فقد الرفيق محمد نبيل بنعبدالله، الأمين العام لحزب التقدم والاشتراكية، البوصلة، وتخلى على المبادئ الأساسية التي نهض عليها حزب الشيوعيين المغاربة، الذين أخلصوا للاشتراكية العلمية، ولم يدخلوا يوما في جبة "الذئاب الملتحية"، أو ساروا في ركب الذين يستعملوا الدين مطية لأغراض سياسية.
الرفيق نبيل بنعبدالله، تخلى، إرضاء لطموح شخصي في الاستوزار، عن كل قيم الديمقراطية، التي سطرها الشيوعيون الأولون، و اتبع سبيل من ضل الطريق، وأصبح يردد ذات الأساطير التي يرددها كبير حزب العدالة والتنمية عبدالإله بنكيران، الذي رغم كل الصلاحيات التي خولها له الدستور بصفته رئيسا للحكومة ما انفك يتباكى و يشتكي، و يطلق الكلام على عواهنه، ضاربا بعرض الحائط واجب التحفظ و الأخلاق السياسية.
ومع اقتراب موعد الانتخابات التشريعية زادت حمأة بنكيران وإخوانه، الذي حاصرتهم الفضائح من كل الجهات، وانضم إلى جوقتهم الأمين العام لحزب التقدم والاشتراكية، الذي وضع يده في أياديهم منذ انتخابات نونبر 2011، وشرعوا في التشويش على التجربة الديمقراطية، رغم أن رئيس الحكومة هو المشرف المباشر على العملية الانتخابية، و افتعلوا مصطلحا جديدا في اللغة السياسية هو: "التحكم"، لتبرير فشلهم مسبقا في العودة إلى الحكم، بعدما تخلت الحكومة التي يقودونها على دعم " المحروقات"، و قررت ما تعتبره " إصلاحات" ألحقت الضرر بفئات عريضة من الشعب المغربي ( إصلاح أنظمة التقاعد)..
ومع اقتراب موعد الانتخابات بدا السيد نبيل بنعبدالله عازما على عزف نغمة بنكيران، وإيجاد كل المبررات التي تصوغ له الهجوم على الدولة والمؤسسات.
و لا شك أن في جبة السيدان بنكيران وبنعبدالله حسابات قديمة جدا أرادا استثمارها في اللحظة الانتخابية من خلال محاولة إقحام السيد فؤاد عالي الهمة، مستشار الملك، في حسابات سياسية، رغم أن الرجل وضع مسافة مع العمل السياسي، منذ حوالي 5 سنوات، أي منذ تعيينه في المنصب الذي يشغله، وفق الصلاحيات التي تخولها له المهمة التي يضطلع بها.
ما يبعث عن الغرابة، طبعا، هو أن بنكيران وبنعبدالله، يدركان هذا الأمر جيدا، ولكنهما قررا التمادي في غيهما.وتمادى السيد نبيل بنعبدالله أكثر، منذ أن أحجم رئيس الحكومة عن زلات اللسان، الكثيرة التي وقع فيها، فتحول الأمين العام لحزب التقدم والاشتراكية إلى بوق يكرر الأسطوانات المشروخة التي ظل يعيدها ـ حد الملل ـ الأمين العام لحزب العدالة والتنمية، لتبرير عجزه عن تدبير الشأن العام، الذي ساقته له الأقدار سوقا.
وحينما يصدر الديوان الملكي بلاغا في هذا الشأن، فإنما لوضع النقط على الحروف، وإعادة الأمور إلى نصابها، حتى لا يتمادى نبيل بنعبدالله أو غيره في إطلاق الإشاعات المغرضة التي تهدف إلى التشكيك في مصداقية العملية الانتخابية.
لكن وكما جاء في القرآن الكريم: " إنها لا تعمى الأبصار ولكن تعمى القلوب التي في الصدور".
هذا ما حدث بالضبط، ولعل السيد نبيل بنعبدالله يعرف نزاهة وحياد السيد فؤاد عالي الهمة أكثر من الكثيرين، وبالتالي ما كان عليه أن يقع في هذا المأزق.
إدريس شكري