انتبه عبد الإله ابن كيران، متأخرا، إلى الخطر الذي يشكله من يسمون “كتائب البيجيدي”، أو ربما اختار أن يجهر، أو يزعم، بعدما كثفت “الكتائب” غاراتها وحملات القصف العشوائي التي تشنها، بأنه ليس متفقا ولا محركا لهذه الأشباح الإلكترونية، وأنه نفسه واحد من ضحاياها، بل يؤدي، وحزبه، ثمن “صكوعيتها” غاليا.
بعد صمت طويل، ربما من باب “لم آمر بها ولم تسؤني”، اتضح للرجل، أو هكذا أراد أن يبدو، أن “حرب العصابات” التي تقودها هذه “الكتائب”، وقد شكلت أحد عناصر “قوة” حزب العدالة والتنمية على الفضاءات الافتراضية، صارت تضرب القريب مثل البعيد، و”الأخ” مثل الخصم، وأن الخسائر لم تعد تصيب “أرض العدو” فحسب، بل تقصف داخل “الأراضي الآمنة” للبيجيدي، وتستهدف بناته وأبناءه.
وفي ظرف قصير، اشتكى ابن كيران من “الكتائب” أكثر من مرة، وبعدما لمح ووضح فتبرأ، ولم يجد ذلك نفعا، انتقل إلى “الهجوم”، فأطلق على “الكتائب” وصفا جديدا هو “الصكوعة”، وبذلك تأكد أن “الكتائب” أو “الميليشيات” الفايسبوكية ليست مجرد كلام يروجه الخصوم، بل حقيقة تنطوي على الكثير من الخطر، بسبب الأساليب “الحقيرة” التي تعتمدها في “تدمير” من تصنفهم في خانة “الخصوم”.
ليس ابن كيران وحده من تحدث في الموضوع، بل آخرون تدخلوا، وكل بطريقته، مرة سعد الدين العثماني، وأخرى محمد يتيم، وثالثة سليمان العمراني، وبينهم تحدث كثيرون.
وحين تتدخل أسماء من هذا الحجم في موضوع ما فالأمر يعني أن هذا الموضوع كبير جدا، وأنه أكبر من مجرد مناوشات على الفايس بوك، وأكبر من مجرد صور فوطوشوب، وأكبر من مجرد “جيم” و”بارطاجي”.
الأمر يتعلق بنوع جديد من الإرهاب النفسي والبلطجة، والضحايا كثر، آخرهم شابة تم ترشيحها في اللائحة الوطنية للبيجيدي، بدعم من الأمين العام للحزب نفسه، وكل ذنبها أنها بلا حجاب!
ربما قيادة البيجيدي، أو جزء منها على الأقل، صارت تشعر بأن “الثعبان” الذي تربى في الفضاء الافتراضي، وكان مفيدا في “عض” الأعداء، كبر أكثر من اللازم، وصار ساما أكثر من اللازم، وأن “التحكم” فيه صار مهمة صعبة، وأن قطع رأسه مستحيل، بما أن هذا الثعبان بلا رأس في الأصل، أو برؤوس كثيرة!!
حكاية “لم آمر به ولم يسؤني” انتهت، وصار محلها “باش قتلتي باش تموت”، حيث انقلب السحر على الساحر، وهذا ما جعل ابن كيران يتدخل، لكنه فعل بعد فوات الأوان، وكان الأجدر به أن يتدخل حين توالت الحملات المنظمة ضد شخصيات تختلف مع البيجيدي، عانت كثيرا بسبب “بسالة” هذا “الجيش الإلكتروني”.
ومع ذاك، سيكون من الصعب تصديق أن مشتل “الكتائب” تأسس بعيدا عن رعاية الحزب، أو جزء منه، وإلا فإن حكاية “الانضباط” داخل البيجيدي مجرد أسطورة.
الآن، ابن كيران يشعر، ربما، بما يشبه “الخطر”، لأنه صار هو الآخر “متضررا”، وهو بذلك يجرب أمرا ظل يعانيه الكثيرون، لكن هذا لا يعفيه من المسؤولية. طالما صرخ “الضحايا” في وجه البيجيدي: “شدو علينا وليداتكم ها العار”، لكن هاد “الوليدات” استمروا في إسقاط الضحايا والتنكيل بهم، مستغلين صمت حزبهم، ومستثمرين قدرة فطرية على خوض الحروب النفسية بكثير من السادية، ومنتشين بإسقاط الضحية تلو الضحية.
بمنطق البيجيدي، الذي اعتاد “بناء” الخصوم إلى المجهول، هذه الكتائب شكل جديد من “العفاريت والتماسيح”، وهي “التحكم” من نوع آخر، بل هي “التنظيم الموازي”، مهما توالت محاولات التبرؤ منها، لأنها منهم وإليهم.
هم جماعة من قطاع الطرق على الفايس بوك. ظلوا يتعاملون بمنطق “معنا ولا مع لخرين”، إلى أن اكتشفوا ان ابن كيران براسو مع لخرين… فداخت لهم الحلوفة!
#مجرد_تدوينة