بقلم:حكيم بلمداحي
يظهر أن النخب السياسية في المغرب لم تفهم المرحلة.فالأحزاب السياسية تتعامل بنفس الأسلوب، الذي كان سببا في قطيعتها مع جزء مهم من المجتمع. وفاعلون سياسيون يتعاملون بمنطق ما قبل الدستور الجديد. والإعلام العمومي، خصوصا القناتين الأولى والثانية، أخلف الموعد.
قبل أيام، التمس مستشارو البرلمان من الملك، التمديد لهم في الكراسي سبع سنوات أخرى، بمنطق خارج سياق المرحلة، وخارج السياق القانوني الذي يضع السلط في فصل نسبي. وهم بذلك، ومهما كانت مسوغات الملتمس، يضعون المرحلة في مقام شك، البلاد في غنى عنه.ويتعاملون مع الدستور الجديد باستخفاف شديد.أما الأحزاب السياسية، فلم تخرج من نطاق الحروب التنظيمية الصغيرة،بل تعمق من الهوة التي أبعدت الناس عنها وهي تبحث عن المقاعد فقط دون الأخذ بعين الاعتبار صرخة الشارع الذي يطالب بالتغيير.
ماذا تريد النخب السياسية بهذه الأساليب المنبوذة شعبيا؟ وهل تستحق فعلا صفة نخب؟ أم أن جيوب المقاومة التي تحدث عنها عبد الرحمان اليوسفي ذات يوم هي التي تسيطر على المشهد السياسي.وهي جيوب مقاومة يتضح أنها ليست موجودة في دواليب الدولة فقط، بل توجد أيضا داخل الأحزاب السياسية.
إن السياق التاريخي والإقليمي لا يقبل كذا تلاعب وعبث وممارسات مضحكة. وكل تماد في هذا الاتجاه إنما هو أسلوب لجر البلاد إلى وضع لا يفيد أحدا، بل يخدم فقط الجهات التي تريدها فوضى ليتسنى لها فرض أجندتها وبالتالي تحقيق مراميها.
إن الهوة بين طموحات الشارع الذي يريد تحقيق ديمقراطية كاملة من خلال حكامة مؤسساتية متينة، وبين نخب سياسية لم تستوعب المرحلة، تتعمق مع كل عبث تقترفه الأحزاب وقياداتها.وهذا أمر يدفع فعلا إلى التخوف على مستقبل البلد.
لقد مل الناس من اجترار السلوكات العتيقة للأحزاب السياسية وقياداتها، وأيضا للأساليب العتيقة للإدارة. وطموح المغاربة قوي في التغيير، فهل من مسلك للخروج مما نحن فيه من لعب الصغار؟