الماسة الفريدة التي اسقطت الضحية
لم يكن أمام لوران بلوش صانع الألماس وتاجرها أدنى شك في أن لقاءه ذات يوم من شهر دجنبر 2006 بشقيق صديقه في مرحلة الطفولة ستقوده بعد ثمان سنوات إلى الإدلاء بشهادته أمام القضاء الإيطالي.ففي سنة 1970 ارتاد صاحب "رايموند للألماس – شركة مجهولة" الباريسية نفس المدرسة الابتدائية في جهة نويي –سير –سين التي كان يدرسها رياض الاخ الأصغر لفريد بجاوي.. لقد كان ذلك قبل أن تختار عائلة بجاوي الهجرة إلى كندا بداية سنوات تسعينيات القرن الاخير، وقبل أن يحقق الإخوان بجاوي ثروة مالية طائلة، حيث اتي الأخ الأكبر إلى "رايموند للألماس" لشراء ماستين نفيستين لفائدة زوجته بما يعادل مليون دولار ( قرابة 900 ألف يورو). الثمن الذي أدى به فريد الماستين يساوي ثمنهما في السوق ، ذلك ما أدلى به لوران بلوش صاحب "رايموند للألماس – شركة مجهولة" ومسيرها أمام القضاء الإيطالي بمدينة نابولي ليبرر شرعية عمليتي تحويل ملي قام بهما فريد بجاوي من حساب بنكي لشركة لترحيل الخدمات كانت عائلة بلوش مستثمرا اقتصاديا فيها ..
هكذا كتبت لوموند نقلا عما بات يعرف بفضائح " أوراق بنما" حيث أماطت الصحيفة ، اللثام عن حقائق جديدة مثيرة في مسلسل ما بات يعرف بفضائح " أوراق بنما " تضمنت مجددا اسم فريد بجاوي الذراع الأيمن لشكيب خليل وزير الطاقة والمناجم السابق، أو " السيد 3 بالمائة " مثلما أصبح ينعت في الصحافة الايطالية و الكندية و هي عمولة كان يحصلها نظير منح الصفقات المتعلقة بالمشاريع البترولية في الجنوب للشركات الأجنبية .
رشاوى شركة المحروقات الإيطالية إلى وزير الطاقة الجزائري
و قالت الصحيفة استنادا للحقائق التي نشرتها جمعية الصحفيين الاستقصائيين في الولايات المتحدة الأمريكية أن فريد بجاوي المتهم من طرف العدالة الايطالية بتورطه في تحصيل 275 مليون دولار كـ " رشاوي " نظير افتكاك المجمع الطاقوي الايطالي "سايبام" مشاريع بترولية كبيرة في الجزائر بقيمة 10 مليار دولار، يحوز على 17 شركة وهمية ، من بينها 12 استحدثت من طرف المكتب البنمي للاستشارة و توطين الشركات " موساك فونسيكا " في الفترة الممتدة ما بين 2007 و 2010 و هي شركات ما تزال قيد التحقيق من طرف القضاء الايطالي ، من ضمن هذه الشركات ، نجد شركة " كولينغ دال كونسولتينغ - إينك"و التي استخدمت كغطاء لتحويل 15 مليون دولار لشركاء شكيب خليل و أفراد من عائلته و ذلك حسب التهم التي كالتها العدالة الايطالية للمتهم فريد بجاوي – حسب لوموند استعانة بنيويورك تايمز الأمريكية .
و قد تمكن فريد بجاوي وهو ابن أخ وزير الخارجية ورئيس المجلس الدستوري السابق، محمد بجاوي من نسج علاقات متشابكة مكنته من الاستقواء و التمويه لإخفاء أمواله في 16 حساب بنكي في الداخل و أيضا في حسابات لدى بنوك أجنبية في دبي و هونغ كونغ و لبنان و لندن و سنغافورة و سويسرا . وقالت الصحيفة " أملاك فريد بجاوي في كندا و فرنسا تم الحجر عليها ، حيث قامت الشرطة الفرنسية بحجز يخت بطول 42 متر و أيضا تحف فنية عتيقة ذات قيمة مالية كبيرة ، في الوقت نفسه تحقق السلطات الأمريكية في 3 أملاك عقارية فخمة لفريد بجاوي واحدة منها تقع في الشارع الراقي مانهاتن في وسط مدينة نيويورك و قيمتها المالية تقدر بـ 28.5 مليون دولار .
فالتحقيقات في أملاك فريد بجاوي والطرق الملتوية التي حصل من خلالها على الملايين من الدولارات نشرت أمام الرأي العام الدولي في فيفري 2013 ، سجل المكتب البنمي و عبر رسائل الكترونية داخلية تشير إلى " شبهات " في ممتلكات فريد بجاوي بعد 7 أشهر من تفجير فضيحة بجاوي في الصحافة .
