سعيد نافع
الجحافل الالكترونية تكتسح الفضاء الأزرق وتتلبس في كل التنويعات الفايسبوكية
‘‘ المحاصرة ‘‘ … ‘‘ التكفير والشيطنة ‘‘ … ‘‘ التدليس ‘‘ : تكتيكات التأثير و التخويف و‘‘استحمار‘‘ البسطاء..
تخوض الكتائب الالكترونية التابعة للتظيمات الإسلامية المختلفة ( الدعوية والحزبية والشبابية والنقابية ) حربا ضروسا في مواقع التواصل الاجتماعي المختلفة من أجل السيطرة، وفرض همينتها على مختلف التوجهات التي تعتمل فيه. وهي بذلك تنقل الصراع الواقعي على الأرض إلى العالم الافتراضي، لمهاجمة المخالفين وضرب الحصار على كل التيارات الأخرى للحيلولة دون وصولها إلى فئات واسعة من مستعملي الفضاء الأزرق.
الانتباه لخطورة وأهمية التواصل في هذه المواقع يأتي من معرفة هذه الكتائب، والجهات الواقفة ورائها، بالتأثير المباشر لمواقع التواصل في تأطير التفكير والرؤية الجماعية للشعوب، في مرحلة حساسة وخطيرة من تاريخها، أصبحت فيها هذه المواقع أكثر تأثيرا من وسائل الإعلام التقليدية كالتلفزيون والراديو والجرائد.
ولأنها ناتجة عن تنظيمات أصلا مهيكلة بشكل محكم في الواقع، تتميز الكتائب الالكترونية للإسلاميين في المغرب بتنظيم محكم وممنهج، لا تترك فيه الحبل على الغارب لأي تيار أو اتجاه معاكس، بل وتستمر المضايقات حتى في الحسابات الخاصة للأشخاص العاديين بطريقة متكررة.
المضايقة تتم على مستويات مختلفة، وتتسم بتكتيك يناسب حجم وموضوع كل تدوينة. ولعل هذا الاكتساح للعالم الأزرق المغربي مرده، غياب تنظيمات منافسة ( حزبية أو جمعوية أو مبادرات شعبية ) كما أن الدولة لم تعر أهتماما كبيرا للموقع الأزرق وخطورته في تأطير التوجهات والرؤى إلا في مرحلة متأخرة جدا. ويحسب للكتائب الالكترونية الإسلامية سبقها لاكتشاف هذا العالم، وتوقعها لهمينته على فئات واسعة من مرتادي الانترنيت المغربي، وهو ما جعلها تصبح أهم لاعب فيه خلال سنوات قليلة.
‘‘ لالة خديجة ‘‘ … ‘‘ أم الشيماء ‘‘ … ‘‘ راجية الفردوس الأعلى ‘‘ نموذج لبروفايلات على المواقع الاجتماعية المختلفة، لا يمكن التحقق من هوية من يستعملها، ولا تتحرك إلا وفق ظروف معينة، ما يعطي الانطباع على أنها غير قابلة للمحاكاة الزمنية والمكانية. هذه البروفايلات تحمل صور شخصية لفتيات جميلات إلى حدود الإثارة – بحجاب وماكياج مبالغ فيه – تتمحور أغلب تدويناتها على الاستقطاب الديني، على مستويات مختلفة ومتعددة.
عندما تكون الساحة السياسية الوطنية لا تحفل بأحداث مثيرة، يكتفى بوضع تدوينات على شكل آيات قرآنية أو أحاديث نبوية، تدعو لنبذ التبرج مثلا، أو التشجيع على ارتداء الحجاب، أو التذكير بضرورة صيام معينة في الأجندة السنوية القمرية، أو التهليل بقدوم المناسبات الدينية.
