كان بلاغا مثيرا للغاية الهدف منه في الظاهر التبرؤ من أي دعوة قد تبدو صادرة عن ابن كيران شخصيا لمسيرة في الدار البيضاء أو لهجوم من طرف الكتائب في الأنترنيت على من يعتبرهم الحزب خصومه، لكن الهدف المضمر للبلاغ لم يكن إلا شيئا آخر لا بد من التبحر قليلا في الأشياء لفهمه.
يقول بلاغ الأمين العام لحزب العدالة والتنمية عبد الإله ابن كيران ”أن الموقع الرسمي للحزب والصفحتين الرسميتين للحزب على الفايسبوك وتويتر هي الصفحات المعتمدة من قبل الحزب، ويؤكد أنه لا يتحمل أية مسؤولية عن أي صفحة أخرى تتكلم عن الحزب أو تحمل اسمه مركزيا أو جهويا أو إقليميا”.
انتهى نص البلاغ وابتدأت معه أسئلة متتبعين يعرفون أن الرجل، وهو يتبرأ من تبعات كتائب إلكترونية أنشأها منذ 2011 (أنظر الوثيقة المرفقة)، يلعب لعبة خطيرة، ويكاد يقول لمن يهمه الأمر، بأن ماسيحدث في الأنترنيت خلال الحملة الانتخابية، وماسيليها لا يتحمل فيه هو أي مسؤولية، منذرا أن هذا الذي سيحصل سيكون وخيما بالفعل.
لكن هل يكفي بلاغ يتيم في بضع كلمات لكي تتم تبرئة ابن كيران فعلا من تبعات كائنات خلقها بنفسه، وأسس لعملها بإتقان شديد منذ سنوات عديدة؟ يتعلق الأمر بصفحات مثل (فرسان العدالة والتنمية، الجيش الإلكتروني للدفاع عن بنكيران (الذي أصبح بعد خرجة بنعبد الله يحمل إسم الجيش الإلكتروني لمحاربة التحكم) - ابن كيران ولاية ثانية - مناصرو ابن كيران)، يكفي أن تدخل إلى صفحاتها بعد أن ترى أسماءها الحربية التي تحيل إلى الميليشيات، لكي ترى نوعية ”الانتقادات” وألفاظ السباب والشتم التي تستعملها في حق خصومها، والتي تصل حد الوصف بأسماء الحيوانات والحشرات وكل الكائنات الوضيعة، وحد المساس بالأعراض وإلقاء التهم جزافا ودون أي دليل أو تمحيص أو اهتمام بالتدقيق.
المطلعون قليلا على أمور التواصل السياسي، يعرفون أن الجواب هو ”لا” قطعية، ويعرفون أن ابن كيران يقف بنفسه وبشكل شخصي على عمل كتائب الأنترنيت رفقة رباعي معروف لدى من يتابعون الأشياء وفق عمقها، لا وفق الظاهر منها: المعتصم مدير ديوان ابن كيران أولا، رضا ثانيا المكلف بموقع لكم 2- بوانو ثالثا وحامي الدين رابعا المكلف ب”اليوم 24″ و ببوعشرين ثم بمواقع ”العمق” و”الرأي”-
أركان رباعية في لعبة التواصل الإعلامي عبر الفيسبوك لكتائب تم إعدادها وفق النشيد المعروف في أوساط الحركة الإسلامية ”هو الحق يحشد أجناده ويعتد للموقف الفاصل”، والهدف منها هو ”الاغتيال الرمزي” لكل خصوم الحزب أو لمن يعتبرهم الحزب ضد مخططه للتمكين وفرض سيطرته على البلاد.
الحزب لم يكون كتائبه اعتباطا أو بشكل ارتجالي، بل صرف عليها مالا وفيرا وهيأ لها تكوينا شرسا، واستعان بخبرات أجنبية في المجال، واستفاد من تجارب إخوانية قادمة من دول عديدة، ولعل المتأمل لعمل هاته الكتائب - وهو عمل سيأتي أوان التفصيل فيه لاحقا - سيقف على احترافية طريقة اشتغالها وعلى تبعيتها العمياء للحزب وتنفيذها لمخططه بشكل حرفي.
لذلك رأى العديدون في بلاغ ابن كيران لعبة مزدوجة قوامها الأول ”أنني لا أتحكم إلا في صفحة الحزب الرسمية في مواقع التواصل وموقعه الرسمي على الأنترنيت”، ووجهها الثاني المضمر ”أنني أتحكم في صوت العديدين عبر الفيسبوك وأنني أشتغل لتوجيه الرأي العام نحو ما أراه أنا وحزبي وإن اضطرني الأمر إلى لي عنق الحقيقة وووصم خصومي بأقذع الأوصاف، وتحريض العوام عليهم”.
في الحملة الانتخابية الحالية سنلتقي بنماذج عديدة لعمل هاته الكتائب تماما مثلما التقينا مع تجندها ليلة كاملة للرد على خبر بوانو والزاهيدي في “أحداث.أنفو”، وسنبحر مع هذا العالم المثير لشرح تفاصيل تخفى عن الجمهور العريض لكي يفهم من يلعب بمن في نهاية المطاف عبر أسلاك الأنترنيت المتوترة للغاية، والتي سبق لها أن أحرقت بلدانا أخرى بنفس الطريقة من اللعب الخطير.
AHDATH.INFO