وكالين رمضان كانوا دائماً موجودين منذ وعيت ، في ستينيات وسبعينيات القرن الماضي اتذكر ان العديد من مفطري رمضان كانوا يرتكبون " معاصيهم " بشكل راق يفطرون في بيوتهم او ينتظمون في جلسات على شاطئ الأطلسي في حينا بالعكاري لا يستفزّون احدا ولا يبالي بهم أحد ، كل ما قد يصدر عن هذا الأحد لا يتجاوز عبارة : الله يهديهم ، كان هناك تعايش بين الملحد والمسلم ، كما ان مفطري ذلك الوقت كانوا في الغالب نخبة مشبعة بالثقافة اليسارية على عهد الاتحاد السوفياتي والعنفوان الشيوعي يومها كانوا مفطرين عن اقتناع ودون ضجة ولا أضواء ، وبالتالي لا يستقوون بالخارج على البلد ويحترمون الصائمين ، مفطري اليوم من هؤلاء " البعاليك " أحسنهم لا يملك مثقال ذرة من وعي وثقافة سابقيهم يريدون الأكل فقط وتمييع المجتمع والظهور كأقلية مضطهدة مستغلين في انتهازية فجة موضة العصر حيث الفعاليات الغربية تقيم الدنيا وتقعدها على مثلي واطئ ومفطر جاهل وأم عازبة حتى لا نسميها بالمصطلح الصحيح الذي ينطبق عليها ، في حين لا ترى في جوعى المخيمات وضحايا الحروب والأقليات المضطهدة فعليا كالروهينجا مثلا ما يستحق التعبئة والتعاطف الفعليين .
هذه الفئة المزعجة التي تصر على الافطار العلني وتسعى " لتدويل " سخافاتها أكيد ان أيا من أفرادها لايعرف شيئا عما يرصد التعارض بين التحريم في الفقه وانعدامه في روح النص القرآني ، والأكيد ان أيا منهم لا يفطر في الشارع في باقي الشهور باستثناء إشعال سيجارة بالديطاي في أحسن الحالات ، هؤلاء مجرد كومبارس موسمي يشتغل حسب الطلب ، ينتقلون من الدفاع عن المثلية الى حرية المعتقد وتبادل القبلات قبالة مجلس النواب ولا أعلم اي ميولات أخرى سيتبنون لإحقاقها متى تحرك التيليكوموند من الخارج ، نتذكر جميعا المناضلة التي انتقلت من مسرحية الافطار العلني بالمحمدية الى تبني حرية الرأي في التهكم من الرسول(ص)حيث وجدت ضالتها عندما تبنتها مجلة شارلي إيبدو حيث اشتغلت كمحررة قبل ان يتفجر الاختلاف بينها وبين ادارة الجريدة حول المبالغ الطائلة التي حصدتها الأسبوعية بعد ما تعرضت له ، وهكذا إذن فصناديد الدفاع من أجل حرية " القص " فروع لنفس النبتة ومخالب لأذرع خارجية هدفها خلخلة المجتمع تمهيدا لموسم الحرث السام .ذروة سنام النضال الإضراب عن الطعام وليس الاضراب من اجل الطعام .
المسألة ليست مسألة اعتراض على الإفطار في رمضان فهذا يدخل في باب الحرية الفردية والقناعات الشخصية والنظرة الشمولية الى الديانات ككل ، لكن طريقة مسخ النضال ورفع القبضات التي لا تصلح سوى للإطباق على علبة مشروب وساندويتش كقضية اولوية تتراجع أمامها امهات القضايا والمشاكل التي تشغل بال الكادحين وتنتظر رجالا صادقين لتبنيها وتفكيك مسبباتها وتطويق آثارها التي أثخنت منسيي الأمة المرابطين في قراهم وجبالهم النائية تتعاقب عليهم فصول الحر والقر وشح الطبيعة ورؤية فلذات الأكباد وهم يسلكون مسالك الدواب طيلة النهار للالتحاق بمدارس متهالكة وتجاهل ذوي القربى ، هذا ما يسقط هذا الصنف من المناضلين الذين يفكرون بمعدتهم في الخواء وتسفيه النضال وإعطاء الذرائع للمتربصين بالبلد من كل صنف في ظرف يتطلب التسامي على السفائف ورص الجبهة الداخلية تحسبا لما هو اكبر من المطالبة بالجلوس القرفصاء للمضغ والبلع في فضاء عام .
المهدي.