غير أن هذه البروفايلات تتحول إلى بوق إعلامي من الطراز الأول عندما يستدعي الأمر ذلك، ومرصد للتأثير المباشر في متابعيها، خصوصا من الشباب ( لا ننسى أن كلها بروفايلات لفتيات على قدر خاص من الجمال أو هكذا تقدمها الصور المعروضة فيها ). ‘‘ لالة خديجة ‘‘ أصبح بروفايلا مدافعا عن ‘‘ الكوبل الدعوي ‘‘ حماد وفاطمة بعد فضيحة ضبطهما متلبسين بممارسة الجنس في شاطئ المنصورية قريبا من المحمدية نهاية يوليوز الماضي.
‘‘ لالة خديجة ‘‘ طالبت في البداية بالتضامن مع ‘‘ كوبل ‘‘ الإصلاح والتوحيد، نافية عنهما كل التهم المنسوبة إليهما، ومتهمة ‘‘المخزن ومعارضي الإسلام السياسي‘‘ في المغرب والصحافة ‘‘ الصفراء ‘‘ الديوثية العلمانية، بالتآمر لتشويه سمعة الحركة والحزب ( العدالة والتنمية ) قبيل الانتخابات.
مع مرور الوقت، وتثبت كل المشككين، بما فيهم عتاة وصقور التيار الإسلامي من الواقعة، لم تغير ‘‘ لالة خديجة ‘‘ من نبرتها المدافعة المنافحة عن من اعتبرتهم ‘‘ إخوانها وأساتذتها ‘‘ من منطلق باب النصرة، وإن كان أسلوبها قد اعتراه بعض الوهن أمام الوقائع التابثة للفعل الفاضح ، التي وضعها بعض رواد بروفايلها ضمن تعليقاتهم للرد على تشكيكها.
الاختراق والدعوة
من بين أنجح الخطط التي تستعملها الكتائب الالكترونية الإسلامية أو ذات المرجعية الدعوية في مواقع التواصل الاجتماعي تقنية ‘‘ الاختراق ‘‘. في الغالب تستهدف هذه التقنية الصفحات التي تعرف أقبالا كبيرا وواسعا من مختلف الفئات الاجتماعية، ويتعدى رقم معجبيها العشرة ملايين.
تبدأ الخطة بإنزال مكثف على الصفحة، مع الحرص في البداية على عدم المساس بشكلها الخارجي ( الحفاظ على الاسم حتى لو لم يكن ذو مرجعية دينية ‘‘ ثقف نفسك ‘‘ … ‘‘ خواطر ‘‘ … ‘‘ إنسانيات ‘‘ ) قبل أن يتم الاستحواذ عليها بشكل كامل فيما بعد، لتتحول إلى أداة طيعة لتمرير الخطاب المقصود، استغلالا لنسبة متابعيها الكبيرة. ولأن اللعب على الوتر الديني مسألة حساسة في مناخ ثقافي ديني بالفطرو والوراثة، فإن التحول لتضمين الخطابات الدينية ( سياسية فيما بعد ) يصبح من السهل بمكان، لعدم إمكانية المجابهة أو الرفض مخافة الوصم أو التكفير.
صفحات فرق كرة القدم، حتى تلك التي تديرها الأندية أو مسؤولي التواصل فيها، يتم اختراقها من طرف الكتائب الالكترونية الإسلامية بطريقة ممنهجة ومتكررة. صحيح أن هذه الكتائب تتعامل بنوع من الذكاء مع هذه الصفحات، حيث لا تسعى للاستحواذ عليها بشكل مطلق، لكن عناصرها غالبا ما تستغل فرصة التجاوب الشعبي الكبير مع الأندية ونتائجها ( انتصار / تأهل / فوز ) للتسلل إلى التعاليق، وبث مضامين ذات دعوة دينية خالصة بين تعاليق المحبين والأنصار. غالبا ما تأخذ هذه التعاليق شكل الدعوة الدينية المباشرة، حيث تستعمل خطاب الوعظ والإرشاد أولا، ثم تستدل بأحاديث وآيات قرآنية، مذكرة بالعقاب الإلهي لتاركي الصلاة مثلا، أو لتبخيس الحياة ( تحقير غير مباشر للاهتمام بكرة القدم وتشجيع الأندية ) واعتبارها لعبا ولهوا وأن الأبقى هو الصالحات الزكيات الطيبات، المرتبطة أساسا بالدين واتباع تعاليمه. ولأن الوتر الديني الحساس لا يمكن المجاهرة بمعارضته أو على الأقل، المطالبة بوضعه في حيز آخر، فإن هذه التسللات إلى صفحات الأندية تمر في صمت كبير، بل وتجد من يضع عليها علامات الإعجاب، وطبعا هذا هو المقصود في هذا المستوى.
