اجمعت العديد من المنظمات الدولية ومجموعة من النواب الاوربيين والسياسيين ومنابر اعلامية دولية على استنكارها لتعيين مجرم متهم بارتكاب جرائم ضد الإنسانية والإبادة الجماعيةوالاستغلال الجنسي على رأس البوليساريو.
فمن جهتها كتبت المجلة المكسيكية (لابوث ديل العربي) أنه بانتخاب إبراهيم غالي، زعيما لانفصاليي جبهة "البوليساريو"، تطفو على السطح العديد من الجرائم التي ارتكبها خلال فترة توليه مسؤوليات بمخيمات تندوف، جنوب غرب الجزائر. وأبرزت المجلة، في مقال نشرته على موقعها الإلكتروني الاثنين، أن إبراهيم غالي ورد اسمه ضمن قائمة تضم مسؤولين آخرين في "البوليساريو" والجيش الجزائري متهمين بارتكاب جرائم تتعلق بـ"الإبادة الجماعية والقتل والاعتقال غير القانوني والتعذيب والاختفاء القسري".
وأضاف المصدر ذاته، أنه منذ سنة 2013 تقدم العديد من ضحايا إبراهيم غالي بشكاوى أمام القضاء الإسباني تطالب بتقديمه إلى العدالة، مشيرة إلى أن أحد القضاة الإسبان استمع لشهادات العديد من هؤلاء الضحايا، الذين أجريت لهم خبرة طبية لتحديد حجم التعذيب الذي تعرضوا له، من أمثال داهي أكاي وسعداني ماء العينين.
ولفتت (لابوث ديل العربي) إلى أن ملاحقة إبراهيم غالي لا تقتصر فقط على اتهامات بارتكاب جرائم ضد الإنسانية والإبادة الجماعية، بل هو متابع في إسبانيا من قبل الشابة خديجتو محمود محمد الزبير، التي وضعت شكاية حول تعرضها للاغتصاب والاستغلال الجنسي. وأبرزت المجلة، نقلا عن محامي هذه الشابة الصحراوية، أوغستين لا كروث فرنانديز، أن هناك قائمة بأسماء الشهود في هذه القضية، وكذا معطيات عن ضحايا آخرين عانوا المصير ذاته. وخلصت المجلة إلى أن غالي، الذي يوصف بكونه يتحلى بـ"شخصية عديمة الضمير وقاسية وانتهازية وديكتاتورية"، قد تم انتخابه زعيما للحركة الانفصالية "البوليساريو" بدعم واضح من قبل الجزائر.
من جهتها استنكرت منظمة غير حكومية بريطانية ،تعيين ابراهيم غالي الهارب من العدالة الاسبانية على رأس كيان وهمي بدعم من الجزائر. واعتبرت فيرونيكا جان باحيجوب رئيسة منظمة غير حكومي بريطانية وخبيرة في القضايا المغاربيةأن تعيين مرشح وحيد عبر مهزلة انتخابية في غياب تام للاصوات المعارضة، وبنتيجة مفبركة على غرار الانظمة الدكتاتورية، يشكل وصمة عار. وأضافت أن ذلك يبرهن على غياب أي مسلسل ديموقراطي، ويؤكد سيطرة النظام الجزائري على البوليساريو ، معربة عن استنكارها لمناورات ومحاولات المرتزقة اخفاء الانقسامات العميقة في هذه الحركة، والمعاناة التي ترزح تحتها آلاف العائلات المحتجزة بمخيمات العار بتندوف.
واضافت جان باحيجوب التي تهتم المنطمة التي ترأسها بوضعية المهاجرين وقضايا الأسرة ،ان السلطات الجزائرية تستغل هذه المهزلة الانتخابية لابراهيم غالي لخدمة مصالحها الخاصة، وتحويل انظار الشعب الجزائري عن الازمة السياسية التي تزاد تفاقما. وخلصت الى القول انه في مواجهة هذه التهديدات باللجوء الى السلاح، يواصل المغرب بهدوء مسيرة البناء والتنمية السوسيو- اقتصادية لاقاليمه الجنوبية ضمن مقاربة تشاركية وديموقراطية.
