بعد مذكرة التوقيف الدولية التي أصدرها القضاء التونسي أمس الاثنين بحق سهى عرفات، ونفيها السريع من مالطا لما ورد في حيثياتها وموجباتها من تهم لها بالفساد، تستعيد "العربية.نت" أرشيف "خناقة نسوان" شهيرة بين أرملة الرئيس الفلسطيني الراحل ياسر عرفات، وغريمتها ليلى بن علي، المخلوعة مع الرئيس التونسي زين العابدين بن علي.
والخناقة كانت شهيرة الى درجة أن صداها وصل سريعا الى السفير الأميركي السابق لدى تونس، روبرت جوديك، فسجل أهم تفاصيلها في برقية دبلوماسية كشفها فيما بعد صياد البرقيات الدبلوماسية المعروف باسم "ويكيليكس" الأشهر من نار على علم، وروت الخناقة بتفاصيلها بين سهى و"أميرة قرطاج" كما كانوا يلقبون ليلى الطرابلسي.
تلك الخناقة النسائية انتهت بهزيمة سهى عرفات بالضربة القاضية، فسحبوا منها الجنسية التونسية ورموا أغراضها في الشارع هي وابنتها وطردوهما من البلاد التي خسرت فيها أرملة الرئيس الفلسطيني الراحل المال الكثير، ومعه الآمال بأن تتخذ من تونس وطنا بديلا لها ولابنتها يتيمة الأب.
وكتب السفير جوديك في البرقية المؤرخة يوم 16 نوفمبر/تشرين الثاني 2007 أن الجريدة الرسمية بتونس نشرت في 7 أغسطس/آب ذلك العام مرسوما رقمه 2007 ــ 1976 وصادر في 2 أغسطس/آب، وكان يتضمن عبارة واحدة فقط، وهي "اسقاط الجنسية التونسية عن سهى عرفات" والتي حصلت عليها قبلها بعام هي وابنتها زهوة، البالغ عمرها الآن 13 سنة.
في البرقية أيضا أن سهى فسرت للسفير أسباب ما جرى لها، وذكرت بأنه كراهية شخصية كانت تكنها لها زوجة بن علي، وقالت له: "أكاد لا أصدق ما فعلته بي ليلى، فقد خسرت كل شيء وصادروا أملاكي بتونس، حتى بتزوير وثائق نقل الملكية" وفق ما ذكر عن لسانها جوديك الذي وضع حاشية بالوثيقة ذكر فيها أن أرملة عرفات خسرت ما يعادل 3 ملايين و500 ألف دولار استثمرتها في "مدرسة قرطاج الدولية" وهو مشروع كانت فيه شريكة لليلى بن علي.
هذه بلادنا ونتصرف بها كما نشاء
ومن أرشيف "الخناقة" أن أرملة عرفات حصلت على قرض من بنك الاسكان التونسي قيمته 300 ألف دينار لتشارك بالمدرسة، مشروطا بأن تسدده خلال 5 سنوات، وأن السفير الفرنسي سيرج دي غالييه اتصل بها في احدى المرات وأخبرها بأن لديه معلومات ضدها وضد ليلى بن علي، وفيها تهمة للاثنتين بالتخطيط لاغلاق مدرسة فرنسية شهيرة في تونس العاصمة، لكي تتمكن مدرستهما من النجاح.
وسريعا اتصلت سهى بليلى وأبلغتها بغضب السفير الفرنسي، فردت عليها شريكتها ذلك الوقت بأنه لا علاقة له بالموضوع "فهذه بلادنا ونتصرف بها كما نشاء" بحسب ما نقلت سهى للسفير عن لسانها. ثم أوردت البرقية الأميركية عبارة لسهى قالت فيها: "عندئذ طلبت عدم الاستمرار كشريكة في المدرسة" وفق تعبيرها.
والمدرسة التي تحدث عنها السفير الفرنسي، وقال ان ليلى وسهى خططتا لاغلاقها لكي ينجح مشروعهما المشترك، هي "مدرسة بوعبدلي" البريئة سهى عرفات من قضيتها بحسب ما راجعته "العربية.نت" من تفاصيل الخلاف، فقد ثبت أن ليلى الطرابلسي هي التي قررت اغلاقها لمنع المنافسة المحتملة مع "مدرسة قرطاج الدولية" وان سهى حاولت اقناعها بأن لا تفعل "لأن المنافسة بنهاية المطاف هي لصالح المدرسة الجديدة" وفق ما قالت للسفير الأميركي وضمنه في برقيته الدبلوماسية قبل 4 سنوات.
وما زالت سهى عرفات مستمرة بنفي علاقتها بالمدرسة بعد فك الشراكة، ومستمرة بالقول انها تنازلت عنها رسميا لأسماء محجوب، وهي ابنة أخت ليلى بن علي، وان التنازل تم بعد أن أوفدت ليلى الطرابلسي اليها بمحاسبتها، رجاء اسماعيل، ومعها وثيقة التنازل، فوقعت عليها سهى عرفات الطويل وفقدت كل أسهمها فيها، ومن بعدها أعادوا لها 30 ألف دينار كانت سددتها من قيمة القرض للبنك، وتحملت ليلى عنها مسؤولية القرض بكامله.
متكاتفون كالعصابات لنهب خيرات البلاد
وكتب السفير أيضا سيناريو آخر لسبب الخناقة النسائية التي أصبحت الآن من قارة لقارة بين الغريمتين اللدودتين، وهو أن سهى عرفات لجأت في احدى المرات الى القذافي طالبة لمبلغ من المال، فقام العقيد الراحل ووبخ زين العابدين بن علي لعدم تأمين المال الكافي لأرملة عرفات، وهو ما سبب حرجا للرئيس التونسي، وتحول الحرج فيما بعد الى غضب كانت نتائجه اسقاط الجنسية التونسية عن أرملة عرفات، المقيمة حاليا في مالطا التي تتردد منها في بعض الأحيان على باريس.
وهناك سيناريو ثالث ذكره السفير في برقيته كسبب للخلاف، ويصعب تصديقه، وهو أن سهى توارت عن الأنظار هاربة من تونس بعد حصولها على كمية كبيرة من أصول أسرة ليلى الطرابلسي المالية. كما روى سيناريو رابع، وهو أن العِداء النسائي بين الغريمتين بدأ بعد "فشل زواج سهى عرفات السري ببلحسن طرابلسي" وهو الشقيق الأكبر لليلى بن علي.
ولم تجد سهى، بحسب الوارد بالبرقية، أي حرج من إبلاغ السفير في احدى المرات بأن الرئيس التونسي وزوجته وأفراد عائلتيهما متكاتفين كأفراد العصابات في شبكة عامة من الفساد متنوعة النشاطات وممعنة في نهب خيرات البلاد "وان بن علي يقضي وقته يلعب مع ابنه ويفعل ما تطلبه منه زوجته اللصة هي وعائلتها لسرقة كل ذي قيمة في البلد" وفق تعبيرها.
كما في أرشيف "الخناقة النسائية" سيناريو خامس لم يرد في برقية السفير الأميركي كسبب للخلاف، وهو سيناريو يصعب تصديقه بالتأكيد، لكن الألسن التونسية تداولته، وهو أن ليلى الطرابلسي ارتابت من علاقات لسهى عرفات مع السفارة الفرنسية في تونس، باعتبار أن ابنتها المولودة في باريس تحمل الجنسية الفرنسية، فوضعتها في مناخ الخلافات المليء بالمطبات، ووقعت سهى في الفخ الطرابلسي وكان ما كان.
عن العربية