أعترف أنني عندما قرأت المعطي مونجيب يشمت عند الزملاء في موقع “لكم” في التشهير بالحياة الخاصة للأفراد، ويقول للمستشار فؤاد علي الهمة “باش تقتل باش تموت”، وهو فرح بنشر فيديو الدوحة الشهير على الأنترنيت، أنني راجعت كل معلوماتي عن البحث الأكاديمي وعن التأريخ العلمي الذي يدعي المعطي أنه ينتمي إلى عوالمهما.
وجدت كثيرا من التفسير في مقالة المعطي المخجلة لعديد التصرفات التي شابت “نضاله” أو ما يدعي أنه نضال، وفهمت أنك لكي تؤسس شركة ربحية باسم مركز علمي، وأنك لكي تشتغل عند كل من يريد الدفع لك لكي تلعب دور البطل المعارض، يجب أن تكون بهذا المستوى بالتحديد من السفالة الفكرية والشخصية: مستوى الشماتة في التشهير بحياة الأفراد، ومستوى الابتهاج لأن أزرار الأنترنيت منحتك فرصة الانتقام ممن تعتقد أنهم يضيقون عليك فرص الربح المادي أكثر باسم الرئيس ابن رشد، وباسم النضال، وباسم الديمقراطية وباسم عديد الشعارات المسكينة التي وجدت نفسها يتيمة بين أيدي محترفي إلقاء القبض علي الفرص و”الهميزات” من أمثال المعطي هؤلاء
ومع ذلك دعونا نجد للمؤرخ والباحث الأكاديمي بعضا من عذر في كتابة مااقترفه، وأيضا للزملاء في الموقع الذي نشر له مانشره دون أن يسألوا أنفسهم “ماهذا الذي ننشره ؟ وهل يستقيم مع كل مانظل نردده من كلام فارغ طيلة النهار؟”
العذر الأساسي هو أن كل ما يفكر فيه من يشغلون المعطي بآلة التحكم عن بعد لم يتحقق ولن يتحقق، وأن كل التصورات التي تصنع جلسات الليل والنهار سواء كانت داخل الوطن أم كانت خارجه، هي تصورات ظلت حبيسة درجة الاستيهامات الأولى، سواء كانت تصورات بقلب الحياة كلها في المغرب، وجعلها تسير وفق الهوى “الكموني” الشهير، أو كانت تصورات تعتقد أن الفرصة سانحة للاغتناء أسوة بمن اغتنوا، وللاغتراف من مال الجمعيات الأجنبية دونما حسيب أو رقيب، أو كانت تصورات ثالثة تعتقد أن رجلا مثل المعطي مكانته هي في الصف الأول من تقديم الاستشارة ، ومن إفادة البلاد والعباد بالقدرات العلمية والتأريخية والأكاديمية التي لم تتحقق لأحد قبله في العالمين
الرفاق فهموا أن العمر مضى، وأن الحكاية انفضحت، وأن الشعب استوعب جيدا أنهم يتاجرون فقط. وحتى الأصدقاء في الجمعيات الأجنبية الذين كانوا يغدقون دونما حساب في السابق استوعبوا المقلب جيدا، وشرعوا في التضييق على مسارات المال من حساباتهم إلى حسابات المعطي ومن معه. بل حتى إعلاميا ضاقت الأرض بما رحبت على الشلة، ووحدها “فرانس 24” أو موقع مثل “لكم” أو جريدة تشبه هذا النوع من الصحافة لازالت تثق في مقدرات المعطي الفكرية والعقلية لكي تسأله عن رأيه في التطورات السياسية في البلد، ولكي يحدثها عن الملاكمة والقفاز وبقية الرياضات الأولمبية التي نقصى منها تباعا هاته الأيام.
لذلك لابد من اقتراف شيء ما يدل على الضيق، لابد من علامة نزق تؤكد أن الضربة كانت أقوى من المتوقع، وأنها وإن انتهت بتمثيلية الإضراب عن الطعام وبالفرار دونما إجابة عن السؤال الأكبر والأهم “من أين لك هذا ياهذا؟“، إلا أنها كانت قاصمة.
لهذا كتب المعطي ماكتب، ولهذا نشر له من نشروا ذلك “العجب”، ولهذا أيضا قلناها في السابق وهاهي الأيام تؤكدها لنا بكل الوضوح القاتل: يستحيل أن تكون رجلا بشعارات كبيرة وتصرفات صغيرة. يستحيل أن يصبح النضال والبحث العلمي والحلم بالديمقراطية وبقية عبارات الإنشاء التي يقولها الأصدقاء مجرد علامة تجارية لمزيد من الهروب من الفقر، وترك الراتب الجامعي في “التيقار”.
يستحيل فعلا ذلك أيها الأصدقاء، لذلك تفضحكم الأيام دونما حاجة لأن يفضحكم أحد غيرها، والمزيد أمام، تأكدوا من ذلك جيدا…
تراها السقطة الفكرية والأخلاقية الأخيرة للمعطي؟
لا أحد يعتقد ذلك، فعندما تشرع في النزول، تتدحرج بك الوتيرة إلى أسفل كل مرة أكثر من المرة السابقة، وحتى وإن أردت التوقف لن تستطيع.