سلام تام وكل سنة وبلادنا في سلم وأمن وأمان.
أطلعت مؤخرا على ما صرحتم به لبعض المواقع الالكترونية ولبعض الجرائد المقربة منكم بخصوص دفاعكم عن السلفيين المتطرفين التكفيريين واحتضانهم ضمن لوائحكم الانتخابية الخاصة بالترشيح لاستحقاقات 7 أكتوبر المقبل، من غير أن أفاجأ بهذا الاختيار الذي أسستم له قبل زمن بعيد.
لكن يهمني جدا، كما تعرفون، أن أذكركم بمواقفي الثابتة من أدلجة الدين وتسييسه. لأن مهمة العدالة والتنمية ليست إرسال الناس إلى الجنة وإبعادهم عن النار، بل مهمتها كحزب تكمن في المساهمة في تنظيم حياة الناس في الدنيا لضمان حقوقهم وحرياتهم والحفاظ على استقرار البلاد والعباد.
إن تشبثكم بنهج التطرف منذ ريعان شبابكم، يثبت بالملموس عدم قدرتكم على التعايش مع سلطة الدولة التي لا يجب أن تتدخل في حياة المغاربة الشخصية منها والعقائدية، كما يثبت من جانب آخر تعلقكم بسلطة الدولة الدينية.
إن مدح السلفي المتطرف "حماد القباج" الذي دعا لقتل اليهود و وصفهم بالأنجاس الأجراس، يؤكد نيتكم المبيتة لتكريس الانقسام بين المغاربة وإشاعة الحقد والكراهية بينهم، وطرد اليهود من مغربهم واعتبارهم أجانب على المجتمعات التي يعيشون فيها.
لقد أكدت العديد من كتابات التاريخ أن ما تدافعون عنه انطلاقا من كتب الفقه والحديث، لا يمكن اعتباره دينا، والرجوع إليه اليوم لن يسقطكم سوى في أحضان رموز الأصولية المتطرفة.
السيد حامي الدين،
إن إطلاق حملتكم التشكيكية والتغولية، واتهامكم للإدارة العمومية بتدخلها في العملية الانتخابية قبل الأوان، قول يستدعي من وزارة الداخلية ومن وزارة العدل والحريات فتح تحقيق عاجل في الموضوع، خاصة وأنكم تحملون لقب أستاذ القانون ولقب مستشار برلماني، وإلا سيكون العبث هو سمة وهوية هذا البلد العزيز الغير قادر على تنوير الرأي العام في ملفات قد تشوه صورته داخل المغرب وخارجه.
إن دفاعكم المستميت عن السلفيين التكفيريين واتهامكم المباشر للحكومة التي تنتمون إليها يجعلني في حيرة من أمري..ماذا عساني أقول؟
السيد حامي الدين،
لقد دقت ساعة الحقيقة. المغاربة ومعهم كل شرفاء الوطن، لن يقبلوا إلا بالدولة المغربية المدنية القائمة على أسس الديمقراطية التي تمنح للمواطنين حقوقهم وكل حرياتهم، وتجعل روح المنافسة الايجابية قوة فعالة لتطوير المجتمع وتثبيت بنية الدولة لضمان استقرارها واستمراريتها.
لقد أكدت تجارب العديد من الشعوب المتحررة من سلطة الدين، أن العامل المحدد، في نهاية المطاف، هو إنتاج وإعادة إنتاج الحياة المادية. فعلينا أن نعمل على استيعاب كل التناقضات في علاقتها المعقدة مع الشروط الاقتصادية والاجتماعية المزرية التي تمر منها بلادنا وعدم ممارسة سياسة الهروب نحو الأمام. إننا عباد الله ولسنا عبيد الله، والعقيدة التي "نقاتل" ونناضل من أجلها، هي حرية الإنسان المغربي في اختيار رموزه الدينية من مسجد وكنيسة ومعبد، وحريته في اختيار ثقافته وايديلوجيته ونمط اقتصاده وآليات تدبيره لقضايا الشأن العام.
السيد حامي الدين،
لقد عمل حزبكم الأغلبي على بلترة أغلب شرائح المجتمع، بعد أن استثمر في "الخير والإحسان" بتمويلات خيالية لا نعرف مصادرها، وبعد أن هشم ما تبقى من بنية النظام التعليمي وهدد رجال التعليم بعدم الاستقرار وشكك في شهاداتهم وقدرتهم على إصلاح الإصلاح من أي طابع تقليدي ينتج اليأس والبؤس في صفوف الطلبة والباحثين والمتعلمين.
إن الاستقواء بالسلفية التكفيرية، هو ابتزاز مفضوح، وإشارة مفضوحة للعودة إلى العنف وإلحاق الأذى بالأشخاص وتخريب الممتلكات والتأثير على إرادة الشعب والمستضعفين بالسلوك القولي والدعوة إلى قوننة إسلاموية تخفي الحقيقة لإظهار عكسها حين يقتضي الأمر قضاء مصلحة معينة (التقية).
السيد حامي الدين،
إننا نعلم علم اليقين أن مهمتنا، مهمة ليست بالسهلة ولا يمكن أن نحقق المبتغى الذي نؤمن به بالتمني. نعي كل الوعي، كذلك ومثال، أن بلادنا على شفا حفرة من الانهيار الاقتصادي والاجتماعي، لأنه لم يعد يثق بكم أحد. كذبتم على الجميع، مارستم القرصنة على جهود الوطنيين الشرفاء وعلى اليسار وقوى الحداثة والتقدم، وركبتم على تضحياتنا وعذابنا وآلامنا وجراحنا، حتى صرتم إلى ما صرتم عليه، تصولون وتجولون في المكاسب التي قدم من أجلها الشعب المغرب آلاف الضحايا من كل صوب وحدب.
وبهذه المناسبة السعيدة و العزيزة على المسلمين، أقولكم إن عداءنا ل"أتباع الشيطان الطائفي" عداء ثابت ضد التوغل والنفاق وضد السلطوية، و أن إيماننا بالمساواة والتعددية الثقافية والدينية وحقوق الإنسان، إيمان ثابت، و"هذا وجودي وتصريحي ومعتقدي..وهذا توحيد توحيدي وإيماني". إن الدين لله والوطن لكل الناس.
وفي انتظار كل هذا وذاك، أدعوكم من جديد للتناظر لنتابع.