وكان النائب البريطاني دانييل روبير كاوزينسكي قد وصف الاسبوع المنصرم ،البوليساريو ب"المنظمة الارهابية" ، بمناسبة تقديمه لمؤلف " حرب المغرب على الارهاب". وادان النائب كاوزينسكي (حزب المحافظين) النزعات الانفصالية العقيمة، التي تشكل عامل عدم اسقرار بالمنطقة، والتي ينبغي محاربتها بكل الوسائل.
من جهته قال شارل سان برو المدير العام لمرصد الدراسات الجيوسياسية بباريس ، ان انتخاب ابراهيم غالي زعيما جديدا لمجموعة "البوليساريو" الانفصالية، مرادف لطريقة اشتغال هذه الحركة على نمط حقبة ما بعد الستالينية، ذلك انه لم يكن هناك سوى مرشح وحيد،ونتيجة شبيهة بالحصص المفبركة لنظام كوريا الشمالية. واضاف الخبير الفرنسي ان هذا الانتخاب يكتسي دلالة بالنظر الى كون الحركة ليست سوى دمية في يد الجزائر ، مشيرا الى أن ابراهيم غالي الذي كان ممثلا بمدريد حتى سنة 2008 ، غادر اسبانيا بعد ان فتحت العدالة الاسبانية تحقيقا قضائيا لضلوعه في جرائم قتل وتعذيب.
ووصف شارل سان برو ، ابراهيم غالي الذي كان ايضا ممثلا دائما للبوليساريو بالجزائر ، بانه احد عناصر الحرس القديم للحركة، مضيفا انه نفذ وسينفذ كل ما يملى عليه من طرف أسياده قادة الجزائر. وتابع الخبير الفرنسي "يقال ان الزعيم الجديد للبوليساريو يجسد خطا متشددا، وفي الواقع فان هذه الحركة الانفصالية ليس لها لا خط ولا رؤية سوى ما تقرره لها الجزائر التي تتخبط في ظل أزمة خانقة ذات صلة بخلافة الرئيس عبد العزيز بوتفليقة ، وهو ما يدفعها الى لفت الانتباه عن الازمات الداخلية بتكثيف الدعاية المعادية للمغرب .
وبخصوص النزاع المفتعل حول الصحراء المغربية ، يضيف الخبير الفرنسي، ان المشكل يوجد في الجزائر، وسيظل مادامت الجزائر بين أيدي مجموعة جعلت من هذا الملف سجلا تجاريا، ومتغيرا يخدم سياستها. واعرب شارل سان برو في هذا الصدد عن أمله في أن تدرك منظمة الامم المتحدة ،أن هذه المهزلة يجب أن تتوقف . وبعد أن أكد ان وفاة محمد عبد العزيز ، مثل الانتخاب الاخير لابراهيم غالي على رأس البوليساريو لم تشكل حدثا ،قال ان الانفصاليين لا يمثلون شيئا، وخاصة سكان الصحراء المغربية، ولا حتى المحتجزين في المخيمات الجزائرية التي يعيشون تحت سيطرتها. من جهته قال الصحفي والكاتب الاسباني والخبير في قضية الصحراء، شيما خيل، إن إبراهيم غالي، الذي عين زعيما جديدا للانفصاليين، "يجسد الجناح الأكثر خطرا داخل البوليساريو"، سواء بالنسبة للصحراويين المحتجزين في تندوف أو أمن المنطقة.
وأوضح خيل، في تصريح لوكالة المغرب العربي للأنباء، أن هذا الممثل السابق للانفصاليين في الجزائر "تبنى دائما موقفا حربيا بإيعاز وأوامر من الجزائر"، واصفا انتخاب شخص على رأس "البوليساريو" يشتبه في ارتكابه جرائم ضد الإنسانية ب"الخبر السيئ". وأضاف أن البوليساريو أكد، باختيار غالي، سمعته ك"هيكل دكتاتوري لا يسمح، بأي حال من الأحوال، بالمشاركة السياسية"، معربا عن أسفه للصمت المروع للأمم المتحدة أمام هذه المهزلة.
