يقبل المغرب على ثاني انتخابات تشريعية بعد تبني دستور جديد للبلاد في 2011 ضمن اصلاحات أقرها العاهل المغربي الملك محمد السادس الذي خلف والده الراحل الملك الحسن الثاني على عرش البلاد في 1999.
ومنذ ذلك التاريخ قاد الملك محمد السادس عددا من الإصلاحات حققت نقلة نوعية في مختلف المجالات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والدينية.
مكافحة الارهاب
وعمد العاهل المغربي بعد تفجيرات الدار البيضاء في 16 مايو/أيار 2003 الى إصلاح الحقل الديني من خلال إعادة هيكلة المجلس العلمي الأعلى وهيئة الإفتاء ومراجعة طرق تكوين الأئمة وإدماج النساء في مجال الإرشاد الديني، إضافة إلى مراقبة أكثر من 50 ألف مسجد والخطب والمواعظ التي تقدمها.
ونجح المغرب في مكافحة التطرف بفضل مقاربات أمنية واجتماعية جنبت البلاد العديد من الاعتداءات الارهابية.
وأصبح ينظر دوليا لسياسات المغرب في مكافحة الارهاب والتطرف كنموذج يصلح الاستفادة منه اقليميا ودوليا في مواجهة الظاهرة العابرة للحدود.
مدونة الأسرة لإعادة الاعتبار للمرأة
وبعد صراع محتدم بين الإسلاميين والمطالبين بالحداثة في المملكة المغربية حول "الخطة الوطنية لإدماج المرأة في التنمية"، لجأ المختلفون إلى تحكيم الملك محمد السادس الذي دفع في اتجاه إصدار قانون حمل اسم مدونة الأسرة سنة 2004 لينهي بذلك الانقسام الحاد في المجتمع.
وكان هدف المدونة الأساسي تعزيز دور المرأة داخل الأسرة المغربية مع منحها حقوقا جديدة وتقييد تعدد الأزواج وتسهيل الطلاق. وتوج مسار تعزيز حقوق المرأة بإعلان المغرب سحب تحفظاته بشأن الاتفاقية الدولية للقضاء على كل أشكال التمييز ضد المرأة، لكن الجمعيات النسائية ما زالت تناضل لإقرار القوانين مقابل مقاومة المحافظين.
وأطلق الملك محمد السادس أيضا مبادرة للعدالة الانتقالية وبذلك تأسست هيئة الإنصاف والمصالحة في 2004 برئاسة المعتقل السياسي الراحل إدريس بنزكري لتكمل عمل هيئة التحكيم المستقلة للتعويض التي استحدثت سنة 1999، واختتمت أعمالها بتقرير تضمن توصيات لإصلاح النظام السياسي اعتمد أغلبها في دستور 2011.
اصلاح قطاع الاعلام العمومي
وتم في سنة 2002 إحداث الهيئة العليا للاتصال السمعي والبصري بميزانية من القصر الملكي. وأعلن إلغاء احتكار الدولة لمجال البث الإذاعي والتلفزيوني عبر إصدار قانون خاص بالقطاع.
وبعد سنوات من العمل منحت هذه الهيئة سنة 2006 وللمرة الأولى في تاريخ المغرب 10 تراخيص لإحداث واستغلال خدمات إذاعية، لكن مجال التلفزيون ظل حتى اليوم حكرا على الدولة بقنواته التي يقارب عددها العشرة.
تبني دستور 2011
وأطلق العاهل المغربي في التاسع من مارس/اذار 2011 عبر خطاب وصف بـ"التاريخي"، عملية إصلاح شاملة للدستور بإشراف لجنة عيّن أعضاءها بنفسه. وفتحت اللجنة المشاورات وتلقت قرابة 150 مقترحا انتهت بطرح الدستور للتصويت في يوليو/تموز من السنة نفسها، فحظي بموافقة الأغلبية الساحقة من المغاربة ومكن من تعزيز صلاحيات رئيس الحكومة مع احتفاظ الملك بمجالات استراتيجية أهمها الجيش والأمن والدبلوماسية والتعيين في المؤسسات والوظائف الاستراتيجية.
واعترف دستور 2011 في سابقة في تاريخ المغرب، بأن الأمازيغية لغة رسمية وجب تعميمها في المؤسسات الرسمية وتلقينها في المدارس.
وتبنى المجلس الوزاري الذي يرأسه الملك محمد السادس بداية سبتمبر/ايلول 2011 القانون الخاص بجعل الأمازيغية لغة رسمية وسيكون على الحكومة المقبلة تنفيذه على أرض الواقع. وسبق هذا الاعتراف تأسيس المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية ثم تبني حرف تيفيناغ الامازيغي بتحكيم ملكي واختبار تدريس الأمازيغية في عدد من مدارس المملكة.
الديمقراطية التشاركية
وانتقل المغرب من 16 جهة إلى 12 جهة بعد تبني الدستور لنظام الجهوية الموسعة التي تمنح رؤساء الجهات المنتخبين نهاية 2015 سلطات أوسع مما كانت لهم وتمكنهم من إشراك المواطن في اتخاذ القرار عبر آليات جديدة للديمقراطية التشاركية وذلك بعد عقود من هيمنة السلطة المركزية على الحياة السياسية.
مبادرة الحكم الذاتي في الصحراء
وفي 11 أبريل/نيسان 2007 قدم المغرب مبادرة الحكم الذاتي في الصحراء المغربية الى الأمين العام للأمم المتحدة.
وأشرف الملك محمد السادس على المبادرة التي خلفت تجاوبا أمميا، إذ لم يتأخر مجلس الأمن في تبني القرار رقم 1754 الذي وصف الجهود المغربية بالجدية والمصداقية. وانطلق مسلسل المفاوضات مع جبهة البوليساريو الانفصالية التي تطالب بالحق في تقرير المصير وبالاستقلال مدعومة من الجزائر، لكن لم تفض هذه المفاوضات إلى نتيجة.
وأطلق العاهل المغربي مشروع ضخم بالأقاليم الصحراوية بموازنة فاقت سبعة مليارات دولار نهاية 2015 في مبادرات تعكس حرصه على تنمية المناطق بالصحراء المغربية.
سياسة بيئية إرادية
والتزم المغرب بخفض انبعاثاته من غازات الدفيئة بنسبة 13 بالمئة بحلول سنة 2020 بجهد مالي ذاتي قدره عشرة مليارات دولار لتنفيذ مشاريع ضخمة لإنتاج الطاقة المتجددة من الشمس والرياح والمياه وتغطية 42 بالمئة من حاجات البلاد من الطاقة.
وخلال قمة المناخ 21 في باريس، التزم الملك محمد السادس شخصيا برفع تلك النسبة لتصل إلى 52 بالمئة بحلول 2030، ما يجعل المغرب من البلدان الرائدة في هذا المجال. وساعده ذلك في التأهل لاستضافة المؤتمر العالمي للمناخ الثاني والعشرين المنتظر منتصف نوفمبر/تشرين الثاني لمتابعة مقررات مؤتمر باريس التي نصت على الحد من ارتفاع درجة حرارة الأرض بدرجتين مئويتين مع نهاية القرن الحالي.