لقد أصبح عبد الإله بنكيران، الأمين العام للعدالة والتنمية ورئيس الحكومة المعين، مرتاحا جدا بعد أن أطلق المجلس الوطني للحزب يده من أجل اختيار الوزراء، إذ أصبحت لجنة الترشيحات شكلية، حيث تختار لجنة الترشيحات ثلاثين مرشحا للوزارة، تختار منهم الأمانة العامة ثلاثة لكل وزارة، ومن حق الأمين العام الاختيار بين الثلاثة عكس السابق حيث كان مفروضا عليه أن يختار الأول أو يعود للقيادة، وأكثر من ذلك أن المجلس الوطني منحه حق البحث عن وزراء مرشحين آخرين من داخل الحزب ومن خارجه، وبالتالي لا قيمة للجنة الترشيحات.
كنا في هذه الصحيفة دافعنا كثيرا عن إلغاء لجنة الترشيحات داخل العدالة والتنمية، ودون أن يقول أحد وأنتم ما دخلكم؟ نعم نتدخل في شؤون الأحزاب لأنها تحصل على ميزانيات مهمة من المال العام ولأنها تقود الحكومة، وعللنا ذلك بكون لجنة الترشيحات قد تختار عناصر لا خبرة لها وذلك بناء على تقاطبات داخل الحزب، بينما الحكومة شأن آخر ويحتاج إلى خبرات.
اليوم بنكيران في حل من أمره، ولديه فرصة ليختار بهدوء أعضاء حكومته، وبالتالي هو أمام أمر واحد: اختيار الكفاءات لإنجاح التجربة.
ترتفع أصوات بين الفينة والأخرى رافضة استوزار من سبق له أن شغل منصبا حكوميا في الولاية السابقة. ونرى أن ذلك خطأ في التقدير. طبعا لا يمكن أن يعود للوزارة من لم تكن له أدنى بصمة خلال خمس سنوات، فمن الأحسن أن يرحل قبل أن يتم ترحيله، لكن ليس كل الوزراء كانوا فاشلين، ولا يعني ذلك أنهم كانوا في حالة نجاح مهمة، ولكن في الحد الأدنى تبقى تجربتهم مقبولة.
في الحكومة السابقة هناك وزراء لأول مرة يدخلون الحكومة وعلى رأسهم وزراء العدالة والتنمية باعتبار أن الحزب لأول مرة يدخل الحكومة. هؤلاء الوزراء دخلوا دون خبرة. واستفادوا كثيرا من الوزارة وتعويضاتها. يمكن أن نقول إن الدولة صرفت عليهم كثيرا حتى اكتسبوا خبرة، فلا يوجد معنى لإرسالهم لحال سبيلهم واستقدام آخرين كي يستفيدوا من جديد لكن دون خبرة.
في الحد الأدنى ينبغي الاستفادة مما راكمه هؤلاء، بدل البحث عن عناصر جديدة، تستفيد هي الأخرى وتذهب لحال سبيلها، وإذا لم يجد بنكيران من يرشحه من حزبه فبرلمان الحزب أطلق يده، نعرف أن الأمر صعب جدا ومكلف بالنسبة إليه، بحكم وجود عصبيات حزبية، وهي لدى الجميع وليست من خصائص البيجيدي، لكن ينبغي أن يكون شجاعا في هذه النقطة ويحسم الأمر ويختار وزراء ذوي كفاءة من حزبه ومن غير حزبه، أي من المقربين والمتعاطفين، ولا يمكن أن تطلب من رئيس الحكومة المعين المستحيل، ولكن احترام الحد الأدنى من الخبرات والكفاءات.
لم يعد المغرب قادرا على انتظار وزراء حتى يتعلموا فن الحكومة، فالتحولات تفرض عليه حكومة قوية وليست حكومة ولاءات حزبية وعائلية.