ترقب تاريخي يعيشه المغرب هو الأكبر، منذ وصول العاهل محمد السادس إلى الحكم في صيف العام 1999، قبيل إماطة اللثام عن الوثيقة الدستورية الكاملة للمملكة، في أكبر مراجعة دستورية منذ بداية ما يسميه المراقبون بالعهد الجديد مع الملك الجديد محمد السادس.
التسريبات الصحافية تشير إلى ما وصفته بـ "دستور متقدم في السياق العربي"، وإلى فصل أكثر وضوحا للسلط، وإلى تنازل للعاهل المغربي محمد السادس لسلط ظلت بين يديه لصالح البرلمان والحكومة ومؤسسات أخرى ستحمل طابعا دستوريا غير مسبوق، كما أن الوثيقة الدستورية المغربية الجديدة تحمل اعترافا باللغة الأمازيغية كلغة رسمية للبلاد، إلى جانب اللغة العربية، واعترافا بالروافد الحضارية التي أثرت فيما يسمى تاريخيا بالمغرب الأقصى، فالرهان المغربي بحسب الرباط هو "قفزة نوعية" من شأنها تحصين البلاد من أي هزات كيفما كان نوعها.
ففي سياق الحراك العربي الذي يعصف بأنظمة لا تريد الإنصات للشارع، الرباط تعاكس المشهد العام العربي بشجاعة ملك شاب اسمه محمد السادس، من خلال الإنصات والاستجابة للمطالب القادمة من النخب السياسية واحتجاجات الشارع بدرجة أقوى وغير مسبوقة هذه المرة، من خلال الشعارات التي حملتها حركة العشرين من فبراير في الشارع العام في البلاد منذ أول مسيرة في فبراير المنصرم، وذلك بالرغم من حوادث السير التي سجلتها العشر سنوات الماضية خاصة محاكمات الصحافيين وإيقاف منشورات صحافية.
وبالرجوع إلى الوراء، في ستينيات القرن الماضي، عرف المغرب أول دستور على عهد العاهل الراحل الحسن الثاني، وهو ما أسمته الصحافة بـ "الدستور الممنوح"، لينطلق حراك مغربي، خارج السياق العربي وبميزة مغربية، من الشد والجذب بحوادث سير قاتلة في بعض الأحيان، إلا أن حراك السنة الأولى من العشرية الثانية لحكم الملك محمد السادس يعطي إشارات بأن المملكة المغربية الثانية على وشك أن ترى النور بدستور يجري عكس الرياح العربية، ويبحث عن تعزيز الوضع المتقدم مع الاتحاد الأوروبي، وميزة الشريك المفضل في إطار الفضاء الأورومتوسطي، وموقع قوي للتفاوض مع مجلس التعاون الخليجي، وبعيدا عن عبارات خشبية تصف المغرب بالاستثناء العربي فالإصلاح يتطلب الشجاعة في النقد الذاتي قبل المقارنة مع الآخر
عادل الزبيري