عبد الحليم الاكرارسي*
اننا تابعنا بعميق الأسى والحزن حادثة وفاة الشاب الحسيمي "محسن فكري" داخل آلة ضغط النفايات، ونتقدم من هذا المنبر بأحر التعازي لأسرة الفقيد، سائلين المولى جل في علاه ان يتغمده بواسع رحمته وأن يسكنه فسيح جناته.
إلا أنه في إطار آخر، نشجب وبشدة ما قام به المغرضون وأعداء الوحدة الترابية من استغلال دنيء لمشاعر الحزن التي انتابت الشعب المغربي قاطبة، إثر الحادث الأليم، من اجل إعادة نفض الغبار عن مكنونات صدورهم الخبيثة التي ما زالت تغذي أفكارهم الانفصالية المغرضة. إذ أنه لا يوجد رابط منطقي بين حادث نجم عن ممارسة السلطات العمومية لمهامها في إطار القانون وبين رفع شعارات الانفصال والتطرف.
فرفع شعار "بنكيران كول لسيدك ريافة ماشي عبيدك" هو إشارة ضمنية صريحة من طرف شرذمة من المتطرفين المغرضين مفادها ان المغاربة الاحرار عبيد للجالس على عرش المملكة. والحال أن هؤلاء يخيل إليهم، من فرط جهلهم وقصر طرفهم، أن علاقة التوافق والمحبة التي تربط بين الملك والشعب رق وعبودية.
أما إذا أعدنا النظر في السبب الرئيسي وراء هذا الحادث المؤلم، فنجد أن الحسيميين خاصة والمغاربة عامة هم من "طحنو" محسن رفيقي داخل آلة "التغافل والتساهل مع عدم احترام القانون"، لأن ذلك المسكين كان مجرد وسيط بين أفواه المستهلكين وشباك الصيد غير القانوني.
وتجدر الإشارة إلى أن الساهرين على تطبق القانون هم أول من يقوم بخرقه، وذلك بفرط التغاضي عن التجاوزات وكثرة الاستثناءات التي يميزون بها أنفسهم بحكم مناصبهم. إلا أن هذه الوضعية لا تخول، للمواطن، بأي حال من الأحول، الشرعنة لعدم احترام القانون بدريعة ان واضعه هو أول من يخرقه، بحيث أن الفرق بين الدولة واللادولة هو احترام القوانين.
فلو عكسنا الصورة وأعدنا نسج خيوط هذه الحكاية من منظور آخر، ترجع الزمن إلى أول يوم تاجر فيه " فكري" بسمك "الإسبادون" ووجد أن المغاربة على وعي تام بأن المنتوج ليس قانوني التسويق ونأو بأنفسهم عن اقتناءه لاستنتج الفقيد أن هذا السمك بضاعة غير مربحة ولخرج مصطادوه بنفس الاستنتاج، فحقن دم "أبو سيف" ومعه دم "السماك الحسيمي الراحل".
رحم الله الفقيد وغفر له وتجاوز عن سيئاته وأسكنه فسيح جناته، وحفظ بلدنا من كل مكروه إنه ولي ذلك والقادر عليه.
* أستاذ علوم التســــــــــيير