع سعد”. هل فكروا للحظة ماذا سيكون موقفهم إذا ثبتت الجريمة في حق سعد؟ هل سيعني هذا أنهم يشجعون الاغتصاب؟ هل سيعني هذا أننا حين نحب شخصا، نكون مستعدين أن نغمض أعيننا عن كل ممارساته، بل وأن ندعمها لمجرد أنه منا أو لمجرد أنه ناجح؟
أكثر ردود الفعل الصادمة كانت من أولئك (وخصوصا منهم النساء) الذين اعتبروا بأن الفتاة مسؤولة لأنها رافقته إلى غرفته. هل كونها رافقته إلى غرفته، يعطيه الحق في اغتصابها؟ حين يكون المرء مؤمنا بمبدأ الحقوق والمساواة، عليه أن يعي بأن مرافقة الفتاة شابا إلى غرفته لا يعطيه الحق في اغتصابها. بل أن العلاقة الجنسية قد تبدأ بين الطرفين، وإذا رغب أحدهما في وضع حد لها، يكون من واجب الآخر احترام رغبة الطرف الأول. هناك عينة أخرى من النساء اعتبرت أن الضحية محظوظة لأن شخصا بشهرة ونجاح سعد المجرد اهتم بها. كيف يعقل أن نبرر، ليس فقط كنساء، بل كأشخاص أسوياء، فكرة العنف والاغتصاب لمجرد أن المتهم جميل أو غني أو مشهور؟ هل تدرك كل هؤلاء النساء، بأنهن يرسخن بكلامهن حق الرجل في اغتصابهن وممارسة العنف عليهن حين يكون غنيا ومشهورا؟
ثم، ماذا لو لم يكن المتهم هو سعد المجرد، بشهرته ونجاحه، هل كنا سنتضامن بهذا الشكل مع مواطن لنا متابع بتهمة اغتصاب؟ هل هو إذن دفاع عن الشخص بعينه (لمركزه وثروته ونجاحه) أم دفاع عن قضية ومبدأ؟ فلو كنا ندافع عن القضية وعن مبدأ الحرية واحترام المرأة وحمايتها من العنف، لا يمكننا أن نتضامن مع سعد المجرد إلا إذا ثبتت براءته. أما إن كنا ندافع عن الشخص مهما كانت التهم الموجهة إليه، فهذا عليه أن يسائل مواقفنا الحقيقية بل وأن يعرضها لرجة عنيفة…
وأخيرا، لنتأمل كيف أننا نحتج ضد ممثلة مغربية تمثل دورا لا يعجبنا، رغم أن الأمر لا يتعدى دورا تؤديه في عمل فني. ننتفض حينها دفاعا عن الشرف… لكننا ندافع بشدة عن شخص متهم فعليا بالاغتصاب.
هناك شيء ليس على ما يرام في علاقتنا بالمرأة… وبالشرف.
سناء العاجي