بين الحيطي التي أهدت المغاربة حسا بيئيا متقدما جعلهم جميعا خبراء في مضار نفايات إيطاليا، وبين ابراهيم غالي الذي باع بثمن رخيص الصحراء للجزائريين لكي تنصبه الجزائر “رئيسا” لوهم البوليساريو الكبير خيط ناظم لابد من التقاطه، هو معاركنا التي نهب لخوضها، ومعاركنا الأخرى التي نجبن أو لا نرى أي إغراء في تناولها لأن “نسبة متابعتها” أو لأن “حجم اللايكات والجيمات” فيها لن يحقق لنا المطلوب.
في حكاية البيئة ونفايات إيطاليا انبرى العديدون، عن علم أو دونه منذ اللحظة الأولى لقصف الوزيرة، ولاتهامها بأنها سبب ثقب الأوزون وسبب الاحتباس الحراري وسبب ذوبان جليد القطبين، وسبب كل مشكلات أمنا الأرض لأنها رخصت لنفايات إيطالية بالدخول إلى البلد.
بعض الأصوات العاقلة، وما أقلها وما أندرها في وقت الناس هذا حاولت التنبيه إلي أن الأمر ليس سابقة وأنه مرتبط بعقود قديمة تعود إلى زمن تولي وزير آخر هاته الحقيبة ذات حكومة تناوب لمن يتذكر هذا الكلام، وأن الطقس الاستيرادي لما أسماه المغاربة “زبل الطاليان” هو طقس تصنيعي تستفيد منه مصانع مغربية مثل مصانع عالمية أخرى.
لم يسمع أحد هذا الكلام لأن اللحظة لحظة مزايدات انتخابوية، خير تجسيد لها أو أسوأ تجسيد لها حسب الموقع الذي نحن فيه ماينخرط فيه رئيس الحكومة منذ مدة غير هينة، وما انخرط فيه وزير الصحة المغربي الذي أصبح يرسل مرضانا كلما استنجدوا عبر الأنترنيت إلى المصحات الخاصة، في اعتراف ولا أروع، بنجاعة نظام صحتنا العمومي مما لاداعي للخوض فيه نهائيا طالما أنه تقليب مواجع وكفى.
بالمقابل وفي حكاية رخيص الجزائر أي ابراهيم غالي إبن الرحامنة الذي أصبح خليفة لعبد العزيز الميت، لم نسمع إلا القلائل يتحدثون، ربما لأن القضية الوطنية لا تجلب الانتباه في الأنترنيت، أو ربما لأنها ليست بنفس درجة التجييش التي تكتسيها بعض القضايا عبر “السوشال ميديا” أو سائط التواصل الاجتماعي التي أصبحت تصنع الربيع والجو الماطر في مجتمعاتنا المعاصرة اليوم .
كيف يتحمس الناس للحديث عن نفايات دخلت البلد بطريقة قانونية وحول مضارها أو نفعها كلام كثير، وبالمقابل لايهتمون إلا من باب عبور سريع بإصرار جزائري مرضي خطير على معاداة المغرب، وعلى تنصيب أكثر قيادات الجبهة ولاء لجنرالات الجزائر؟
الجواب مرة أخرى يوجد في “لايكات” و”جيمات” مواقع التواصل الاجماعي، ولدى صحافتنا التي نسيت دورها الأساس أي الإخبار والتوعية وانخرطت هي الأخرى في اللهاث وراء ال”BUZZ” بأي ثمن وإن اضطرها الأمر المرة بعد الأخرى إلى إزالة قطعة إضافية من القماش الذي تستر به عورتها وهو قليل للغاية
أين سيقف هذا النزيف؟
في الغالب المرجح، لن يقف. سيزداد استفحالا. ففي حكاية النفايات هاته، عندما تهملها قليلا تطلق روائح غير زكية، وتتحول إلى ميكروبات قاتلة، سواء كانت نفايات إيطالية، أم جزائرية، أم نفايات نزرعها بأيدينا وبيننا كل يوم ونصر إصرارا على رعايتها لئلا تموت..
المختار لغزيوي