يعتزم المغرب ورواندا، البلدان اللذان تجمعهما علاقات ودية يسودها التفاهم والاحترام المتبادل، إعطاء دينامية جديدة لهذه العلاقات من خلال الارتقاء بها إلى مستوى شراكة رابح-رابح.
ومن المرتقب أن تدشن الزيارة الرسمية التي يقوم بها الملك محمد السادس اليوم الثلاثاء لكيغالي، في إطار جولة في شرق إفريقيا، بداية هذا العهد الجديد في العلاقات بين البلدين اللذين يتجاوز إشعاعهما المنطقتين اللتين ينتميان إليها ليشمل جميع أنحاء القارة الافريقية، من خلال ديناميتهما والتزامهما القوي لفائدة بزوغ أفريقيا جديدة موحدة وقوية.
وتدرك سلطات كيغالي أنه يمكنها الاعتماد على شريك هام مثل المغرب من أجل مرافقة هذه الدولة الفتية نحو مزيد من التقدم.
ونقلت صحيفة "نيو تايمز" الوراندية الناطقة بالانجليزية، والتي تعد من أهم الصحف بالبلاد، عن وزيرة الخارجية الرواندية لويز موشيكيوابو، قولها "إننا نبذل جهودا حثيثة من أجل تسريع التعاون مع المغرب في مختلف المجالات".
ووصفت رئيسة الدبلوماسية الرواندية المغرب، الذي لا تخفي إعجابها به، بأنه البلد المحتضن لحضارة عريقة تعود لآلاف السنين، مؤكدة على الخبرات المتقدمة للمغرب في العديد من المجالات ، وعلى الخصوص في المجال المالي والعقار والصناعة الدوائية والسياحة.
وذكرت بأن العديد من المقاولات المغربية قامت بزيارات استكشافية إلى رواندا من أجل تطوير مشاريع في هذه المجالات وغيرها.
وهكذا، فإن العديد من الفرص الاستثمارية تتاح أمام هذه الشراكة الجديدة التي ستعود بالنفع على المغرب ورواندا .
وقالت موشيكيوابو إن القطاع الخاص في البلدين مدعو إلى الاضطلاع بدور حاسم في بناء هذه الشراكة، التي شكل إطارها القانوني موضوع مباحثات معمقة بين الجانبين بهدف إرساء أرضية صلبة قادرة على الدفع بالعلاقات الثنائية نحو آفاق جديدة تستجيب لتطلعات قائدي البلدين.
وأكدت الوزيرة الرواندية أن المقاولات بالبلدين يعيان أهمية هذا الفصل الجديد في العلاقات بين الرباط وكيغالي.
ومن أجل تحقيق استراتيجيته الطموحة بالانفتاح على فضائه الأفريقي، يحمل المغرب معه الصورة المتميزة التي نجح في تكوينها على مدى السنوات كشريك يتمتع بالمصداقية، وقادر على إسماع صوت أفريقيا الحقيقي في المحافل الدولية.
وتؤكد هذه الصورة، التي تعززها المصداقية التي تتمتع بها المقاولات المغربية في العديد من البلدان الأفريقية، شرعية المغرب في الانفتاح على جميع شركائه الأفارقة.
وفي السياق ذاته، فإن انفتاح المغرب على رواندا ، برأي المراقبين، يفرض نفسه كخيار حكيم بالنظر إلى الدور الوازن الذي أضحى يضطلع به هذا البلد في منطقته وفي القارة الأفريقية برمتها.
فقد قطعت رواندا، بعد 22 سنة فقط من الحقبة الحالكة في تاريخها ، والمتمثلة في الإبادة الجماعية البشعة لسنة 1994 (أكثر من 800 ألف قتيل)، أشواطا هامة على درب التنمية الاقتصادية، والتي تسارعت وتيرتها منذ وصول الرئيس بول كاغامي إلى السلطة.
ويكاد يجمع الخبراء الاقتصاديون والمنظمات الدولية على أهمية الخيارات الاقتصادية لهذا البلد الافريقي الفتي. فرغم وجود عجز كبير ينبغي استيعابه في مجال التنمية، فإن النتائج التي تحققت في البلاد تظل جيدة للغاية ، تعكس التقدم الهائل الذي تحقق في بلد بول كاغامي.
وقد وضعت السلطات الرواندية، التي كانت ولاتزال تطمح إلى تحسين متوسط دخل الفرد بحلول سنة 2020، غداة الإبادة الجماعية لسنة 1994، استراتيجية تنموية مكنت من مضاعفة الناتج الداخلي الخام بنحو خمس مرات.
( و م ع)