تعرف القارة الأوربية ومعها العالم تغيرات تربك حسابات دول اعضاء الاتحاد الأوروبي والعلاقات بين الدول، كما تؤشر على وضع دولي جديد وتضارب وانقسام الدول بين مؤيدين ومعارضين تستند إلى مبررات مختلفة بعد قرار انسحاب ابريطانيا من الاتحاد الأوروبي والتي كانت متحفظة في انضمامها بسبب كثير من النقاط المرتبطة بالعملة وملفات أخرى سيادية وملفات تاريخية تربطها بواوربا .
بالنظر إلى الاستفتاء البريطاني على قرار الخروج من الاتحاد الأوربي يتبين أن الفئة العمرية الأكثر تأييدا للانسحاب شملت الأفراد ما فوق 65 سنة بالخصوص مما يفسر ارتباط الانسحاب بالجيل الذي تأثر بتاريخ ابريطانيا وعلاقتها باوربا والآثار الجانبية للحرب العالمية الثانية لاسيما المرتبطة بألمانيا ولو بطريقة غير مباشرة، وبالخصوص مع صعود ألمانيا كقوة عالمية في المدة التي عاشها أغلب المصوتين البريطانيين على قرار الانسحاب، والدليل هو ترحيب ألمانيا بالقرار وعدم إبداء تخوفها منه، وهذا يطرح أسئلة بعد فك الارتباط حول مستقبل الاتحاد الأوربي في مواجهة المشاكل المختلفة منها الجانب الأمني والهجرة والإقتصاء و مسألة احتمال توسيع أو انهيار الاتحاد حيث هناك تخوفات لدى بعض الدول و تحمس لدى دول أخرى كالمانيا وتحفظ دول اخرى ..
كما أن ابريطانيا تواجه أزمة داخلية مع المعارضين للانسحاب وخصوصا ايرلندا الشمالية واسكوتلاندا اللتين يطالبان بالانفصال عن ابريطانيا … كما أن علاقة رؤسيا ستتغير مع ابريطانيا وستحددها طبيعة علاقة هذه الأخيرة مع أمريكا، فقد تعرف انفراجا كما قد تزيد عدوانية وتعقيدا مع روسيا ..
لقد بدأت الآثار السلبية لقرار انسحاب ابريطانيا بانهيار البورصات الأوربية وايضا تهديد الاقتصاد البريطاني وبذلك ستدخل أوربا إلى عهد جديد ستكون الحروب المعاصرة مخططاتها ذكية بحكم التحول العالمي الغير متوازن اقتصاديا وامنيا بما يهدد بتفكيك الاتحاد الأوروبي أمام رغبة دول جديدة للانضمام كتركيا والمغرب وروسيا … في مقابل دول عاجزة عن بقاءها في الاتحاد بسبب الأزمة المالية العالمية الأخيرة ومنها اليونان … ومن جهة اخرى فانه هناك نقاطا حساسة محرجة لبريطانيا كالعلاقة التاريخية المسمومة مع ألمانيا بسبب الحرب العالمية الثانية واسبانيا التي ماتزلل صخرة جبل طارق مستعمرة ابريطانية مع مطالبة اسبانيا استرجاعها امميا.. مما سيعيد العلاقة إلى الصفر بعدما كانت تأشيرة شينكن كافية لدخول جبل طارق، بالإضافة إلى فاتورة تداعيات الأزمة الاقتصادية والاجتماعية الأوربية والعالمية ..
إن ابريطانيا تعتقد أنها تضمن الاستقرار العالمي بحفاظها على التوازن مع حلفائها ،لذا فإن قرار الخروج هو تجنب لجعل أوربا ضمانة للاستقرار العالمي والتنافس حول هذا الدور كلف ابريطانيا الانسحاب للحفاظ على القارة العجوز في دائرة المعاناة..
ومن تداعيات هذا الانسحاب ظهور أزمات اقتصادية ومالية ستزيد الاتحاد الأوروبي محنا جديدة كأزمة الديون وتفاقم الأزمات الاجتماعية وايضا أزمة أمنية التي تنبه اليها بلجيكا وظهور تيارات سياسية متعصبة للوطنية وعودة المتطرفين اليمينيين للسلطة. وقد يعطي قرار الانسحاب انفصال اسكتلندا وايرلندا الشمالية عن ابريطانيا لكون أصواتهما كانت معارضة للانسحاب. . وتداعيات أخرى داخل ابريطانيا ستكون لهيئات المجتمع المدني مظاهرها المختلفة ..
أوربا اليوم أمام مرحلة جديدة لها ضريبتها الخاصة ستكون باهضة اذا تفكك الاتحاد الأوروبي بما قد يعيد التاريخ من باب ليس ذلك الذي عرف عن تشرشل و هتلر و موسوليني ودوغول ..