المجالس، والأندية والحارات، وأرشيف المحاكم يؤكد ذلك..فماذا فعلتم، أنتم وأشباهكم الخلفاء الذين، يرون النبي في المنام، في حق مَن سكر، أو زنى، أو سرق، أو كذب، أو فجر، وللأخلاق دمر وهجر؟ الجواب : لا شيء.. فالقانون المطبق الآن في البلاد، لهو أعدل من عدالة سوف تنسبونها كذبا للإسلام؛ عدالة فيها تأويل، وتحايل، ومكر، وخداع، ومصادرة على المطلوب، وهو العدالة، والقصاص، وهو ما أسموه بالحيل الفقهية.. العوام والبسطاء لا يعرفون شيئا عن تاريخ من ادعوا تطبيق الإسلام مثلكم، منذ قرون خلت.. ماذا صنع الأمير مثلا بمن سرق بيت مال المسلمين؛ ولأسباب وجيهة، لن أذكر الأسماء، اللهم إذا اضطررتُ لذلك، مع ذكر المراجع، من تراثنا، وأرجو الله ألا أضطر إلى الحديث بالواضح الفاضح.. ماذا فعل الخليفة لما جاؤوه بصديق له زنى، فشهد بذلك ثلاثة من الشهود.. لكن الخليفة أمر بشاهد رابع، هو من أصدقاء المتهم، فلما وقف أمام الخليفة، سأله هذا الأخير : ما عندك أنت يا سَلْحَ العُقاب؟ فقال الشاهد الرابع : "أيها الأمير، رأيتُ مجلسا قبيحا، وسمعتُ نفَسا عاليا، ورأيتُه متبطِّنَها، ورجليها فوق كتفيه كأذني حمار، وخصيتيه متردَّدتين بين فخذيها، وسمعتُ حفزا شديدا، (يعني الدفع من الخلف)". فقال الأمير للشاهد : "هل رأيتَه يُدخل ويُخرج كالمِيل في المكحلة؟" فأجاب الشاهد : لا.. فهتف الأمير : الله أكبر، وأمر المتهم، بأن يضرب الشهود الثلاثة، ثمانين ضربة؛ ففعل.. يحيا العدل ! لكن ماذا لو كان المتهم الزاني، من المواطنين البؤساء؟ الجواب نتركه لأصحاب المرجعية الدينية، ورافعي لواء العدالة، والمبشرين بالخلافة على منهاج النبوة، وقصة "اليونان" ما زالت عالقة بالأذهان...إذا كان هؤلاء، قد تحايلوا لدرء الحدود، وأرعبوا الشهود لإنقاذ أصحابهم من سيف العدالة، وهم التقاة، فماذا عساك تنتظر من الذين يمنّون القوم بالعدالة، والقصاص، وهم الذين يتسترون على الزُّناة من جماعتهم، وعلى اللصوص من أحزابهم المتخفية وراء ستار المرجعية الدينية، وهم كلهم سواء، جماعات وأحزاب؟ ولكن بالتقية، يظهرون للناظرين وكأنهم خصوم وأعداء، فيما أعداؤهم الحقيقيون، هم الديموقراطيون، والوطنيون الصادقون.. فأي مكان للمرجعية الدينية في دولة إسلامية، على رأسها أمير للمؤمنين؟ لماذا يتبنون الدين، وللدين أمير يحميه، ويقوم على شؤونه؟ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "مَن أتاكم وأمركم جميعٌ على رجل واحد يريد أن يشق عصاكم ويفرّق جماعتَكم، فَـ..." التتمة نتركها لزعماء الدين.
محمد فارس