تقنية الاختراق تستعمل بحربائية خطيرة من طرف القائمين على الكتائب الالكترونية الإسلامية. فمن جهة، وإذا كان الاختراق قد استهدف صفحة أو موقعا كان في الأصل ذو مرجعية ثقافية أو فنية، ويروج أقوالا مثلا لكتاب وأدباء وشعراء باستعمال صورهم، فإنه غالبا ما يتم الاحتفاظ بصور هؤلاء الأسماء الفنية الكبيرة وحتى وإن كانت معروفة ب‘‘لا دينيتها‘‘ أو ابتعادها مضمونا وفكرة عن الأيديولوجيا الدينية أو حتى من ديانات أخرى، كنجيب محفوظ ونزار قباني وجبران خليل جبران والأم تيريزا و انشتاين وأوسكار وايلد ومارك توين وليو تولستوي وسيون دو بوفوار وجول بول سارتر وغيرهم … من جهة ثانية، وتأكيدا لحربائية الاختراق الكتائبي الإسلامي، تقبل هذه الصفحات وضع بوستات قد تشير إلى طريقة لتنحيف جسم المرأة أو شد أعضائها المترهلة أو أردافها مع وضع وصفات طبية لذلك.
ترشيح القباج : ‘‘استحمار البسطاء‘‘
من الأشكال الغريبة لاستبلاد البسطاء والتأثير عليهم بالتدليس والافتراء من طرف الكتائب الالكترونية ‘‘ المجهولة ‘‘ للإسلاميين في قضية منع ترشيح حماد القباج السلفي ، تداول نشطاء عبر إحدى الصفحات تدوينة تجمع صورة المرشح السلفي السابق للعدالة والتنمية في مراكش، بصورة الربان محمد القباج الذي قاد الطائرة الملكية التي تعرضت لنيران انقلابية سنة 1972 التي كان على متنها الحسن الثاني في شبابه، وأوصلها لبر الأمان.
مكتوب التدوينة المرافق للصورتين، وبلا حشمة بلا حيا، أدمج الشخصيتين معا على أساس أنهما شخص واحد، وجاء في مضمونها ‘‘ على أن المخزن لا يتذكر من أسدى خدمات جليلة للمؤسسة الملكية ‘‘ على أساس أن القباج السلفي المراكشي هو القباج قائد الطائرة سنة 1972.
هذه التدوينة لاقت رواجا كبيرا في أوساط البسطاء من أبناء هذا الشعب، خصوصا الشباب منهم، الذين لم يميزوا حجم التلفيق الموضوع فيها، حيث اعتبر كل من طالعها على هاتفه النقال أن الأمر يتعلق بنفس الشخص، بينما في الواقع الكل يعلم أن لا علاقة للقباج الربان بالقباج السلفي الذي حاول حزب العدالة والتنمية ترشيحه في استحقاق السابع من أكتوبر القادم، قبل أن تصدر وزارة الداخلية بلاغا يقضي بمنعه من الترشح، لمعاداته الواضحة والصريحة للديمقراطية، ولدعواته السابقة المحرضة على الكراهية والقتل في حق مغاربة من ديانات أخرى.
