لقد تحولشنا.
وجاهدا، أحاول أن أصدق إلياس العمري ودفاعه المستميت عن الحداثة، وعن المبدأ، وعن رفض حزبه لاستغلال الدين، لكني أفشل في ذلك.
وجاهدا أحاول أن أصدق هذه القطبية المدعاة بين الأصالة والمعاصرة والعدالة والتنمية، ويأتي السيد سليمان حوليش، ليمنعني من ذلك، ويكذبني.
والأكيد أننا نعيش اليوم في زمن محولش.
وكل ما حولنا يتحولش تدريجيا.
ومن لم يتحولش اليوم سيتحولش غدا.
وغدا سيأتي حوليش إلى البرلمان، وسيوزع ماء زمزم على النواب، وستكتمل الفرجة.
والجديد هذه المرة أن ذلك سيتم باسم الحداثة والمعاصرة والديمقراطية الاجتماعية وباسم اليسار الجديد الذي تحوْلش.
لا، لا، ليس هذا فقط.
بل إن حوليش بز الجميع، وبز السلفيين، وبز العدل والإحسان، وبز على الخصوص غريم البام، حزب العدالة والتنمية.
هذا الحزب الذي كان يريد أن يكون حوليش معه، قبل أن يصطاده إلياس العمري، ويحرمهم منه.
ها هو سليمان يتحولش على الجميع.
ويرسل الفيديوهات وهو يصلي، ثم وهو يعد النقود المتبقية، ثم وهو يعد الناظوريين بأن يجلب لهم ماء زمزم، ويدعو إلى الله كي تتزوج النساء.
ولا تبلغ الحولشة قمتها إلا حين يتحول حوليش إلى معالج للعقم، مع التأكيد طبعا أن الشفاء من عند الله.
وقبل مدة انتبهت إلى قدرات حوليش الخارقة، ولم يصدقني أحد.
وها هو اليوم يتحولش علينا
وها هو حزب الأصالة والمعاصرة يستغل الدين بطريقة لم يعد يجرؤ عليها أي شخص من العدالة والتنمية.
وأثناء ذلك، يتجول إلياس العمري في القنوات والجرائد، ويمنح الحوارات، ولا يكف عن تشنيف أسماعنا بنفس الأغنية، التي لا يمل من تكرارها.
لكنها مجرد أغنية، أما الواقع فهو شيء آخر.
والحداثة فقيرة في المغرب ولا تجلب صوتا واحدا.
والأصوات لا تأتي إلا بالمال والحولشة وبتوظيف الدين وزمزم والبخور.
ولذلك تنافس حزب الأصالة والمعاصرة وغريمه العدالة والتنمية على سليمان حوليش
وفي الأخير فاز به البام وتحولش معه
وأنا متأكد أن إلياس العمري قادر على تفسير حاجته إلى سليمان حوليش
وقادر على جعله حداثيا ويساريا حتى
بينما حوليش لا مشكل لديه
إنه مكتف بنفسه
ويفهم اللعبة جيدا
ويتحولش كما يشاء
وكل الأحزاب في الناظور يسيل لعابها من أجل الظفر به
وهو يعرف هذا جيدا
ويعرف أن عليه إجماع
وكما يحبه البام
فإن العدالة والتنمية معجبون به
إنه عنوان مرحلة
حيث الكلمات لا معنى لها
والشيء هو نقيضه
والحداثة هي ضدها
والبام هو العدالة والتنمية
وحيث تتقدم الحولشة
وتزحف
وتلتهم الأخضر واليابس
إلى أن يتحولش كل شيء
وما يبدو لنا اليوم غريبا
سنتعود عليه مع الوقت
بعد أن نتبرك بماء زمزم
وبعد أن يرشنا به قيادي البام الورع
الذي يشفي كل الأمراض
ويجلب كل الأصوات
ويحولش السياسة والأفكار
ويتفوق على الإسلاميين
بنفس سلاحهم
ويعلم علم اليقين أن الثرثرة
والتنابز بالألقاب والشعارات
هو مرض السياسيين في العاصمة
وأن الشعب المغربي
مع الحولشة
ويختارها من كل الألوان
الشعب المغربي الذي يصوت على المعقول
وعلى من يعالج أمراضه
وعلى من يجلب له ماء زمزم
وعلى من يحولشه.