في قضية محسن فكري، الذي توفي في آلية ضغط شاحنة نقل النفايات، الكثير من الكلام الذي لابد منه. موت مواطن بهذه الطريقة مؤسف للغاية وجريمة لا تغتفر. وهي جريمة هزت أعلى سلطة في البلاد، حيث وجه جلالة الملك وزير الداخلية كي يقدم تعازي جلالته إلى عائلة المرحوم، مشددا على توجيه تعليمات صارمة قصد فتح تحقيق دقيق ومعمق من أجل محاسبة المسؤولين عن هذا الحادث المأساوي.
طبعا هذا الحدث هز الجميع نظرا لفظاعته، لكن هذا لا يمنع من أن ننتقد كثيرا من أهل التضامن مع الفقيد والمطالبين بالخروج للشارع، واستغل القضية كثير من الحاقدين، الذين لم يستوعبهم الوطن لأنه بالنتيجة يلفظ كل الخائضين مكرا وخديعة، وانتشرت الفيديوهات المفبركة، التي تلعن الوطن مقابل مشاهدات تذر أرباحا من شركات الأنترنيت.
نعم القضية فيها ظلم وفيها روح تم إزهاقها، والروح عزيزة عند الله، لكن لا يمكن أن ننتقل من المطالبة بمحاسبة المتسببين في الحادث إلى إشعال النعرات النائمة، فحتى جماعة العدل والإحسان خرجت عن طورها ولأول مرة تفصح عن وجود جماعة العدل والإحسان بالريف مع العلم أنه لا يوجد فرع لدى الجماعة بهذا الإسم ولكنه اللعب على العرقية والنعرات القابلة للتجزيء في إطار المشاريع الامبريالية التي ينخرط فيها كثيرون.
واستغله كثيرون من اجل أشرطة على اليوتيوب قصد جلب المشاهدين من أجل الحصول على التعويضات المالية. وهل تباع الوطنية عبر الأنترنيت؟
قد تكون بعض حقوق المواطنة مهضومة، لكن المغربي الحر دائما تسبق لديه الوطنية على المواطنة، ولهذا لا يبيع وطنيته ومن فعل ذلك في العرف هو خائن ولا يعول عليه في أي حراك مهما كان.
من حقنا أن ندافع عن حقوق مواطنة أكبر وذلك عبر محاسبة كل من تسبب في الكارثة التي نعيش هولها، من أجل تفادي ما يمكن أن يحدث في مقبل الأيام، لكن لا يمكن أن نحول قضية إلى بيع وشراء، وغلى استثمار سياسي مربح.
القضية اجتماعية وينبغي أن تبقى اجتماعية وأي تسييس لها هو محاولة تحويلها إلى منهج للدولة وهذا غير صحيح.
لا يمكن تحويل الوطن إلى بيع وشراء عبر الأنترنيت، ولا يمكن القبول أن يطلع تافه يعيش من السب والشتم أن يجلب مشاهدين لقناته على اليوتيوب بسب الوطن، ولا يمكن أن نقبل بأن تظهر ممثلة فاشلة رصيدها فيلم بورنوغرافي تافه تعطينا دروسا في الوطنية وهي مستعدة لبيع كل شيء من أجل المال.
القضية اليوم في يد القضاء والفرقة الوطنية للشرطة القضائية مكلفة بالتحقيق في القضية درءا لأي تعارض في الموضوع. ووزير الداخلية توجه إلى الحسيمة وبمنزل الضحية رحمه الله لتقديم تعازي جلالة الملك ووعد ملكي بأن يتم فتح تحقيق معمق لمعرفة المتسبب في الحادث حتى ينال عقابه الذي يستحق.
الوطن مهم جدا ولهذا لا يمكن اللعب به وأي حادث يمكن أن يعالج داخل القانون.