وتابع هذا الخبير والصحفي الإسباني أن "الأمم المتحدة والمبعوث الشخصي للأمين العام للصحراء يدعمان الآن الدكتاتورية ويهملان، بالتالي، الأصوات الأخرى التي تسعى إلى إيجاد مخرج لنزاع" الصحراء. وأشار إلى أن الأمم المتحدة تدعم "مجموعة متهمة بخطف واحتجاز واغتيال مدنيين إسبان تم الاعتراف بهم كضحايا للإرهاب في إسبانيا"، مبرزا أن هذه الأعمال الإرهابية ارتكبت خلال سبعينيات وثمانينيات القرن الماضي حين كان إبراهيم غالي يرأس الميليشيات المسلحة للانفصاليين.
وشدد خيل على أنه يتعين على إبراهيم غالي المثول أمام العدالة للرد على هذه الأعمال الإرهابية التي استهدفت صيادين كناريين قتلوا على أيدي مسلحي "البوليساريو" بأوامر منه. وبخصوص احتمال التوصل لحل تفاوضي لقضية الصحراء بعد انتخاب هذا العميل للأجهزة الأمنية الجزائرية، قال هذا الخبير الاسباني إنه غير متفائل، محذرا من الآثار السلبية على الأمن الإقليمي للعودة إلى الحرب، التهديد الذي لوح به، مرارا وتكرارا، الزعيم الحالي للانفصاليين.
وفيما يتعلق بدور الجزائر في "انتخاب" غالي، قال خيل إن النظام الجزائري، الذي شهد لحظات عدم يقين كبيرة لاسيما على المستوى الاجتماعي بعد تراجع أسعار النفط، يسعى لتحويل اهتمام المواطنين عن المشاكل الحقيقية للبلاد بالعمل على إثارة التوتر بين "البوليساريو" والمغرب.
هذا واكد أكد جان بول، الخبير البلجيكي في القضايا الإفريقية، أن فئة الشباب في مخيمات تندوف لم تعد تجد نفسها في الحرس القديم الذي ولد في سياق الحرب الباردة، في إشارته إلى تعيين الجزائر للرئيس الجديد للانفصاليين، والذي " لا يتناسب مع التطورات التي تعرفها هذه القضية ".
وأوضح جان بول أن " هؤلاء الشباب أصبحوا أكثر انفتاحا ويراقبون ما يحدث في أماكن أخرى، وخاصة بناء التكتلات الإقليمية الكبرى لمواجهة تحديات العالم كالإرهاب، والبيئة، والأمن والتنمية "، مشيرا إلى أنه على المستوى الدولي، والإفريقي على الخصوص، يتزايد عدد الدول التي تتخلى عن مواقفها اتجاه "الجمهورية الصحراوية" الوهمية، وتقترب من وجهة نظر المغرب الذي يقدم حلا ثوريا يتمثل في منح حكم ذاتي موسع لجهة الصحراء ".
وأبرز أن ذلك يشكل " نجاحا للدبلوماسية المغربية تحت قيادة صاحب الجلالة الملك محمد السادس "، مذكرا أن المجموعة الدولية " وفي الأمم المتحدة نفسها، الجميع يعترف بجهود المغرب " من أجل تنمية هذه الأقاليم وعزمه طي هذا الملف نهائيا من خلال تقديمه لحل جاد وذي مصداقية.
وقال إنه وأمام هذه التطورات فإن " تعيين هذا المنتوج الخالص للإيديولوجية الانفصالية هو بمثابة إعلان حرب ". ولم يفوت جان بول الفرصة ليسخر من " الحصة الستالينية " التي حصل عليها هذا الخلف الأسوأ على رأس البوليساريو والتي تعكس بشكل جلي الظروف التي تمت فيها هذه العملية الانتخابية، موجها الاتهام إلى " تورط " الجزائر في هذا الاختيار الذي يدعو إلى السخرية.
وتطالب (البوليساريو)، وهي حركة انفصالية تدعمها السلطة الجزائرية منذ 1975، بخلق دويلة وهمية في منطقة المغرب العربي. ويعيق هذا الوضع كل جهود المجتمع الدولي من أجل التوصل إلى حل لهذا النزاع يرتكز على حكم ذاتي موسع في إطار السيادة المغربية، ويساهم في تحقيق اندماج اقتصادي وأمني إقليمي.