أنس بن الضيف
مرة تلو أخرى تتربص جماعة العدل والإحسان المحظورة بالأحداث والاحتجاجات ذات الطابع الاجتماعي للركوب عليها واستثمارها للترويج لـ”خلافة على منهاج النبوة”، بعدما راكمت الخيبات والفشل، اخرها مع حركة 20 فبراير قبل خمس سنوات، بعدما حاولت السيطرة عليها، واستثمار مطالبها لصالحها.
الأخبار القادمة من الحسيمة تتحدث عن كون فرع العدل والإحسان بالمدينة، بدأ فعلا في التجييش وإخراج أنصاره من “خلواتهم” للاحتجاج والدعوة إلى تشكيل ما أسموه لجنة حقوقية مكونة من مختلف “الأطياف” السياسية والجمعوية للدفاع عن المرحوم محسن فكري ومحاسبة المتورطين في وفاته.
مافائدة هذه الدعوة و من أين تستمد مشروعيتها، هذا إن كانت لها مشروعية أصلا في ظل تحقيق تقوده الفرقة الوطنية للشرطة القضائية، انتقلت من الدار البيضاء للحسيمة، حتى لا يزايد أحد كجماعة العدل والإحسان لا على الدولة، ولا على عائلة الفقيد فكري ولا على سكان الحسيمة والريف والنواحي الذين تعاطفوا مع الفقيد والطريقة البشعة التي توفي بها.
القانون وحده، ونتائج التحقيقات التي تقودها النيابة العامة بالحسيمة، ومعها الفرقة الوطنية، هي الفيصل في تحديد الفاعل الرئيسي في وفاة محسن فكري، أي من قام بالضغط على زر آلة السحق بالشاحنة، وتحديد المتسببين في صيد سمك “أبو سيف” أو الإسبادو في هاته الفترة من السنة التي يمنع فيها صيد هذا النوع من السمك في السواحل المتوسطية لدواع مرتبطة بالراحة البيولوجية.
أصابع الاتهام تتوجه حاليا إلى مندوب الصيد البحري ونائبه، أولا لتحملهما المسؤولية في عدم منع الصيادين من صيد سمك “أبو سيف” في هاته الفترة من السنة، وكيف خرجت قواربهم من ميناء الحسيمة؟ وثانيا لإعطائهما الأمر باتلاف شحنة السمك المقدرة بـ 5 أطنان بذلك الشكل المريب، هل كان ذلك محاولة لطمس هذه الجريمة الصغيرة وتلاعبات بميناء الحسيمة، و التي تسببت في جريمة أكبر وقتلت محسن فكري؟
الاحتجاج السلمي بالحسيمة صار واقعا، والكل انتفض ضد “الحكرة” وتعاطف مع محسن وعائلته، ليس في الحسيمة وحدها، بل في جميع أنحاء المغرب، احتجاج سلمي مشروع، لكن هذا لا يجب أن ينسي المحتجين أن القانون يسير في مجراه الطبيعي لتحديد المسؤولين عن وفاة محسن، مع الحذر كل الحذر من كائنات “ثورية” تختبئ في “الخلوات” وعينها على أول حادث وعن “شهيد” و “بوعزيزي” بالمغرب، وتريد أن تقول للمغاربة “أنا هنا لاستثمار مآسيكم لأحقق بها كوابيس القومة”.
المحتجون في الحسيمة وفي جميع مدن المغرب، يريدون أن يصل صوت غضبهم، ويعبرون عن حنقهم مما جرى، لكنهم ليسو في حاجة لمن يستغل مشاعر التعاطف والغضب، ويلتف حولها، ويتحدث باسمهم، فانصرفوا إلى “خلواتكم” و جحوركم واتركوا المغاربة ينفسون عن غضبهم، هم بالتأكيد ليسوا بحاجة إلى بياناتكم ودعواتكم، هم بحاجة إلى معرفة الحقيقة، حقيقة المتسبب الرئيسي في وفاة محسن فكري.