والحق أن هذا النوع من التدوينات، جاري بها العمل ضمن ما يعرف بالتكتيك الحربي للكتائب الإعلامية للإسلاميين، حين يتعلق الأم بالتوجه للفئات الشعبية البسيطة أو ذات المعرفة أو الثقافة المحدودتين. إذ غالبا ما يتم تلفيق أخبار ومعلومات غير صحيحة ويتم إصدارها في بعض الصفحات أو ‘‘ الغروبات ‘‘ ذات الصدى الواسع بين أتباع التيارات الإسلامية، بغرض تثبيت قناعات معينة، أو استقطاب المزيد من الأتباع، باللعب دائما على الوتر السحري والحساس ‘‘ الدين ‘‘. تكتيك معروف لدى هذه الكتائب ويتوجه لفئة معينة من الأتباع والمريدين، ويختلف عن تكتيكات أخرى تستهدف فئات اجتماعية ومهنية أخرى ، قد لا تحمل بالضرورة هذا الكم من الاستبلاد والتلفيق.
تأثير الدومينو
التداعي الحر أو ‘‘ تأثير الدومينو ‘‘ طريقة أخرى من أساليب السيطرة المحكمة على العالم الأزرق كما تنهجها الكتائب الالكترونية للإسلاميين في مواقع التواصل المغربية. العملية تستهدف توسيع انتشار التدوينات الخاصة بقياديي الحركات الإسلامية في أفق تداولها على نطاق واسع، باستعمال ‘‘ البووست ‘‘ و ‘‘ السبونسورينغ ‘‘ ( الخدمات المؤدى عنها في مواقع التواصل الاجتماعي ) وهو ما يحيل على أرضية مالية تستعمل لهذا الغرض.
‘‘ تأثير الدينامو ‘‘ يتجاوز حدود المغرب، ويمكن أن تستعمل فيه تدوينات لأبرز القياديين الإسلاميين من العالم العربي أو تركيا أو حتى باكستان وأفغانستان. فمادام أن المضمون واحد ويستهدف تأثيرا مباشرا فلا حرج من مساعدته ودعمه. بسهولة يمكن أن يتم نشر وتبادل مضمون التدوينة آلاف المرات وهو ما يعطيها إمكانية المشاهدة لدى الملايين من أتباع الصفحة أو البروفايل.
تأثير الدومينو ينسحب أيضا على ‘‘ العناصر المتفاعلة ‘‘ أو المريدين البسطاء، وهو بعد آخر لهذه التقنية يجعل مسألة تثبيت مضمون تدوينة أو تعليق يكسب بعدا أكبر. هذا الانخراط يتم بطريقة تلقائية من طرف المتعاطفين من الصفحات والبروفايلات الإسلامية بشكل يجعل المرتاد العادي لمواقع التواصل الاجتماعي، يصبح رأس الحربة في الحرب الإعلامية الالكترونية، عبر إعادة نشر هذه التدوينة أو تلك، أو من خلال التطوع الانفرادي للدفاع عن قضية الحزب أو الحركة أو الجماعة، أحيانا بطريقة لا واعية. الأمر يشبه إلى حد كبير مفهوم ‘‘ الذئب المنفرد ‘‘ في أدبيات ‘‘ الإرهاب ‘‘ الحديثة، حيث أن التطوع للدفاع عن قيم التيارات الإسلامية يتم بطريقة انفرادية قد لا يكون من ورائها تخطيط محكم أو جماعي، أو بإيعاز من جهة معينة.
حرب بالوكالة
التطوع قد يكون موجها أيضا في تقنيات الكتائب الالكترونية للإسلاميين على العالم الأزرق. يتمثل هذا التوجه في التسلل تقريبا، لكل التدوينات التي يعرف عن أصحابها أنهم يضعون فيها تصوراتهم للحياة والسياسة والعالم بحرية تفكير قد لا تتناسب مع توجهات الحركات والتيارات الإسلامية في العالم العربي والمغرب. استهداف مقصود وممنهج لدخول خط التعليقات على التدوينات ‘‘ الحرة ‘‘ يتدرج من الاعتراض البسيط، إلى التهديد المباشر، مرورا عبر أساليب أخرى ‘‘متفاوتة الخطورة‘‘ تذهب من التذكير بعدم جواز التفكير الحر في الإسلام، إلى استذكار الأحاديث والآيات التي تنذر المارقين بأوخم العذاب في نار السعير. وحين يحاول أصحاب التدوينات الدفاع عن آرائهم الحرة عبر الرد المباشر على المعترضين، غالبا ما يقتحم مجندون آخرون خط التعليقات لمساندة المتطوع المدافع و المحاصر لحرية الرأي، وفقا لمبدأ ‘‘ النصرة ‘‘. والأكيد أن متطوعي الآلة الإعلامية للكتائب الإسلامية غالبا ما يوجهون طلبات الإضافة لأصحاب هذه التدوينات في وقت سابق، ويتخفون ضمن لائحة الأصدقاء بطريقة جهنمية، منتظرين فرصة الانقضاض، ومستغلين عدم انتباه أصحابها لهوياتهم الحقيقية. فغالبا ما تكون طلبات الصداقة ممضاة بأسماء رجال أو نساء لا يثيرون الكثير من الانتباه.