و على الرغم من أن المكتب البنمي "موساك فونسيكا " كان قد كشف نشاطات فريد بجاوي للسلطات في الجزر البريطانية العذراء في 2013 ، إلا أن شركة "ريان أسيت مناجمنت" و مقرها في دبي واصلت العمل مع شركات فريد بجاوي و بشكل عادي إلى غاية نوفمبر 2015.
بجاوي قريب وزير الطاقة الجزائري على رأس قائمة الفساد في إفريقيا
وإضافة إلى الجزائر ،أوردت شبكة الصحافيين الاستقصائيين أن 52 من 54 بلدا في القارة الإفريقية لجأت إلى خدمات مكتب المحاماة المتمركز في بنما، وأن 44 بلدا امتلكت أرصدة أو شركات لترحيل الخدمات لإخفاء أو تحويل أموال لصالح مسؤولين في قطاع النفط والمعادن.
وحسب الشبكة، فإن ما لا يقل عن 37 شركة أنشأها مكتب المحاماة والاستشارة “موساك فونسيكا” ورد اسمها في قضايا طرحت، أو كانت محل تحقيق قضائي لتورطها في استغلال الثروات الطبيعية بالقارة، ووضع فريد بجاوي، قريب وزير الخارجية الأسبق، كنموذج حي للدلالة على صحة اتهامات شبكة الصحفيين الاستقصائيين، حيث ورد اسمه في التحقيقات التي أطلقها القضاء الإيطالي لتسليط الضوء على قضية العمولات التي دفعتها شركة سايبام المملوكة لعملاق النفط والغاز الإيطالي “إيني”، للحصول على عقود بـ10 ملايير في قطاع المحروقات الجزائري.
وبينت التحقيقات مثلا أن مكتب المحاماة أنشأ 12 من أصل 17 شركة لترحيل الخدمات أو الـ "أوف شور" لصالح فريد بجاوي، الذي يخضع للملاحقة من قبل العدالة الإيطالية بشبهة الرشوة، ومن هذه الشركات التي وظفها بجاوي شركة الاستشارات المحدودة “كولندايل”، التي استعملت لتحويل 15 مليون دولار لصالح شركاء وعائلة وزير الطاقة والمناجم الأسبق، شكيب خليل.
شبكة للمسؤولين الجزائريين مهربين للأموال
واتضح أن بجاوي متهم بنسج شبكة معقدة لإخفاء أمواله، التي وضعها في 16 حسابا بنكيا بالجزائر ودبي وهونغ كونغ ولبنان ولندن وسنغافورة وسويسرا. وقد تعرضت بعض من ممتلكاته في كندا وفرنسا للمصادرة، منها يخت فخم ولوحات لفنانين مثل سلفادور دالي، وأندي واهول وخوان ميرو، وأن السلطات الأمريكية تحقق حاليا في اقتناء بجاوي عقارات منها شقة تصل قيمتها إلى 28.5 مليون دولار في الشارع الخامس بمانهاتن، وهو أحد أرقى أحياء مدينة نيويورك. أما المعني، فريد بجاوي، فينفي تورطه في قضايا رشوة، واعتبر أن ما حصل عليه متاح قانونا.
وتورد الصحيفة أن مراسلات داخلية في 2013، أظهرت أن مكتب المحاماة لم يتكشف التجاوزات المسجلة إلا بعد 7 أشهر. غير أن مكتب المحاماة “موساك فونسيكا” استمر في تمثيل مصالح بجاوي إلى غاية نوفمبر الماضي، من خلال التعامل مع واحدة من شركاته “رايان” لإدارة الأصول.
ولا تعد الجزائر الحالة الوحيدة التي اهتم بها التقرير، حيث أظهر تورط مسؤولين في دول مثل نيجيريا، وهي دول مصدرة للنفط كالجزائر.
ولم تتحرك العدالة الجزائرية لفتح تحقيق وتسليط الضوء على القضية، رغم تورط مسؤولين يتولون مناصب مسؤولية، في حين لم تتردد في ملاحقة فنانين مارسوا السخرية السياسية، من بعض رموز السلطة، وأودعتهم السجن.
وأعلنت الجمعية الجزائرية لمكافحة الفساد، عند الكشف عن تلك التسريبات، أنها لم تفاجأ بما ذكر في أوراق بنما، وقال رئيسها، جيلالي حجاج: “كنا على علم منذ سنوات أن عدة مسؤولين في الدولة وبعض المواطنين، المكلفين بتسيير أموال الدولة هرّبوا هذه الأموال إلى جنات ضريبية”.