تناقلت بعض وسائل الإعلام المغربية مؤخرا ، أنه بعد فشل محاولته الأولى اليسار السويدي يتحرك مجددا من أجل الاعتراف بالبوليساريو ، حيث يقود اليسار السويدي تحركا جديدا داخل البرلمان ، من أجل تفعيل قرار ينص على الاعتراف بالبوليساريو . التحرك الذي يقوده عدد من النواب اليساريين، ينذر بتوتر جديد في العلاقات المغربية السويدية بعد الأزمة التي شهدتها السنة الماضية بين البلدين .
بداية ، لابد من الإشارة إلى أن الدول الاسكندينافية لها موقف مناوئ للوحدة الترابية منذ مدة ، هذا من جهة ، و من جهة ثانية هناك خصوم للمغرب يتحركون أيضا في الساحة الدولية وداخل الأوساط البرلمانية بهذه الدول ، بإمكانات ووسائل و خطة إستراتيجية . وهؤلاء استغلوا فراغ العمل الدبلوماسي المغربي أحيانا ، كما استغلوا حياد وغياب مشروع جيوسياسي لهذه الدول ودفاعها عن قيم حقوق الإنسان ، حيث وجدوا أرضية خصبة في عدد من هذه الدول للترويج لأطروحتهم ولتقديم أنفسهم على أنهم ضحايا "الاحتلال" المغربي للصحراء . فقرار برلمان السويد خلال العام الماضي ، لمطالبة حكومتهم بالاعتراف بالجمهورية الصحراوية ، جاء نتيجةً للحملة الدعائية التي تقودها البوليساريو والجزائر ضد المغرب .
كان جلالة الملك محمد السادس في إحدى خطاباته ، السنة الماضية ، عبر بشكل صريح عن عدم رضاه بشأن الدبلوماسية الرسمية في تدبير ملف الصحراء، عندما قال “إن الوضع صعب، والأمور لم تحسم بعد، ومناورات خصوم وحدتنا الترابية لن تتوقف، مما قد يضع قضيتنا أمام تطورات حاسمة”.
و لهذا ، و من أجل التصدي لخصوم الوحدة الوطنية بالسويد وغيرها من الدول الاسكندينافية ، لا بد أن تكون سياسية وزارة الخارجية استباقية أو هجومية ، وليس دفاعية . فينبغي أن لا تنتظر دبلوماسيتنا حتى تحصل الأزمة لتحرك و تندد وغيرها من المواقف .
و في الصدد ، سبق لي أن كتبت في إحدى المقالات ، أنه لا بد من ضرورة التقييم المستمر للسياسة الخارجية أمام البرلمان. فالسياسة الخارجية تعتبر شكلا من أشكال السياسات العمومية التي تخضع لمراقبة البرلمان. خاصة وأن الدستور وسع اختصاص البرلمان في مجال السياسة الخارجية، وذلك للوقوف على أوجه التقصير في التعامل مع الملفات وبالخصوص قضية الوحدة الترابية .
كما أن الحكومة ، عن طريق وزارة خارجيتها ، لم تعد قادرة على تحمل عبئ المسؤولية لوحدها، ولا يمكن لها كسب المعركة الدبلوماسية والإعلامية في غياب انخراط فعال للمجتمع المدني المغربي بمختلف مكوناته في الدفاع عن قضيته الوطنية.
وفي هذا الصدد ، ينبغي ضرورة التنسيق بين الحكومة ممثلة في وزارة الخارجية والمجتمع المدني ، حيث أصبح من اللازم على المجتمع المدني المغربي أن ينخرط في ما يسمى بالدبلوماسية الموازية وأن يتحمل المسؤولية ويعمل لكسب تعاطف الرأي العام الدولي مع قضية الوحدة الترابية المشروعة ، وعلى الخصوص في أوساط الطبقة السياسية بالدول السكندينافية ، وأيضا أمريكا اللاتينية .
غير أن المجتمع المدني لن يتمكن من القيام بدوره على أحسن وجه فعال إلا إذا تم مده بالدعم الضروري واللازم. و بالإضافة إلى ذلك لا بد من تفعيل كل أوجه الدبلوماسية الموازية للأحزاب السياسية والبرلمان والإعلام وكفاءات الجالية المغربية بالخارج، والمؤسسات الاقتصادية و المراكز العلمية و الفكرية.
أيضا ، قضية الوحدة الترابية تحتاج إلى دبلوماسية إعلامية موازية وكادر إعلامي للصمود في وجه الإعلام الجزائري الحاقد ، و المحرض ، و المتحيز تجاه قضية وطنية عادلة ، حيث مع الأسف كنا نتمنى أن ترجع العلاقات الأخوية بين المغرب والجزائر إلى حالتها الطبيعية كيفما كانت سابقا ، وأن تكون هناك شراكة بين البلدين للنهوض بأوضاع الشعبين المغربي والجزائري ، اقتصاديا واجتماعية وثقافيا ، عوض أن تبقى الجزائر معادية لدولة شقيقة مجاورة لها ، و تجمعهما معا أواصر الأخوة والتاريخ والمصير المشترك.