حروب الوكالة في مواقع التواصل الاجتماعي تتخذ أبعادا أخرى، قد تكون أكثر علانية. في أزمة الانقلاب التركي الأخير، وضع الآلاف من مريدي الكتائب والصفحات الإسلامية بالمغرب صور الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، جاعلين منه بطلا ‘‘ دينيا ‘‘ بامتياز، ومتصدين لكل من يتفوه بنصف كلمة سوء عنه وعن تجربته السياسية في تركيا، وأسلوبه في التعامل مع تداعيات الانقلاب. النقاشات، بين مرتادي المواقع المغربية وصلت إلى مستويات كبيرة جدا من الحدة والتلاسن، جعلت الحوار يتحول إلى ساحة نصب مشانق للتكفير والردة لكل المخالفين أو المحتجين على أردوغان.
‘‘ الفاشوصفير ‘‘
هل نحن أمام نموج فاشي مصغر لهيمنة تيار على مواقع التواصل الاجتماعي والعالم الأزرق بالمغرب ؟ صحيح أن لا شيء معلن والعملية تتم بالكثير من الحيطة والحذر لأن الواقفين ورائها يأخذون المسألة بالكثير من الجدية و ‘‘ الوعي ‘‘، لكن كل المؤشرات تميل للجواب بالإيجاب على هذا السؤال.
نصب المحاكم الافتراضية للمخالفين صارت أمرا يوميا على هذه المواقع، لدرجة أن التعبير البسيط عن الرأي صار مدعاة للتكفير أو تأليب العامة على صاحبه، ما يهدد حياته الاجتماعية بأوخم العواقب ( خصوصا للأشخاص الذين يضعون صورهم الحقيقية مثلا على بروفايلاتهم ).
الجهر بالتعبير عن ميول علمانية أو حداثية، أو لا دينية بالمجمل، لم يعد ينظر إليه كرأي عادي يهم صاحبه أولا وقبل كل شيء، بل تحول إلى تهمة جاهزة وكأن قدر المغاربة اليوم الانصياع وراء قطيع واحد ولاشيء غير ذلك . التحرش و التهديد المباشر وغير المباشر أصبح لغة الرد الأولى اليوم على المواقع المغربية.
التصور الفاشي للحياة يقتضي القضاء على كل صوت معارض وتنميط الحياة والناس في قالب واحد. هذا ما سعت إليه الأنظمة الشمولية في التاريخ الحديث، وهو أيضا ما تسعى إليه كل إيديولوجية لا ترى وجودها ممكنا إلا في تبخيس الآخر وتشييئه، وشيطنته وربما ‘‘ حيونته ‘‘ أيضا في أفق تحقيق الإجماع الشعبي للقضاء عليه ودعسه تحت الأرجل دون أن يشكل ذلك وخزا لأدنى ضمير حي.
ما يسير عليه العالم الأزرق المغربي اليوم لا يختلف كثيرا عن ذلك. الأوصاف القدحية والنعوت الشيطانية والتبخيسية تتداول بشكل سافر، اعتباطي ، وممنهج ضد كل مخالف، سواء كان مؤسسة حزبية أو جمعية أو تيار فكري ، أو حتى أشخاص عاديين لا ينتمون لأي من هذه الهيئات المذكورة في شيء. إنه ‘‘الفاشو صفير المغربي‘‘.